RT تجري حوارا خاصا مع سفير روسيا في سوريا

أخبار العالم العربي

RT تجري حوارا خاصا مع سفير روسيا في سوريا
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/reg4

أجرت قناة RT Arabic حوارا خاصا مع الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون تطوير العلاقات مع سورية، سفير روسيا الاتحادية لدى الجمهورية العربية السورية، ألكسندر يفيموف جاء فيه:

- في سياق الذكرى السادسة لانطلاق العملية العسكرية للقوات الفضائية الجوية الروسية في سورية، ما هو في رأيكم الحدث الأكثر تأثيراً على مجريات الوضع في مسرح العمليات العسكرية السوري بعد 30 سبتمبر 2015؟

 

- لا أود تخصيص حدث واحد بعينه في إطار الحملة السورية. سواء كان ذلك معركة لاستعادة السيطرة على بلدات هامة، مثل الغوطة الشرقية أو حلب أو تدمر أو دير الزور أو اية عمليات أقلّ حجماً، فهي جميعا كانت علامات فارقة متساوية من حيث الأهمية على طريق التحرير الكامل لسورية من الإرهاب، واستعادة وحدة أراضي الدولة السورية وسيادتها.

فمسلسل الكفاح من أجل تحقيق السلام على هذه الأرض العريقة لا يزال مستمرا، والذي بالمناسبة كانت الحلقة الجديدة، ولكن ليس المشهد الأخير فيه، الأحداث الدرامية التي شهدتها درعا البلد خلال الأشهر الأخيرة، حيث أظهر العسكريون الروس احترافية استثنائية، بما في ذلك مهارة التفاوض والشجاعة الفردية، ما أسهم بشكل حاسم في جهود إحلال السلام دون اللجوء إلى استخدام القوة، ونتج عن ذلك عودة هذه البلدة وعدد من المناطق الأخرى في جنوب الجمهورية العربية السورية تحت سيطرة الحكومة السورية.

 

- وما هي من وجهة نظركم النتائج السياسية الرئيسية للصراع في سوريا خلال هذه السنوات الست؟

 

- اعتقد أن الإنجاز الأهم هو مساعدتنا للسوريين ليس فقط في الذود عن وجود وكينونة الدولة السورية، بل وفي استعادة دمشق للسيطرة على الجزء الأكبر من تراب الوطن. 

فقد حالت هزيمة القوات الكبيرة للإرهابيين داخل الجمهورية العربية السورية دون انتقال التهديد الإرهابي من سوريا إلى دول أخرى في العالم العربي أو حتى إلى خارج حدوده، على سبيل المثال إلى روسيا، التي هي في الواقع قريبة جدًا جغرافيا من هذه المنطقة.

فضلا عن ذلك، تم بشكل حاسم إفشال مخططات القوى الخارجية الهدامة، التي وضعت، لدى محاولتها إنفاذ مصالحها الانتهازية، الرهان على التدخل في الشؤون الداخلية لسورية والإطاحة بحكومتها الشرعية باستخدام القوة.

على العكس من ذلك، على مدى السنوات التي مرت منذ بداية الأحداث السورية، تمكنت سلطات الجمهورية العربية السورية من إظهار نهج مسؤول تجاه حكم البلاد في خضم الأزمة الحادة، وبفضل ذلك، تمتعت على الدوام بالثقة الكاملة والدعم الواسع من السكان. كما أن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية هنا حتى في ظل ظروف الحرب كان بمثابة تأكيد واضح على كل ما ذكرناه، بغض النظر عما كان يقوله النقاد الغربيون. وأود التطرق وبشكل منفصل إلى الحملة الرئاسية (الانتخابية) التي جرت في شهر يونيو2021، والتي أظهرت نتائجها بشكل لا لبس فيه أنه على الرغم من كل المحاولات الرامية لبث الفرقة وتقسيم المجتمع السوري، إلا أن مواطني الجمهورية العربية السورية قد توحدوا وأعربوا عن استعدادهم لمواصلة المسير خلف زعيمهم بشار الأسد.

وبالمناسبة، لم تتحقق آمال كارهي دمشق والتي كانت ترمي لفرض العزلة الدولية على الجمهورية العربية السورية. ففي العامين الماضيين، وخاصة خلال عام 2021، كان من الواضح أن جبهة المقاطعة المجهزة بعناية ضد سوريا باتت تتفتق من كل الجوانب، وأن استعادة السوريين لمواقعهم في "الأسرة العربية" والمجتمع الدولي ككل ليست سوى مسألة وقت.

 

- بعد التدخل المباشر لروسيا وتحرير معظم أراضي سوريا من سيطرة جماعات المعارضة المسلحة الراديكالية، تم إطلاق صيغة أستانا، كما نجح مكون مهم وهو عملية حوار سوتشي، وبفضل جهود ضخمة بذلت تشكلت اللجنة الدستورية وبدأت عملها بالتنسيق الوثيق مع المبعوث الأممي الخاص لسورية، لكن مع ذلك لا تزال العملية السياسية برمتها تراوح مكانها: فما هي الأسباب الرئيسية للوضع الحالي برأيكم؟

 

- بالفعل، لا تزال صيغ التسوية السياسية في سوريا والتي ذكرتها، والتي بالمناسبة تم إنشاؤها بمشاركة روسيا بشكل مباشر، لا تزال تلعب دورًا مهمًا في تطبيع الوضع في الجمهورية العربية السورية، فضلاً عن إقامة حوار سوري داخلي شامل. فبدون ذلك من المستبعد تحقيق سلام واستقرار على المدى الطويل في هذا البلد.

في الوقت نفسه، لا تكتسب عملية التسوية السياسية في سورية زخمًا كبيرا في الوقت الحالي. هناك العديد من الأسباب لذلك، إذ أن حجم التناقضات التي تراكمت بين الطرفين المتنازعين كبير جدًا، ويحتاج الأمر بعضا من الوقت للوصول إلى مستوى من الثقة المتبادلة يكفي لمناقشتها بشكل بناء.

ويبدو واضحًا مدى صعوبة هذا العمل في مثال اللجنة الدستورية، حيث ظهرت العديد من الأصوات المتشككة بشأنها منذ تأسيسها. ومع ذلك، تواصل هذه الهيئة عملها، وقد أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا، غير بيدرسن، بالفعل عن عقد دورتها السادسة قريباً، وآمل أن اللجنة ستنجز إن عاجلاً أم آجلاً المهام الموكلة إليها.

يبقى التحدي الأكبر في هذه الحالة هو المحاولات المستمرة من قبل بعض الأطراف الخارجية للتدخل أو تعطيل المفاوضات السورية البينية بشكل أو بآخر. وهذا أمر غير مقبول قطعا، فالعملية السياسية يجب أن يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بدعم من الأمم المتحدة، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن رقم 2254. ولو كان جميع اللاعبين الأجانب قد اخذوا بعين الاعتبار المصالح الحقيقية للشعب السوري ولم يسعوا للدفع بأجنداتهم الخاصة باستخدام أيدي الآخرين، لكان الطريق إلى تسوية نهائية أسرع وأسهل بكثير.

 

- أحد شركاء روسيا في صيغة أستانا، أقصد إيران: هل هي حليف أم قوة تعقد مهام روسيا في سوريا في المستقبل؟ كثيراً ما نسمع أراء خبراء أنه بخلاف مسألة الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وضرورة حل الأزمة السورية داخليا بمشاركة السوريين أنفسهم، فإن موسكو وطهران لديهما عدد من التناقضات الكبيرة حول بعض الأبعاد الرئيسية للتسوية، فهل الوضع كذلك فعلا؟ 

- المزايدات حول وجود خلافات ما بين موسكو وطهران ليست أخبار جديدة بأية حال. إذ يتم نشرها بنشاط من قبل الحاقدين المهتمين في المقام الأول بدق إسفين بين بلدينا (روسيا وإيران) وحليفنا السوري المشترك. أنا شخصياً، على سبيل المثال، لستُ على علم بوجود أي تناقضات بين روسيا وإيران فيما يتعلق بالشأن السوري.

علاوة على ذلك، نحن نعمل من أجل قضية مشتركة في سوريا. فالجمهورية الإسلامية الإيرانية مثلها مثل روسيا موجودة هنا بشكل شرعي، بدعوة من السلطات السورية، ومثلها مثل بلدنا تساعد دمشق في حل المشاكل الملحة الناجمة عن الأزمة المستمرة منذ عدة سنوات.

هناك تفاعل مستمر بين موسكو وطهران على جميع المستويات، بما في ذلك المستوى الأعلى، فيما يتعلق بالشأن السوري، وهو يأتي بنتائج ملموسة، لذا لا أرى أي سبب للشك في ذلك. وسوف نستمر نعمل بنفس الروح.

 

- ليس سراً أن الشارع العربي ينظر بحساسية تجاه الضربات الصاروخية التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي على الأراضي السورية، في الوقت الذي نشرت فيه روسيا قواتها المسلحة في أراضي الجمهورية العربية السورية. نعم، الدفاعات الجوية السورية باتت معززة بشكل ملحوظ، بما في ذلك بعد توريد منظومات إس-300 وغيرها من المعدات العسكرية، وأصبحت تتصدى بكفاءة متزايدة للغارات الإسرائيلية. ومع ذلك، كيف تعلقون بشكل عام على الوضع القائم في هذا الصدد؟ هل يمكن أن تتغير قواعد اللعبة في مسرح العمليات العسكرية السوري بهذا الخصوص؟

 

- لقد قلنا مرارًا وتكرارًا أن الضربات الصاروخية الإسرائيلية على الأراضي السورية، والتي تطال أحيانًا مناطق سكنية في دمشق، غير شرعية تمامًا من وجهة نظر القانون الدولي. إن مثل هذه الغارات لا تنتهك سيادة الجمهورية العربية السورية فحسب، بل إنها تشكل أيضًا خطرًا على حركة النقل الجوي الدولية، بل وتزيد بوجه عام من حدة الوضع العسكري السياسي الملتهب أصلا حول سوريا.

يزعم الإسرائيليون أنهم يتصرفون هكذا لاعتبارات تتعلق بأمنهم، غير أن الهجمات التي يشنّونها هي في الواقع هجمات ذات طابع استفزازي واضح ولا تلبي بأي حال من الأحوال مصالح تحقيق السلام والاستقرار في الجمهورية العربية السورية. إن كل حادث من هذا النوع ليس مجرد تهديد لأرواح الأبرياء، ولكنه يمثل أيضًا خطرًا دائمًا باشتعال تصعيد عسكري لا يمكن التحكم فيه أو السيطرة عليه.

 

- في 14 سبتمبر من العام الجاري قام الرئيس السوري بشار الأسد بزيارة إلى موسكو، حيث استقبله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من المفهوم أن هذا اللقاء الأول للرئيسين خلال السنوات الأربع الماضية كان ضروريًا لضبط عقارب الساعة أو تنسيق المواقف، ولكن ما هي القضايا المحددة التي جرى تناولها خلال اللقاء، والأهم من ذلك، ما هي نتائجه؟

 

- أود أن أصحح لك على الفور وأنوه أن فلاديمير بوتين وبشار الأسد على اتصال دائم أكثر من ذلك. فقد تمت زيارة للزعيم الروسي إلى دمشق في يناير 2020 والتي يمكن وصفها بالتاريخية دون مبالغة. وفي نوفمبر من ذات العام عقد الرئيسان لقاء تفصيلياً عبر دائرة الاتصال المرئي. فضلا عن ذلك يجريان محادثات هاتفية باستمرار.

وبعبارة أخرى، يحافظ رئيسا روسيا وسوريا على حوار منتظم في جو من الثقة لتبادل وجهات النظر بشأن مجموعة كبيرة من القضايا الدولية والإقليمية وبالطبع تلك المتعلقة بالعلاقات الثنائية.

يحدد فلاديمير بوتين وبشار الأسد بشكل شخصي الموضوعات الأكثر أهمية والتي تمس مصالح بلدينا، وفي الحالات الضرورية، يقومان على مستواهما بصياغة القرارات الاستراتيجية ذات الصلة، كما حدث في هذه المرة.

 

- في سياق الحديث بين الرئيسين بدا لي أنه تم التركيز بشكل خاص على مشكلة وجود القوات الأجنبية في سوريا. هل يعني ذلك أن هناك إمكانية لتحقيق بعض التقدم فيما يتعلق بوجود القوات المسلحة الأمريكية شرق الفرات؟ أو هل من المقصود الوجود التركي فقط بالنظر إلى تطور الأوضاع في شمال سوريا؟

 

- قبل كل شيء، بودي أن أؤكد مرة أخرى على موقف بلدنا المبدئي بشأن هذه المسألة، ويكمن في أن وجود أي قوات أجنبية في سوريا دون موافقة حكومتها الشرعية ودون قرار الأمم المتحدة بهذا الشأن غير شرعي ويجب إنهاؤه.

أعلم أنه الآن يقارن الكثيرون الوضع في سوريا مع الوضع في بلد آخر، أحدث خروج القوات الأجنبية منه مؤخرا صدى واسعا. أفضّل ألا أفسر هذا الموضوع، لكنه يحفزنا للتفكير. هذا أمر مهم خاصة بالنسبة لأولئك الذين لا يزالوا يراهنون على الوجود اللانهائي للقوات الأجنبية في سوريا. وفي نظري هذا وهم خطير لا يتناسب إطلاقاً مع منطق المصالحة الشاملة داخل سوريا.

 

- ما هو تقييمكم للأوضاع في شمال سوريا، بما في ذلك مع أخذ وجود التشكيلات المسلحة هناك بعين الاعتبار، التشكيلات مثل ما يسمى بـ"الجيش الوطني السوري" أو "جبهة الإنقاذ الوطني" التي جرى تأسيسها بمساعدة مباشرة من قبل تركيا، وبشكل عام في ظل الواقع الاجتماعي والديموغرافي "الجديد" في هذه المنطقة؟

 

- أكرر مرة أخرى أن الاحتلال الأجنبي للأراضي السورية غير شرعي ويجب إنهاؤه. ولا تعترف روسيا بالطبع بأي وقائع اجتماعية ديموغرافية "جديدة" ناجمة عن ذلك.

أما بالنسبة لتركيا، فنبني تعاوننا مع أنقرة في المسار السوري دائما على أساس مبدأ احترام سيادة الجمهورية العربية السورية وسلامة أراضيها. ويتم التأكيد على ذلك دائما في كل من وثائقنا الثنائية وفي قرارات المشاركين فيما يسمى بـ"منصة أستانا" التي تشارك فيها إيران إلى جانب روسيا وتركيا.

وذلك هو موقف ينطلق منه بلدنا في الحوار مع الشركاء الأتراك، بما في ذلك على المستوى الأعلى، وأنا متأكد تماما من أن هذا الموضوع تمت مناقشته بشكل تفصيلي في المحادثات الأخيرة بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس رجب طيب أردوغان في سوتشي.

 

- وماذا عن منطقة إدلب؟ كيف ترى موسكو تسوية الوضع فيها؟ هل تدل الكثافة المتزايدة لغارات الطيران الروسي على مواقع المسلحين في منطقة إدلب، تدل على اشتداد رسائل مفادها ضرورة تغيير الأوضاع الميدانية الراهنة في هذه المنطقة؟

 

- تحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيويورك مؤخرا وبوضوح عن إدلب، قائلا بصراحة إن جماعة "هيئة تحرير الشام" المرتبطة بـ "جبهة النصرة" تصول وتجول هناك، وحددت قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بوضوح ماهية هذه المنظمات الإرهابية.

وننطلق من أن الإرهاب على الأراضي السورية يجب مكافحته بلا هوادة، خاصة وأن هذا المطلب ورد بشكل واضح في قرار مجلس الأمن 2254. وتعتبر أي محاولات لتبييض الإرهابيين بذريعة أنهم "المعارضة المسلحة" غير مقبولة.

بودي أن أذكركم بأن الاتفاقات الروسية التركية بشأن إدلب التي تم التوصل إليها على مستوى القمة في مارس/آذار عام 2020 في موسكو مكّنت من تثبيت تحرير الجيش السوري لمنطقة كبيرة في شمال غرب سوريا وذلك بدعم من قبل الطيران الروسي، كما ساعدت هذه الاتفاقات في تأمين حماية سكان إدلب وسكان المناطق المجاورة لها من أعمال الإرهابيين المتواجدين في منطقة إدلب.

كما تنص هذه الاتفاقات على مشاركة أنقرة في مكافحة الإرهابيين في إدلب وفصلهم عن أولئك الذين يتعاونون مع الجيش التركي. ومع ذلك وللأسف، تقوم أنقرة بتنفيذ هذه الاتفاقيات بوتيرة أبطأ مما نود.

على أي حال، علينا ألّا ننسى الهدف النهائي وهو ليس ضرورة القضاء على الإرهاب في منطقة إدلب فحسب، بل وضرورة استعادة سيادة السلطات الشرعية السورية على هذه الأراضي في أسرع وقت ممكن.

 

- صدر غير مرة، وليس فقط من جانب روسيا، الإعلان أن داعش في سوريا قد تم دحره، ولكن ما زالت خلايا التنظيم تنشط على أراضي البلاد رغم الضربات المنتظمة من قبل القوات الجوية الفضائية الروسية ومقاتلات التحالف الدولي. لماذا نشهد هذا الوضع وما هو السبيل للقضاء على خطر الإرهاب في سوريا؟

 

- تمكن الجيش السوري والقوات الجوية الفضائية الروسية من خلال أعمالهما المشتركة في حينه بالفعل من هزيمة داعش كقوة عسكرية منظمة في سوريا.

ما نشهده اليوم هو أنشطة مجموعات متفرقة من الإرهابيين تقوم بهجمات "جريئة" من الأراضي الصحراوية غير الخاضعة لسيطرة دمشق شرقي سوريا. كما تستمر العمليات القتالية ضدهم وهي ناجحة بشكل عام، وتتجلى في كشف وتدمير منتظم للجماعات المسلحة وممتلكاتهم.

ومع ذلك، في حال إعادة كامل أراضي البلاد إلى سيادة الحكومة السورية ستكون تدابير مكافحة الإرهاب أكثر فعالية، وستكون آفاق القضاء التام على فلول داعش أقرب إلى التحقيق.

 

- بعد بدء نقل الغاز المصري عبر سوريا إلى لبنان، أشار العديد من المراقبين إلى أن تنفيذ مثل هذه المخططات لا يمكن أن يتم إلا في سياق تفاهمات معينة بين روسيا والولايات المتحدة للتخفيف بشكل غير مباشر من سياسة الخنق الاقتصادي للدولة السورية من قبل الولايات المتحدة والدول الغربية. هل الأمر كذلك؟

 

- دعونا لا نستبق الأحداث. نقل الغاز المعلن عنه عبر سوريا لم يبدأ بعد. ومباحثات التنسيق ما زالت مستمرة. إذا تم تنفيذ هذا المشروع، فإنه لن يفيد فقط لبنان الذي يعاني من نقص في الوقود، ولكن سيفيد سوريا نفسها. وهذا أيضا مؤشر آخر على الانحسار التدريجي للعزلة السياسية الخارجية لسوريا وعلى تطبيع العلاقات العربية العربية.

الآن بقي القليل، أي أن يكتسب الغاء بعض القيود الأمريكية المفروضة على سوريا والتي يتحدث عنها الجميع في هذا السياق، أن يكتسب بالفعل صفة رسمية وأن يتم الالتزام به بالكامل.

 

- رغم أن سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي قد قال مؤخرا إن الأمريكيين يسعون إلى تقسيم سوريا، فهل من الممكن وصف التعامل بين روسيا والولايات المتحدة هنا - انطلاقا من اللقاء بين قائد أركان الحرب الروسية فاليري غيراسيموف ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مارك ميللي، وكذلك اللقاء بين نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين ومبعوث الرئيس الروسي لسوريا ألكسندر لافرينتيف ومسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي بريت ماكغورك وغيرها - كمحاولات لإيجاد حلول لقضايا قابلة للتسوية بين موسكو وواشنطن، مع تأجيل البت في التناقضات الأكثر حدة بينهما في سياق الأزمة السورية؟

 

- أستطيع أن أقول إن قنوات الاتصال التي جرى بناؤها مع الأمريكيين لتبادل الآراء والعمل المشترك في المسار السوري تعمل وتتيح معالجة العديد من الموضوعات الهامة على أساس ثقة متبادلة. وبفضل هذا بالذات تمكنا مثلا من التوصل إلى تفاهم في مجلس الأمن الدولي واعتماد القرار رقم 2585 بشأن صيغ تقديم المساعدات الإنسانية الخارجية للسوريين.

نتطلع إلى مواصلة الحوار البناء مع واشنطن والتنفيذ المنتظم لجميع التفاهمات التي تحققت في إطاره.

 

- كيف يقيّمون في موسكو الوضع الإنساني في سوريا؟ وهل من العدالة توجيه اتهامات للسلطات السورية بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق خارجة عن سيطرتها، ولا سيما في المناطق الكردية على الضفة الشرقية من الفرات؟

 

- لا يزال الوضع الإنساني في سوريا شديد الوطأة، والجميع يدرك ذلك جيدا. ومع هذا، فإن الاتهامات الموجهة في هذا الصدد للسلطات السورية الشرعية هي ذروة الوقاحة.

في الواقع، يعاني السوريون اليوم بشكل أساسي من إجراءات تقييدية أحادية الجانب ضد بلدهم، وهي إجراءات تحمل في طياتها طابعا غير إنساني وتعيق إعادة إعمار الاقتصاد السوري بعد الحرب، وتصعّب تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين، ويجري بحث هذا الأمر بشكل مباشر في الأمم المتحدة ومنظمات أخرى ذات الصلة.

إن التسييس وممارسة المعايير المزدوجة في سياق تقديم المساعدة الخارجية للسلطات السورية الشرعية هو مشكلة خطيرة بنفس القدر. ونقوم بتنسيق وثيق مع الشركاء في الرأي وندعو باستمرار للتخلص من هذه الأساليب المدمرة التي عفا عليها الزمن كليا.

من المؤشرات الهامة على هذا المسار اعتماد مجلس الأمن الدولي بالإجماع للقرار 2585 الذي أعدته روسيا والولايات المتحدة، والذي يضم في الأساس عددا من البنود الجديدة لتلبية احتياجات السوريين المتنوعة، ويقضي القرار بضرورة توسيع الأنشطة الإنسانية في سوريا من خلال تنفيذ مشاريع التعافي المبكر، بما في ذلك مشاريع المياه والطاقة وتأمين التعليم والرعاية الصحية وبناء المساكن.

من جانبها، تستجيب دمشق أيضا للواقع الإنساني المتغير. وهنا يوجد اهتمام كبير بإنهاء كامل لما يسمى بآلية المساعدة العابرة للحدود لتناقضها مع المعايير الدولية، وإعادة توجيه جميع المساعدات الإنسانية إلى الطرق داخل سوريا.

في هذا الصدد، وعلى عكس الادعاءات المعروفة، يُظهر السوريون حاليا تعاوناً كاملاً بهدف فتح الأبواب على مصراعيها أمام العاملين في المجال الإنساني بدمشق، بما في ذلك لتوفير وصولهم إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة، وضمنًا إلى مناطق شرق الفرات. يتم إصدار جميع التصاريح اللازمة على الفور للهيئات الإنسانية الأممية العاملة في سوريا، كما يتم تقديم أنماطا ممكنة أخرى من الدعم، ويمكن للهيئات الأممية تأكيد ذلك.

 

- ما الذي تفعله روسيا على صعيد تقديم الدعم لإعادة إعمار سوريا؟ في السابق تم الإعلان عن مبالغ كبيرة للمساعدات الروسية في هذا المسار، لكن ما الذي تحقق بالفعل؟

 

- تبذل روسيا جهودا مستمرة لتقديم مساعدة متعددة الأوجه للسوريين في إعادة بناء الاقتصاد الوطني وإزالة مختلف الآثار السلبية التي أفرزها الصراع المستمر في البلاد منذ أكثر من عشر سنوات. إن علاقاتنا التجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية الثنائية تعد إلى درجة كبيرة استمراراً وتطويراً للدعم الذي قدمته روسيا ولا تزال تقدمه لدمشق في المجال العسكري السياسي.

بعد أن وقفنا إلى جانب سوريا الصديقة في حربها ضد الإرهابيين ندعمها اليوم في حل المشكلات الأكثر حدة والتي تواجهها فيما يتعلق بعودة البلاد إلى الحياة السلمية وضمان استقرار الدولة السورية في ظل الضغوط السياسية والاقتصادية الشديدة على البلاد من الخارج وكذلك في ظروف جائحة COVID-19.

بالمناسبة، فمنذ البداية، قامت روسيا بتزويد الجمهورية العربية السورية بكل ما هو ضروري لمواجهة هذا التهديد العالمي، بما في ذلك إمدادها بشحنات من لقاحيْنا "سبوتنيك في" (Sputnik V)  و"سبوتنيك لايت".

في الوقت نفسه، وعلى الرغم من كل القيود التي تفرضها الجائحة والعقوبات يستمر العمل على تنفيذ مشاريع كبرى في مختلف قطاعات الاقتصاد السوري وذلك بمشاركة شركات روسية. ولا يقتصر هذا العمل على ضمان استمرارية مرافق البنية التحتية الحيوية لهذا البلد فقط، بل ويشمل أيضا تعزيز الإمكانات الاقتصادية للجمهورية العربية السورية بشكل عام.

والعلاقات التجارية في نمو بما في ذلك العلاقات الرامية إلى تلبية احتياجات السوريين الأكثر إلحاحًا. على سبيل المثال، تقوم روسيا هذا العام بتوريد كميات كبيرة من القمح إلى الجمهورية العربية السورية. وحسب التقديرات الأولية، ازداد إجمالي حجم التبادل التجاري مع دمشق في النصف الأول من العام الجاري بواقع 3.5 مرة.

كذلك نقوم وعلى نحو ليس أقل نشاطا، بعمل إنساني بحت، سواء كان في إطار ثنائي أو عبر مختلف الهيئات الأممية. أود الإشارة بشكل خاص إلى أن القوات العسكرية الروسية المتمركزة في سوريا تقدم إسهاماً كبيراً في حل المسائل المتعلقة بالمساعدة الإنسانية العاجلة للسوريين وذلك على كامل أراضي البلاد تقريبا، ما عدا استثناءات قليلة.

المصدر: RT

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا