هل تدافع ايران عن حدودها على ابواب الفلوجة؟

أخبار العالم العربي

هل تدافع ايران عن حدودها على ابواب الفلوجة؟
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hpkk

مع مرور اليوم الخامس عشر لانطلاق معركة الفلوجة، لاتزال القوات العراقية في محيط المدينة، بعد ان حررت ناحية الكرمة شرقا والصقلاوية شمالا، ومنطقة النعيمية جنوباً.

من جانبه، وبعد ان اعلن العبادي قبل ايام، ابطاء الهجوم على الفلوجة لتقليل الخسائر بين المدنيين والقوات المسلحة، أصدر أمرا بإيقاف متهمين بـتهم" قتل وتجاوز" على المواطنين وممتلكاتهم خلال المواجهات الدائرة.

وأشار العبادي، في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، إلى أن تلك التجاوزات "ليست منهجية"، وشدد على ضرورة احترام حقوق الإنسان وعدم الاعتداء على المواطنين خلال المعارك.

في هذا السياق، نفى قائد عمليات الفلوجة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي أن يكون التنوع الطائفي والعرقي بين أبناء الأجهزة الأمنية المشاركة بالعملية العسكرية قد أدى إلى عرقلة أي جزء من خطط تحرير المدينة، كما نفى أيضا ما يتردد عن وجود خلافات بين القيادات العسكرية التي تقود العملية، وتحديدا بين الجيش والحشد الشعبي.

في هذه الاثناء، وفي تراجع عن تصريحات سابقة، قال هادي العامري قائد منظمة بدر إن "الحشد  الشعبي سوف لن يدخل الفلوجة ما دام فيها عوائل". واكد انه بعد خروج الأسر "سندخل ونطهر المدينة من شر هذه الغدة السرطانية ولا يمنعنا أحد".

وهكذا طغت الخطابات والحديث عن الممارسات والانتهاكات الطائفية على مجريات المعارك، بحيث اضطر رئيس الوزراء إلى الاعتراف بها، واتخاذ إجراءات للحد منها، وارسال وفود لبعض الدول العربية لشرح الموقف الرسمي مما يجري في محيط الفلوجة.

وقد وصل امس وزير الخارجية ابراهيم الجعفري ورئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم إلى مصر والتقى الوفد العراقي بالرئيس السيسي لهذا الغرض.

والسؤال الكبير الذي يطرحه مراقبون محايدون هنا هو: لو كانت بعض ‫فصائل الحشد الشعبي، التي تُنسب إليها تلك الانتهاكات والممارسات الطائفية، تريد تحرير ‫‏الفلوجة، لماذا ارتفعت حدة خطابها ‏الطائفي مع انطلاق المعركة؟ أما كان ينبغي لها ان تحرص على ان يكون اداؤها القتالي افضل حتى من اداء بعض وحدات الجيش والشرطة، حرصا على الوحدة الوطنية في معركة مهمة مثل معركة الفلوجة؟

من جانب آخر، أثار وجود سليماني، الذي يثير هو وإيران حساسية خاصة فيما يرتبط بالشعور الوطني العراقي، تتجاوز المسألة الطائفية لتبلغ الجانب القومي، وتعود ابعادها عميقا في التاريخ بين العراق وايران. ولا ادل على ذلك من هتاف الصدريين في الثلاثين من نيسان الماضي من داخل المنطقة الخضراء: "ايران برا برا" و"خل يسمع سليماني، هذا الصدر رباني".

واذا كان وجود سليماني يستفز النفسية العراقية الوطنية، لماذا الاصرار على نشر صوره قرب الفلوجة؟

‏تحرير الفلوجة بالنسبة لأغلبية العراقيين هو معركة وطنية تكتسب اهميتها بسبب رمزيتها التي ترسخت بعد 2003، وتحريرها اليوم من شأنه ان يبني العصب ‫الوطني الذي يرى كثيرون أنه تحلل بعد ذلك العام.

معركة الفلوجة، التي سماها هادي العامري المعركة الكبرى، هي هروب للأمام من صراع بعض فصائل الحشد مع بعضها البعض على أبواب الخضراء، إلى معركتها الأخرى على ابواب الفلوجة.. وهذا ما اكده، العميد إيرج مسجدي مستشار قاسم سليماني، قائلاً إن “دخول الحرس الثوري الإيراني بضباطه في معركة الفلوجة كان دفاعا عن إيران وحدودها”.

ومن هنا، يمكن فهم أهداف ظهور سليماني، وممارسات بعض فصائل الحشد الشعبي. وهي بالإجمال ليس فقط إعادة جمع شتات لفصائل الحشد الشعبي، التي تفرقت أو كادت فحسب، بل في إحداث فتنة بين الحشد والجيش، وبين الطرفين والعبادي أيضاً، فضلا عن وضع أهل الفلوجة بين خيارين، إما البقاء تحت نير داعش، أو القبول بواقع يرفضونه.

ورغم ان وجود سليماني، عادة ما يُفسر رسميا، عن اتفاق بينه وبين الحكومة، لكن  تبقى معركة الفلوجة الاختبار الحقيقي للعبادي، في قدرته على تحييد فصائل الحشد الشعبي بعيدا عن الحرس الثوري، وفي لجم الممارسات الطائفية لبعض فصائل الحشد.

إصرار العبادي على زيارة القطعات العسكرية في محيط الفلوجة أكثر من مرة، وبصبحة نواب ووزراء من اهل الفلوجة، واعترافه اخيرا بوقوع ممارسات وصفها بالمرفوضة، واتخاذه اجراءات للحد منها، كل هذا يعد دليلا على اصرار العبادي على النجاح في مهمته، ودليلا  اخر على امتعاض غير مباشر من وجود سليماني، او للتخفيف على الاقل من تداعياته على معركة الفلوجة.

وربما  قصد العبادي الاشارة الى ذلك حين قال" ان البعض يحاول أن ينقذ داعش في اللحظة الأخيرة وان يعرقل حركتنا باتجاه تحرير الفلوجة، ولكنهم فشلوا في تحقيق غايتهم”. واضاف ان الوطنية العراقية تجمعت في هذا الجهد الوطني لتحرير الفلوجة.

ختاما، يبدو ان ما شهدته معركة الفلوجة من ممارسات سلبية لن يؤتي أكله. لانه يعتبر سباحة ضد ‫تيار دولي واقليمي ومحلي، انطلق بعد اتفاق لوزان، يُريد ان يُعيد الدولةـ وينهي فوضى اللادولة، وان اصر البعض على السباحة ضده، فان ذلك سيكلفه الكثير.

عمر عبد الستار

 

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا