وبدأت الخطوات العملية لاجتياح ليبيا

أخبار العالم العربي

وبدأت الخطوات العملية لاجتياح ليبيا
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hdyh

بعد إعلان المجلس الرئاسي الليبي عن تشكيلة حكومة الوفاق الوطني، بدأت الخطوات العملية للتدخل العسكري الأوروأطلسي في هذا البلد للمرة الثانية خلال 5 سنوات.

المجلس الرئاسي الليبي التزم فعليا بما تم الاتفاق عليه مع الأمم المتحدة، وتم إعلان تشكيل الحكومة في 14 فبراير/شباط الحالي. وبالطبع يجب دعوة مجلس النواب للتصويت على هذه التشكيلة. كل ذلك تم ليس بدون ضغوط غربية كادت تصل إلى حد التهديد. ومن جهة أخرى، لا تزال تتردد وعود الأطراف الغربية بضروة مساعدة ودعم هذه الحكومة، وإمكانية رفع حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.

في كل الأحوال، يمكن أن نتفاءل نسبيا بعد هذا الإعلان، ولكن يبقى تصويت مجلس النواب الليبي وتصديقه عليها. علما بأن هذه الحكومة هي عبارة عن تشكيلة مصغرة تم إعلانها بعد مهلة من مجلس النواب، وبعد أن رفض المجلس التشكيلة السابقة التي كانت تضم أكثر من 30 حقيبة وزارية. ما يعني أننا أمام إجراءات وتشكيلات غير مكتملة، ولكنها ضرورية لشرعنة بعض الأمور الأخرى التي تهم الدول الغربية.

التحليلات والتوقعات تتوالى بشأن اقتراب موعد التدخل العسكري الغربي في ليبيا وشكله وآلياته، وارتباط ذلك بتشكيل حكومة الوفاق الوطني. لقد ظهرت الآن الظروف الملائمة لبدء العملية العسكرية لحلف الناتو أو دول من أعضائه في ليبيا. وهي عملية لا يعرف أحد نتائجها وإلى ماذا يمكن أن تؤدي في كل دول شمال أفريقيا وبعض الدول الأفريقية الأخرى. الأمر الذي يسبب الكثير من المخاوف في دول الجوار بالدرجة الأولى. وبالتالي هناك أنباء حول حوار ساخن بين القادة العسكريين الغربيين بشأن شكل التدخل العسكري وآلياته، وإمكانية إشراك قوات عربية برية تحت غطاء طيران الحلف. وهو أمر يشبهه المحللون بما حدث عندما قامت مقاتلات الناتو بحماية المجاهدين التابعين لعبد الحكيم بلحاج وعبد الله ناكر وبقية قادة تنظيم القاعدة وعناصرها الذين كانوا يقودون غزوة "اقتحام الساحة الخضراء وقصر العزيزية".

لقد جرت لقاءات كثيرة، منها العلني ومنها السري، حول تنفيذ تلك العمليات العسكرية الأوروأطلسية. ففي فبراير الحالي عقدت لقاءات بين وزراء دفاع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (وزراء دفاع الدول التي من المحتمل أن تشارك في العملية الثانية)، وعقدت لقاءات أخرى سرية شارك فيها عناصر استخباراتية وعسكرية غربية.

لقاءات روما وبروكسل كانت في غاية الأهمية. فقد أعلنت إيطاليا، بعد اللقاء الاول، عن استعدادها لقيادة الحملة العسكرية الجديدة. وفي اللقاء الثاني (في بروكسل) جرى بحث موضوع صفة العملية: هل ستجري في إطار الناتو أم بشكل منفصل عنه؟! في الحقيقة، ستكون هذه العملية هي الثانية التي تنفذها دول أعضاء في الناتو في ليبيا، بعد تلك التي جرت قبل 5 سنوات وأدت إلى الإطاحة بنظام القذافي ودفع ليبيا إلى حالة واسعة من الفوضى التي تزداد وتتعمق عاما بعد عام.

إن واشنطن تؤيد هذه الفكرة وتروج لها بقوة. ويعتمد البعض في تحليلاته على التوجه الأمريكي الأوروبي بالتأكيد على أنه في حال لم يتفق الاوروبيون والأمريكيون على عمليات عسكرية في ليبيا، فستتحول هذه الدولة قريبا إلى المعقل الأساسي لتنظيم "داعش". وهو الأمر الذي يثير دهشة الخبراء والمراقين المتابعين للأزمة الليبية، الذي يرون أن ليبيا قد انهارت بالفعل، وتحولت إلى معقل لداعش وغيره من المنظمات الإرهابية، وبعلم الدول الغربية واستخباراتها. ولكن يبدو أن الطرف الغربي يحاول الذهاب إلى أبعد من ذلك. أو إذا شئنا الدقة والوضوح، فالطرف الغربي يمهد لحملة واسعد النطاق في كل دول شمال أفريقيا بآليات وأشكال متفاوتة ومتنوعة.

إن الحملة الإعلامية – الترويجية التي تعتمدها الولايات الوحيدة لتسويق سيناريو جديد يتعلق بمنطقة شمال أفريقيا وبعض الدول الأخرى في آسيا، بدأت بتحذيرات من مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية الجنرال فنسنت ستيوارت الذي شدد على تزايد وتيرة هجمات تنظيم داعش العابرة لحدود معسكراته، سعيا منه لتأجيج صراع دولي. وربط ستيوارت تحذيره بتمدد التنظيم في أكثر من دولة عبر تأسيس فروع في مالي وتونس والصومال وبنغلادش وإندونيسيا. بل وأكد أنه لن يندهش إذا وسع التنظيم عملياته من شبه جزيرة سيناء المصرية إلى مناطق أعمق داخل مصر، مضيفا أنه في العام الماضي ظل داعش متحصنا في ساحات المعارك في العراق وسوريا وتمدد على المستوى العالمي ليصل ليبيا وسيناء وأفغانستان ونيجيريا والجزائر والسعودية واليمن والقوقاز. وقال إن التنظيم "المتشدد" لا يصعد الصراع مع الغرب فحسب، بل أيضا مع أقليات مذهبية في المنطقة، مؤكدا أن الشرق الأوسط يواجه الآن تحديا من أكثر الفترات خطورة ولا يمكن التنبؤ بها.

البعض يرى أن الأوروبيين، في حال بدء العمليات العسكرية في ليبيا سيستخدمون التكتيك الروسي في سوريا. أي تقديم الدعم الجوي القوي للقوات البرية الموالية لحكومة الوفاق الوطني. وهذا بحد ذاته يتطلب ظهور تلك الحكومة الشرعية في ليبيا. ولكن لا توجد ضمانات إلى الآن بشأن إمكانية عمل هذه الحكومة، لأن الغرب دق العديد من الأسافين حتى من قبل إعلان تشكيل الحكومة. وأهم هذه الأسافين أنه ضغط من أجل تولي العقيد المهدي البرغثي حقيبة وزارة الدفاع، وهو العسكري الذي انشق عن قوات حفتر. ما يؤكد نوايا الأطراف الغربية إبعاد الفريق خليفة حفتر من الشهد السياسي. وهذا بحد ذاته قنبلة موقوتة ستنفجر في شكل صدامات قبلية واسعة النطاق.

ليبيا اليوم مقسمة إلى ولايات ومناطق، منها التابع للخلافة الداعشة، ومنها التابع للقاعدة، ومنها التابع لأمراء الحرب الذين يعملون وفق سيناريوهات سريعة ومتحركة لمساعدة هذا الطرف أو ذاك لتوسيع مساحة الفوضى والمزيد من خلط الأوراق. فهناك 3 ولايات مستقلة عمليا عن بعضها البعض وهي برقة وطرابلس وفزان. هناك أيضا بنغازي التي لا يعرف أحد كيف سيتم التعامل معها فيما بعد. إضافة إلى ولاية درنة الإسلامية، وبعض المناطق في الجنوب الليبي التي استقلت عمليا لأسباب عرقية – طائفية بمساعدة فرنسا.

من جهة أخرى، يتحدث الكثير من التقارير عن وجود خطة تتلخص في إرسال قوة بريطانية وإيطالية يبلغ عددها 6 آلاف شخص، غالبيتهم من المستشارين والمدربين. وإذا كان هذا الكلام يقارب الصحة، فإنه في الوقت نفسه يبرر وجود 1000 جندي من القوات الخاصة البريطانية في ليبيا للتحضير لعملية مكافحة إرهاب كبيرة، ليس بالضرورة أن تشارك فيها قوات برية أوروأطلسية، بقدر ما ينبغي أن تشرف على العملية وتحميها بغطاءات جوية وسياسية. وبالتالي، فهي بحاجة إلى حكومة أو حتى شبه حكومة شرعية. وحتى إذا لم تتمكن هذه الحكومة من العمل، فسوف تتواصل السيناريوهات الغربية بشأن ليبيا.

أشرف الصباغ

(المقال يعبر عن رأي الكاتب)

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا