عن ازدواجية سياسات برلين تجاه موسكو

أخبار العالم

عن ازدواجية سياسات برلين تجاه موسكو
مقالات رأي
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/htt5

يطل علينا وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير كل بضعة أيام، تارةً لينتقد المناورات العسكرية التي يجريها الناتو في أوروبا الشرقية، متهما الحلف "بالتحريض على الحرب" مع روسيا

وتارةً أخرى، ليدعو إلى إجراء مباحثات بناءة مع روسيا الاتحادية بشأن الهيكل الأمني الأوروبي، وذلك بعد قمة حلف الناتو التي عُقدت في وارسو يومي الجمعة والسبت الماضيين.

غير أن هذه التصريحات الألمانية المصنفة ضمن خانة "الدبلوماسية"، بالإضافة إلى دعوات رفع العقوبات عن روسيا، لا تتطابق مع الإجراءات الفعلية على الأرض.

فرغم خسائر الأوروبيين، والتي تجاوزت 4 مليارات يورو، وخاصةً في القطاع الزراعي الذي فقد سوقه الرئيسة، مدد الاتحاد الأوروبي – بموافقة حكومة ألمانيا - العقوبات الاقتصادية على روسيا حتى شهر كانون الثاني/يناير 2017.

في حين أن الدولة الأوروبية الوحيدة التي اتخذت إجراءاً فعلياً نحو رفع العقوبات عن موسكو كانت قبرص؛ حيث دعا برلمان البلاد إلى رفع العقوبات المفروضة من جانب الاتحاد الأوروبي على روسيا، والتي رأى أنها "تؤدي إلى نتائج عكسية". 

وصوتت غالبية النواب القبارصة (33 من أصل 56) لمصلحة رفع العقوبات، في حين امتنع عن التصويت نواب حزب "ديسي" الحاكم وعددهم 17 نائباً.

وبينما تعهدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بتقديم الدعم الألماني اللازم لخطط نشر الألوف من قوات حلف الناتو في بولندا ودول البلطيق بحجة ردع "الخطر الروسي" المزعوم. يبدو أن واشنطن لا تزال قادرة على التهويل وحشد الدعم الأوروبي، ولا سيما الألماني، وتصعيد حدة التوتر عبر نشر منظومات عسكرية استراتيجية في رومانيا وبولندا، مثيرةً بذلك، أحداثا مشابهة للحرب الباردة.

ومن المتوقع أن يرسل حلف الناتو أربع كتائب قتالية إلى كل من بولندا وليتوانيا ولاتفيا واستونيا. ورجحت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن يصل عدد أفراد الكتائب إلى أربعة آلاف جندي مقسمة بين واشنطن وبرلين وحلفائهما.  

ومن المقرر أن تقود ألمانيا كتيبة عسكرية في ليتوانيا؛ حيث قالت الرئيسة الليتوانية داليا غريباوسكايتي إن برلين ستساهم بأكبر عدد من الجنود في بلادها، في حين ستكتفي الدول الأخرى بعشرات الجنود.

هذه الإجراءات العسكرية، بالإضافة إلى الحملة الاقتصادية والسياسية ضد روسيا، والتي بدأت قبل عامين على خلفية الأزمة الأوكرانية، تُعدُّ تصعيدا استثنائيا من قبل القوى الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة، وبدعم ألماني كامل.

والهدف من ذلك هو تهديد روسيا عبر تعزيز قوات حلف شمال الأطلسي على طول الحدود معها. وعلى نطاق أوسع، هناك سعي لإضفاء الطابع الرسمي على تحول حلف الناتو الى تحالف يتدخل بالقوة في جميع أنحاء العالم.

إن تبرير الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتينبيرغ للانتشار العسكري الشامل في أوروبا الشرقية من قبل القوى الكبرى في الحلف هو عمل متهور على أقل تقدير. فتأمين مصالح الحلف عبر التهديد الدائم لروسيا ونشر قوات عسكرية بالقرب من حدودها، سيعرضان المنطقة بأكملها لصراع دموي في حال زعزعة الولايات المتحدة لاستقرار واحدة من البلدان المجاورة لروسيا، أو تهديد المصالح الاستراتيجية الحيوية لموسكو.

وعلاوةً على ذلك، إن الادعاء الأطلسي بأن روسيا تدعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا، ليثبت بذلك أن موسكو هي قوة عدوانية ستغزو أوروبا عسكرياً، هو أمرٌ مضلل. فالمعتدي الحقيقي على أوكرانيا كان واشنطن وبرلين اللتين دبرتا الاحتجاجات القومية العنيفة في كييف، وأطاحتا الرئيسَ المنتخبَ من قبل الشعب.

والغرض من هذه الأكاذيب السياسية هو تقديم توسع القوى الأمبريالية على أنه جهد دفاعي للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، حتى في الوقت الذي يهدد فيه حلف الناتو لإطلاق العنان لحرب ذات أبعاد لا يمكن تصورها.

كيفورك ألماسيان

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا