حرب هجينة على روسيا من بعض منظريها  في الداخل!

أخبار الصحافة

حرب هجينة على روسيا من بعض منظريها  في الداخل!
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/ne5n

تحت العنوان أعلاه، كتب المحلل السياسي رامي الشاعر في صحيفة "زافترا" عن حرب هجينة على روسيا، من بعض منظريها في الداخل!

يقول الشاعر، إن صحيفة "فزغلياد" الروسية نشرت مقالا يحمل عنوان "ظهور محور معاد لتركيا في الشرق الأوسط"، استند فيه كاتب المقال، لظهور هذا المحور، إلى افتتاح السفارة الليبية في دمشق من قبل ممثلي المشير، خليفة حفتر، الذي تدعم تركيا خصومه في ليبيا.

ما يثير الدهشة في المقال هو مضمونه، الذي اعتبر أن هذا الحدث تاريخي، لأنه يشير إلى ظهور خط/محور لدعم المشير حفتر، ليس فقط من الحكومة السورية، وإنما أيضا من روسيا. ولم يتوقف الكاتب عند هذا الحد، بل ذهب إلى الحديث عن ظهور ما يشبه التحالف المناهض لتركيا في الشرق الأوسط!

ولك عزيزي القارئ أن تتصور باحثا في معهد الدراسات الشرقية، التابع لأكاديمية العلوم الروسية، يعتقد أن روسيا يمكن أن تشارك في تحالف مع المشير حفتر، والحكومة السورية، ضد تركيا. وهو أمر أجده مستحيلا للأسباب التالية:

أولا: روسيا لا تدعم أي طرف من أطراف النزاع في ليبيا، وإنما تسعى إلى التوصل إلى اتفاق بين هذه الأطراف تحت مظلة جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن. كذلك فإن روسيا تبقي على وضع السفارة الليبية في موسكو عند مستوى القائم بالأعمال، وتتجنب أي تغييرات في ذلك، على الرغم من محاولات ليبية مختلفة للتغيير أو اعتماد سفير.

ثانيا: روسيا لا تدخل في تحالفات مع أي دول أو أطراف ضد دول أخرى، بل تستند دائما إلى مفاهيم وقوانين الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي في حل أي خلافات دولية، وليست هناك سابقة تاريخية واحدة خالفت فيها روسيا هذا التقليد.

ثالثا: تسعى روسيا إلى تقديم الدعم والمساعدة لكل من سوريا وليبيا من أجل الخروج من أزمتهما، ولا شك أن خطوة مثل افتتاح سفارة ليبية في هذا التوقيت تقوض الجهود الروسية، وتعقد الأمور، بل وتضر بالحكومة السورية قبل أي شيء آخر. وفوق هذا وذاك، تعد الخطوة دليلا على أن البعض في دمشق لا يقدر أبعاد الموقف المعقد أصلا، ولا التبعات السياسية السلبية على ليبيا والدول العربية والأمم المتحدة جراء تلك الخطوة، ويراهن على مخاضات استفزازية ومعقدة لا تهدف سوى إلى الالتفاف حول الخطوات العملية الضرورية للبدء بعملية الانتقال السياسي والتعديل الدستوري، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، والتي كان من الأجدى أن توليها الحكومة السورية الأولوية القصوى.

أما فيما يخص كاتب المقال، فنصيحتي المخلصة إلى كل من يرغب في التعبير عن آرائه في شأن القضايا الدولية الشائكة، أن يلمّ بالتصريحات الرسمية الصادرة عن الكرملين والخارجية الروسية أولا، ويتمعن في مضامينها بدقة وعمق ثانيا، ثم ينقلها بعد ذلك بشفافية وصدق. ذلك أننا نمر بمرحلة شديدة الحساسية، تتعرض فيها روسيا إلى هجوم إعلامي شرس في إطار ما يسمى بـ "الحرب الهجينة" Hybrid warfare (استراتيجية عسكرية تجمع ما بين الحرب التقليدية والحرب غير النظامية والسيبرانية)، تهدف إلى تشويه السياسة الخارجية الروسية، وكل الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها وزارة الخارجية الروسية، بينما تستخدم الآلة الإعلامية الخارجية، مع الأسف الشديد، الكثير من المقالات الصادرة في الصحف الروسية نفسها، بعد ترجمتها وإضافة بعض التعليقات البسيطة، كسلاح يخدم أهدافها المعادية لروسيا.

أسوق هنا، على سبيل المثال، المادة التي نشرها موقع "بروكار برس"، بعنوان "خيارات الكرملين الصعبة في مواجهة أردوغان"، والتي بدأها بأهم المقالات التحليلية في الصحافة الروسية، ثم نشر بعد ذلك مقال من صحيفتي "فزغلياد" و"كوميرسانت" يحملان عنوان "من أجل فهم تصرفات أردوغان في سوريا يجب على موسكو أن تتذكر أوكرانيا وعام 2014"، ثم نشر الموقع أيضا مقالات من صحف "برافدا" و"نوفايا إزفستيا" و"فوينو بروميشليني كورير". ثم ذيّل الموقع هذه المقالات بالتعليق التقليدي "هيئة تحرير بروكار برس غير مسؤولة عن فحوى الآراء المطروحة في المقالات الروسية، التي ترجمتها وحدة الترجمة دون أي إضافة".

حقيقة، وبعد اطلاعي على المادة الروسية المترجمة، لم تعد هناك أي حاجة لإضافة أي شيء ممن يستهدف تشويه السياسة الروسية، فما ورد في تلك المادة من تخبط في الآراء والتحليلات والمعلومات المخالفة للواقع، والتي تشوه الجهود التي تبذلها القيادة الروسية في حل الأزمات المختلفة، يكفي ويزيد.

قد يقول قائل أن ذلك إنما يعبّر عن أجواء حرية الصحافة والتعبير، التي تتمتع بها روسيا اليوم، وتلك حقيقة، وأنا لا أنتقد هنا الصحافة. لكن ما أستغربه من بعض الأكاديميين والمحللين، بل والمختصين في شؤون الشرق الأوسط، هو محاولة الاجتهاد دون استناد إلى المعلومات الدقيقة والحقيقية والوافية، والتأثر بمصادر تفتقد الدقة والمصداقية، أحيانا ما تتعمد تشويه الحقيقة في زمن تلعب فيه الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في التأثير على الأحداث التي تعصف بالعالم. يحدث ذلك في وقت يتعيّن فيه أن يبذل هؤلاء قصارى جهدهم في مجابهة إعلام "الحرب الهجينة"، ومحاولة توضيح الصورة الحقيقية والواقعية قدر الإمكان، ما يمكن أن يساهم بخلق مؤثرات إيجابية على صانعي القرار على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي، بدلا من استخدام الإعلام في تأجيج الصراعات، وتصعيد التوتر الدولي وإضرام مزيد من النيران في منطقة مشتعلة بالأساس.

 بقلم الكاتب والمحلل السياسي رامي الشاعر

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

تويتر RT Arabic للأخبار العاجلة
موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا

لحظة بلحظة.. القمة العربية في البحرين 2024 (فيديو)