"أرجوحة" أزمة قره باغ

تحت العنوان أعلاه، كتب سيرغي ماركيدونوف في "كوميرسانت" حول تسوية النزاع الرئيسي في القوقاز بين أرمينيا وأذربيجان على منطقة قره باغ الجبلية.
وجاء في المقال:
"على هامش الاجتماع الوزاري السادس والعشرين لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي في براتيسلافا، جرت جولة أخرى من جولات المفاوضات بين وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان. كان اللقاء بين زوغراب مناتساكانيان، وإلمارا ماميدياروفا هو الخامس على التوالي في عام 2019، وذلك بالإضافة إلى اجتماعات الرئيسين، نيكول باشينيان وإلهام علييف، والاجتماعات مع أرفع مسؤولي حكومات مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي والزيارات الإقليمية للوسطاء الدبلوماسيين. أي أن هناك تكثيفا واضحا لعملية التفاوض حول القضية، لكن مشكلة واحدة لا زالت تواجه المسألة، هي أن "كم" اللقاءات والزيارات والمفاوضات لم تتحول إلى "كيفٍ" عملي لحل نزاع قره باغ.
فأطراف النزاع لا زالوا غير مستعدين لتقديم تنازلات بشأن جميع القضايا القائمة (الوضع المستقبلي لقره باغ، وإنهاء احتلال المناطق المحيطة بمنطقة قرة باغ الجبلية المستقلة ذاتيا، وعودة اللاجئين). وعلى الرغم من مرور 25 عاما على بدء تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار دون سقف زمني في قرة باغ، في مايو الماضي، إلا أن هناك انتهاكا مستمرا لوقف إطلاق النار، بينما تتحرك "أرجوحة الأزمة"، ويتأزم الوضع على خط النار كلما بدأت المفاوضات.
لكن ذلك ليس مصدر التهديد الوحيد، فاندلاع مواجهات عسكرية على طول الحدود الأرمينية خارج منطقة قره باغ قد يخلق تهديدا مباشرا أو غير مباشر لمعاهدة الأمن الجماعي. وفي يوليو 2019، تم الاحتفال بالذكرى السنوية العاشرة لنشر "المبادئ الأساسية" التي أوصت بها مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي الأطراف المتنازعة بالتوصل إلى اتفاق حول الأزمة. ومع ذلك لم تتخذ خطوات مهمة لتنفيذ التدابير التي اقترحتها يريفان وباكو.
لكن ذلك لا يعني أن المفاوضات الجارية والاجتماعات الميدانية بلا جدوى، بل يعني أن تلك الفعاليات ذات كفاءة منخفضة، نظرا لعدم إظهار الجانبين إرادة سياسية كافية للتوصل إلى حل وسط، كما أن أيا منهما لا يمتلك من الموارد ما يوفر له تفوقا ساحقا، لذلك تتواصل حالة "أرجوحة قره باغ" التي تتناوب فيها الأزمة بين اللقاءات الدبلوماسية، واختبار اللجوء للقوة.
في ظل ذلك يصبح من الهام جدا كيفية إدارة الصراع، فإذا لم تكن هناك إمكانية لتحقيق السلام في المستقبل المنظور، فإن تراجع الأطراف عن "خط الاتصال"، ومنع اندلاع المواجهات والحفاظ على الحوار هو نتيجة جيدة، تحافظ على تفاعل ما للأزمة، بديلا عن تجميدها.
ومن دون حد أدنى من الثقة بين الأطراف، يبدو من المستحيل إجراء حوار بناء لحل النزاع، ولتحقيق ذلك الحد، تبرز الحاجة إلى عمل مضن، وهو أمر لا يمكن تصوره، دون اجتماعات منتظمة، ومؤتمرات قمة، وجولات مفاوضات".
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب