بونجور سيادة الرئيس!

أخبار الصحافة

بونجور سيادة الرئيس!
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/mact

لا شيءَ يوحي بالحيرة أو الارتباك على وجه بريجيت ماكرون، التي استَبَقَتْ زوجَها لاستقبال الرئيس فلاديمير بوتين عند مدخل قلعة بريغانسون.

لا شيءَ يوحي بالحيرة أو الارتباك على وجه بريجيت ماكرون، التي استَبَقَتْ زوجَها لاستقبال الرئيس فلاديمير بوتين عند مدخل قلعة بريغانسون.
المصورون سارعوا لالتقاط الصور لسيدة فرنسا الأولى، التي لم تُبْدِ امتعاضا، بل رسمت ابتسامةً على وجهها، وحتى إنها حيَّت بعضَهم قبل أن تعودَ إلى داخل القلعة بعد إخبارها عن تأخرِ الرئيس الروسي قليلا.
خروجُ بريجيت ماكرون أمام عدسات الكاميرات ليس مصادفَةً، إذ إن هذه هي المرةُ الاولى التي تظهر فيها بعد إجرائِها عمليةً جراحيةً أشرف عليها أفضلُ أطباءِ التجميل الجراحي في فرنسا... وربما أرادت أن يقيِّمَ الشعبُ الفرنسي عاليا وجهَ السيدة الأولى البالغةِ من العُـمُرِ ستةً وستين عاما.
يُسمع في الأفق صوتُ هديرِ محركاتِ مِروحياتِ "مي-ثمانيةٌ" الروسية، ما يعني أن الرئيسَ بوتين والوفدَ المرافقَ له قد وصل، وعلى الرئيس إيمانويل ماكرون وحرمِه الخروجُ لاستقبال الضيفِ الكبير.
يعود تاريخُ قلعةِ بريغانسون، التي تقع على شاطئ البحرِ الأبيضِ المتوسط جنوبَ فرنسا، إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وفي مطلَعِ القرنِ السابعَ عشَرَ فقط أعيد تحصينُها لتَغْدُوَ أحدَ الأماكنِ المفضلة لملوك فرنسا، ولتتحولَ فيما بعد إلى نقطة عسكرية، إلى أن أصبحت مقرَ الإقامةِ الصيفيَّ للجنرال شارل ديغول عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثمانيةٍ وستين.
بعد ديغول، قلةٌ من رؤساء فرنسا أثارت القلعةُ اهتمامَهم، بيد أن بريجيت ماكرون غيرت هذا التقليد، وحتى إنها طلبت من زوجها أن يبنيَ في واحة القلعة مسبحا. غير أن الامرَ أثار جدلا على الصعيدين الشعبي والرسمي، ولعل الرئيسَ الفرنسيَ تخلى عن هذه الفكرة لمعارضةِ غالبيةِ الفرنسيين بناءَ المسبح، خوفا من أن يغيرَ معالمَ الحصن التاريخية.
يدخل الرئيس بوتين القلعةَ وفي يده باقةُ وردٍ بالطبع هي للسيدة بريجيت، التي ربما انتظرتها لكنها لم تنتظر قبلةً طبعها بوتين على خدها قبل أن ينبريَ لمصافحة الرئيس ماكرون.
بريجيت ماكرون تقف على يسار زوجها ليكونَ بوتينُ على اليمين عند التقاط الصورة التَذكاريةِ التاريخية... كيف لا والرئيسُ الروسي لبى دعوةَ نظيره الفرنسي في أصعبِ مرحلةٍ يواجهها منذ توليه السلطةَ في البلاد، حيث وصلت شعبيته إلى أدنى مستوىً لها. وتريد بريجيت ماكرون أن يحققَ زوجُها مكاسبَ تعيد له هيبتَه في أعين الفرنسيين، وهي لا تُخفي أنها تعيش حياةَ زوجِها لحظةً بلحظة، وتتابع معه جميعَ المِلفاتِ الداخلية والخارجية. لذا، هي تدرك تماما ماذا يعني ثِـقَـلُ بوتينَ الرجلِ والسياسي وحتى العسكريِ القوي.
لم يُخفِ الرئيس ماكرون حَفاوتَه بالرئيسِ فلاديمير بوتين خلال اللقاء. حفاوةٌ يريد أن تنعكسَ على مِلفاتِ الخلاف بين البلدين، لكي يتمكنَ من نقل ما يتمُّ التفاهمُ عليه مع بوتين إلى قادةِ مجموعةِ السبع الكبرى، التي ستحتضن قمتَها فرنسا بعد خمسة أيام من لقاء الضيف الروسي.
أيضا ماكرون يريد عودة روسيا الى مجموعةِ السبع الكبرى لتصبحَ ثمانيا من جديد، غير أنه ربط هذا الامر بتسوية الازمة في جنوبِ-شرقِ أوكرانيا. لكنَّ بوتين، وردًا على سؤال أحدِ الصِحافيين الفرنسيين، قال إنه ليس في عجلةٍ من أمره للعودة الى نادي الدول الصناعية الكبرى. ومن جديد دعا قادةَ المجموعة الى موسكو بعد تغيبهم عن القمة التي كان من المنتظر أن تستضيفَها مدينةُ سوتشي على شاطئ البحر الأسود.
بوتين أيضا رد على قلق الرئيس ماكرون إزاءَ الوضع الإنساني في مدينة إدلب السورية، ورغبتِه في أن تتوقفَ هجمات الجيش السوري هناك، مؤكدا أن العملياتِ العسكريةَ ضد الجماعات الارهابية ستستمر، وأن اتفاقَ سوتشي المتعلقَ بهذه المدينة لم يتضمن حماية الجماعات الارهابية.
تحدث بوتين وماكرون قُرابةَ الساعة أمام وسائل الإعلام. 
وفي الهواء الطَّلْق، لم يستثنيا أيًا من المِلفات الحساسة، التي تُهم البلدين، وخاصة تلك المختلَفَ عليها.
من جانبه، أكد ماكرون، في صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي Facebook، أن روسيا دولةٌ أوروبيةٌ أصيلة، حيث يبدو التقدمُ في التطور الاقتصادي والسياسي واضحا للعِيان.
وأعرب الزعيم الفرنسي عن اعتقاده بضرورةِ إقامة عَلاقاتٍ مبنيةٍ على الثقة بين موسكو والاتحاد الأوروبي.
اللافت في هذه الزيارة ليس ما قاله الرئيس بوتين، الذي لم يُنتظر منه قولُ غيرِ ما اعتاد على قوله، ولا ما قاله ماكرون الذي أراد التقاربَ أكثرَ مع الرئيس بوتين، بل السيدةُ الأولى بريجيت ماكرون، التي تحرِصُ على تقديم زوجها الشاب بأنه الرجلُ القوي في فرنسا، لكنها قد نسيت أن الشيخوخةَ قد دبَّت بسياسات فرنسا منذ زمن طويل بعد أن أصبحت تقف في الصف الثاني خلف الولايات المتحدة الامريكية... لذلك يا سيدةَ بريجيت لا يمكن لأي عملياتِ تجميلٍ أن تغيرَ واقعَ الشيخوخة التي أصابت الجُمهوريةَ الخامسة.


حسن نصر، مارسيليا – فرنسا

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

تويتر RT Arabic للأخبار العاجلة
موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا