عن خطر الاستفتاء وقوته الملزمة

أخبار الصحافة

عن خطر الاستفتاء وقوته الملزمة
استفتاء كاتالونيا
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/jcc9

تشير "نيزافيسيمايا غازيتا" في افتتاحيتها إلى أن السلطات توافق على إجراء الاستفتاءات فقط عندما تكون على يقين من انتصارها.

جاء في المقال:

وضع استفتاء كتالونيا السلطات الإسبانية في موقف محرج، ليس فقط لأنها سمحت لنفسها باستخدام القوة، وهو ما ستستخدمه سلطات الإقليم كورقة سياسية.

فمدريد لا يمكنها الاعتراف باستفتاء كاتالونيا لتعارضه مع الدستور الإسباني. كما أنها في الوقت نفسه لا يمكنها تجاهل رغبة الجزء الأكبر من سكان الإقليم، الذين على الرغم من منع الاستفتاء واستخدام الشرطة الهراوات شاركوا في عملية التصويت. وإن اعتبار عملية التصويت استفتاء يعني الاعتراف بنتائجه كقوة ملزمة. في حين أن مدريد ليس لديها مصطلح آخر مكافئ.

هذا، وقبل ثلاث سنوات، حددت نتائج الاستفتاء مسألة استقلال اسكتلندا. فبموجب الدستور، لم يكن لبرلمانها الحق في إجراء استفتاء بشأن مسألة الاستقلال. بيد أن رئيس الحكومة البريطانية آنذاك ديفيد كاميرون منحه الحق في إجراء الاستفتاء بعد توقيع اتفاق أدنبرة (أدنبرة هي العاصمة الاسكتلندية)، وخاصة أن كاميرون كان يعتقد أن لندن ستربح الاستفتاء استنادا إلى نتائج استطلاعات الرأي. وبهذا أراد حل هذه المسألة حلا نهائيا وإلى الأبد، وقد تحقق له ذلك.

عن خطر الاستفتاء وقوته الملزمةاستفتاء اسكتلندا

أما السلطات الإسبانية، كما يبدو، فلم تكن واثقة جدا بنتائج استفتاء شرعي. لذلك لم تمنح البرلمان الكتالوني أي حقوق إضافية. وهي وضعت نصب عينيها نتيجة الاستفتاء بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث كان كاميرون واثقا من النصر، لكنه خسر الرهان وجاءت النتائج بعكس توقعاته. وقد عُد هذا الاستفتاء شرعيا لأنه يعبر عن إرادة الشعب، ولذلك لم يجمد البرلمان عملية خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

وبالطبع، ليس هناك آلية أكثر ديمقراطية من الاستفتاء، وفي الوقت نفسه ليس هناك أداة أكثر خطورة على السلطة من الاستفتاء. ويمكن توضيح ذلك بأن السلطات توافق على الاستفتاء، أو حتى تكون هي التي تبادر إلى إجرائه عندما تكون واثقة من أن نتائجه ستكون لمصلحتها. فمثلا رفضت هولندا ولوكسمبورغ مشروع دستور الاتحاد الأوروبي بموجب نتائج الاستفتاء، وحل محله اتفاق لشبونة، الذي وافق عليه برلمانا الدولتين، ولم يجازفوا بإجراء استفتاء جديد بشأنه.

كذلك، فإن (الرئيس الروسي آنذاك) بوريس يلتسين استخدم نتائج الاستفتاء، الذي أجري يوم 25 أبريل/نيسان عام 1993، لإضفاء الشرعية على مواجهاته مع مجلس السوفييت الأعلى (برلمان الاتحاد السوفييتي). والرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو الآخر استخدم في السنة الحالية الاستفتاء بشأن التعديلات الدستورية، التي تمنحه صلاحيات واسعة في ظروف حالة الطوارئ المعلنة بعد فشل المحاولة الانقلابية. ولو كانت الظروف السياسية مغايرة لما لجأ يلتسين أو أردوغان إلى الاستفتاء.

وإن الجدل بشأن إجراء الاستفتاء أو عدم إجرائه يمس الأسس الفلسفية للمجتمعات والدول الديمقراطية، لأنه ليس لديها مصدر آخر للسلطة، غير التعبير عن ارادة الشعب. وفي هذه الدول يُسمح بإدخال تعديلات على القرارات المتخذة، بل ويشجع عليها، لأن المواطنين قد يكونون أخطأوا في اختيارهم. لذلك، فإن هذه القرارات يسري مفعولها فترة محددة من جانب، ومن جانب آخر توجد كآلية رادعة للمؤسسات.

كما أن هناك قرارات تتخذ في المجتمعات الديمقراطية بمفعول يسري فترة طويلة، بعد أن تؤخذ بالاعتبار جميع الحوادث المتوقعة والحالة العاطفية المعبرة عن نضجها. وتستطيع السلطة مثلا بعد كل عملية إرهابية الإعلان عن إجراء استفتاء بشأن إعادة العمل بعقوبة الإعدام، حيث ستصوت الغالبية بـ "نعم". بيد أن السلطة المسؤولة لن تفعل ذلك، لأن الحديث هنا يمس المبادئ الأساسية للمجتمع.

وللسبب نفسه، لا تمنح الحكومات للأقاليم حق إجراء استفتاء بشأن الاستقلال، لأن وحدة أراضي الدولة تعدُّ اتفاقا أساسا، في حين أن مطلب الاستقلال هو مطلب ظرفي، لذلك يحظى بالشعبية. وقد اعتادت السلطة على استخدام الظرفية، وليس معارضتها.

ترجمة وإعداد كامل توما

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

تويتر RT Arabic للأخبار العاجلة
موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا

مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل ورفاقه في مدينة تبريز