ما سبب النقد اللاذع للحكومة البريطانية؟

 أصدرت الحكومة البريطانية قرارا بتعليق ثلاثين ترخيصا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، وهو القرار الذي تم اتخاذه بعد أن قررت الحكومة وجود "خطر واضح" من أن المعدات المباعة - الطائرات العسكرية والمروحيات والطائرات بدون طيار ومعدات الاستهداف - يمكن استخدامها في انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.

لكن الحكومة البريطانية تعرضت للنقد الشديد من قبل الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء بعد أن أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي القرار في مجلس العموم. فالإسرائيليون وصفوا الحظر بأنه قرار مخز، لا سيما أنه تزامن مع دفن شاب إسرائيلي يدعى هيرش جولدبرج بولين والذي خلق استياء كبيرا، ليس في إسرائيل فقط بل بين اليهود في مختلف أنحاء العالم. ووصف كبير حاخامات بريطانيا القرار بالغريب، بينما سأل بوريس جونسون لامي وستارمر: هل تريدان فوز حماس؟

أما الفلسطينيون والمؤيدون لغزة فقد كانت انتقاداتهم لاذعة أيضا، حيث أدانوا الحكومة لأنها فعلت القليل جدا، وتركت حوالي 320 ترخيصا دون مساس. ووصفت منظمة العفو الدولية القرار بالسماح باستمرار توريد أجزاء لطائرات إف-35 المقاتلة إلى إسرائيل، وإن كان بشكل غير مباشر، بأنه "سيئ للغاية"، في حين قالت حملة مناهضة تجارة الأسلحة إنه "شائن تماما وغير مبرر".

كيف وجدت الحكومة نفسها في هذا الموقف، بعد أن تعرضت للضرب من الجانبين؟ إن الإجابة على هذا السؤال تخبرنا بشيء مهم عن هذه الحكومة الجديدة وكيف تكافح الإدارات المماثلة لها في مختلف أنحاء العالم، والتي تشكلها أحزاب يسار الوسط، أكثر من أي وقت مضى للتنقل عبر التضاريس الخطرة التي يفرضها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في هذا العصر الأخير من حكم نتنياهو.

والمشكلة القائمة هي أن هناك سياسة قانونية قائمة وواضحة ومفادها أنه عندما يكون بيع عناصر معينة مخالفا للقانون الدولي الإنساني فيجب أن يتم تعليق بيع هذه العناصر. ويلتزم السياسيون بالطبع باتباع هذه السياسة. ولذلك لم يكن أمام المسؤولين خيار آخر سوى حظر الأسلحة التي تسبب ضررا للمدنيين في غزة.

وبحسب هذه الرواية، فإن العدد الدقيق للتراخيص المعلقة كان مسألة فنية أيضا. والعدد الذي أعلن عنه لامي كان مستندا إلى تقييم المسؤولين للأجزاء المحددة من المعدات التي قد تتعارض مع القانون الدولي الإنساني والتي لا تغطيها أي استثناءات قائمة أخرى.

أما بالنسبة للتوقيت، فحتى هذا، كما تقول الحكومة، كان مجرد مسألة اتباع القواعد؛ فبمجرد اتخاذ القرار، كان لابد من الإعلان عنه للبرلمان في أول فرصة ممكنة، وهو ما يعني يوم الاثنين، وكانت النتيجة هي الغضب في كل مكان.

وحتى أولئك الذين يؤيدون القرار يعترفون بأن التوقيت كان سيئا. ولكن بطبيعة الحال، ليس هناك يوم مناسب لإعلان مثل هذا الخبر. فمنذ السابع من أكتوبرلم تمر أيام قليلة دون أن يدفن أحد الوالدين، سواء كان إسرائيليا أو فلسطينيا، طفله.

إن إعلان التدابير ضد إسرائيل في الوقت الذي كان فيه جسد هيرش يدفن في الأرض لم يكن ليؤدي إلى نتيجة طيبة، تماما كما لم يكن من الممكن أبدا أن يخفف غضب أولئك الذين ثاروا على مقتل أربعين ألف إنسان في غزة بتعليق ما لا يزيد على عُشر تراخيص الأسلحة البريطانية لإسرائيل.

وفي المحصلة فإن ماسبق يوضح صعوبة القضية الفلسطينية الإسرائيلية التي لم تكن سهلة على ستارمر ولامي. وإذا قرأنا خطاب وزير الخارجية في مجلس العموم فهو ينص على الأمن والسيادة للفلسطينيين والإسرائيليين. ولكن كيف يمكن لحكومة يمينية متطرفة ومتوحشة بوجود إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش أن تقبل هذه الرؤية، بينما تجد أن الحل هو القضاء على الفلسطينيين؟ وكل ما عدا إبعاد الفلسطينيين عن دربها يعتبر تهديدا أو خيانة.

المصدر: The Guardian

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب