مباشر
أين يمكنك متابعتنا

أقسام مهمة

Stories

22 خبر
  • خارج الملعب
  • سوريا بعد الأسد
  • العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
  • خارج الملعب

    خارج الملعب

  • سوريا بعد الأسد

    سوريا بعد الأسد

  • العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

    العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

  • غزة والضفة تحت النيران الإسرائيلية

    غزة والضفة تحت النيران الإسرائيلية

لماذا روسيا؟

"روسيا لا تُفهم بالعقل!". وأنا أفهمها بقلبي. لست مسيحيًا أو أرثوذكسيًا، ولكنني "لا أغالط روحي ولا أتملق أحدًا"، وأؤمن بها، لماذا؟

لماذا روسيا؟
لماذا روسيا؟ / RT

لأنها، ومهما بدا ذلك غريبا لكثيرين، حصن القيم العائلية، وليست "أمة المثلية" كما وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الولايات المتحدة قبل أيام معدودات (11 06 2023) في البيت الأبيض.

ومن الجدير ذكره أن الحديث هنا يدور عن الشذوذ الجنسي ومجتمع "الميم"، الذي يشير إلى مثليي الجنس، مزدوجي التوجه الجنسي وللمتحولين جنسيًا. وليس عن الحرية الجنسية بين الرجل والمرأة. فروسيا هي دولة أوروبية، وهنا وكما في أوروبا لا تخضع العلاقة الحميمة بين الشباب والفتيات للتجريم والعقاب، ولا يُرجم فيها الزاني ولا الزانية. لكن آسيا تلوح في بعض ملامح روسيا، فالعائلة فيها أشد تماسكا على أي حال مما في أوروبا. وهذه الدولة الأوراسية إن لم تتقبل المثلية، فهي لا تفرض العقاب على أعضاء مجتمع "الميم"، وممارسي الأفعال الجنسية مثلية. ولكنها تحظر الترويج للمثلية.

ولذا لم يكن مفاجئا للمطلعين إصدار مجلس النواب الروسي (الدوما) في سنة 2013 قانونا، صدَّق عليه فلاديمير بوتين، ينص على "حظر الدعاية للعلاقات الجنسية غير التقليدية بين الأطفال".

ثم بعد ذلك، حين وقَّع الرئيس الروسي، في 05 11 2022، قانونا يوسع الحظر على الترويج "للعلاقات الجنسية غير التقليدية" بين المواطنين الروس من مختلف الأعمار في الكتب والأفلام ووسائل الإعلام والإنترنت.

يجب القول إن الرئيس بوتين يشدد، منذ اعتلائه سدة الرئاسة في سنة 2000، على تمسكه بالتقاليد، وعلى أن روسيا، بلد القيم الأصيلة، تواجه الوثنية الغربية الجديدة.

وقد أصبح مشهورا تصريحه في 13 02 2020 بأن "العائلة في روسيا لن تتألف من والد رقم 1 ووالد رقم 2". وأنها، ما دام هو رئيسا للبلاد، ستتألف فقط من "بابا وماما".  

وكذلك قوله في أحد خطاباته: "نحن نرى كيف أن دولاً يورو-أطلسية سارت على طريق التنكر لجذورها، بما في ذلك للقيم المسيحية، التي تشكل أساس الحضارة الغربية؛ فهي تنكر المبادئ الأخلاقية وأي هوية تقليدية: قومية، ثقافية، دينية بل وجنسية. وتنتهج سياسة تضع على مستوى واحد العائلة المتعددة الأطفال وشراكة مثليي الجنس، الإيمان بالله والإيمان بالشيطان..."، وتحذيره من أن ذلك هو "طريق مباشرة إلى الانحلال".

وهو ليس وحيد دهره وفريد عصره في روسيا، إذ إن غالبية الشعب الروسي تؤيده. فقد أظهر استطلاع للرأي، أجري في سنة 2013، أن 74% من الروس لا يتقبلون المثلية الجنسية خلافا للمجتمعات الغربية "المنفلتة من كل عقال".

وبالطبع، لم تعجب آراء بوتين كثيرين، ومنهم ممثل وزارة الخارجية البريطانية، الذي صرح آنذاك بأن "بريطانيا العظمى تواصل دعم حقوق المثليين في جميع أنحاء العالم". وقال: "نحن فخورون بأن زواج المثليين مشروع في المملكة المتحدة ومرحَّب به".

أما على ضفة الأطلسي الأخرى، فنرى كثيرًا من المسؤولين الأمريكيين يسارعون في الرذيلة المثلية ويتباهون في دعمها.

ففي حين أن الرئيس الأمريكي الراحل جورج بوش-الأب لم يجد حرجا في أن يصبح شاهدا على عقد قران امرأتين في سنة 2013.

فإن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما كان "رئيس وحليف وبطل ورمز" المثليين، كما جاء في سنة 2015 على غلاف مجلتهم الشهرية؟

أما المرشح الديمقراطي في انتخابات 2020 الرئاسية الأمريكية الشاذ جنسيا بيت بوتيجيج‎، فصرح، لا فض فوه، بأنه سيؤسس عائلة مع شريكه الزوجي تشاستن غليزمان في البيت الأبيض، إذا فاز في الانتخابات. وقال بيت بوتيجيج: "زوجي سيكون "سيد" أمريكا الأول". وطمأن الناخبين بأنه "سيؤجل مسألة الإنجاب". لكنه لسوء حظ "زوجه" انسحب بعد حين من الانتخابات.

غير أن المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي فاز في هذه الانتخابات يشدد في كل مناسبة، وحتى من غير مناسبة، على تأييده لمجتمع "الميم". وقد عين في 06 05 2022 امرأة مثلية هي كارين جان-بيار متحدثة باسم البيت الأبيض. وهو أمر لم يحدث في تاريخ الولايات المتحدة من قبل.

وفي 13 11 2022 وفي أجواء احتفالية وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض قانونًا يمنح الحماية الفدرالية للزواج من الجنس نفسه في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وفي 15 11 2022 أضاء البيت الأبيض واجهة مبناه بألوان علم المثلية، المعروفة بألوان قوس قزح.

هذا عن العالم الجديد، فماذا عن القارة العجوز؟

في سنة 2009، قررت الكنيسة اللوثرية في السويد تزويج المثليين. وكان البرلمان السويدي في وقت سابق من السنة نفسها قد أقر تشريعا يسمح للمثليين بالزواج قانونيا. وفي السنة نفسها أصبحت امرأة مثلية أسقفا لوثريا لمدينة ستوكهولم.

أما في سنة 2017، فصوتت الكنيسة الأسقفية في اسكتلندا لكي تسحب من عقيدتها العبارة، التي تنص على أن الزواج هو اتحاد "بين رجل وامرأة"، واحتفلت بعديد من الزيجات بين مثليين.

بيد أن السيد المسيح قال بكل وضوح: "مِن بَدْءِ الخليقة، ذكرا وأنثى خلقهما الله. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته".

ولكن، يبدو أن الكنيسة، التي تحرص على اتباع الموضة الحديثة في التدين، تركت كتابها وراء ظهرها.

ذلك كله يشير إلى أن الغرب، في تهافته على الفواحش، أصبح سدوم جديدة.

وفي ضوء ذلك، وخلافا تماما للصور النمطية عنها، تبدو روسيا نسيجة وحدها في أوروبا. وهنا يجب التذكير هنا بأن معرفة روسيا لا تتم عبر الأفلام والمنشورات الغربية أو بما ينشر عنها في الصحافة العالمية الصفراء الرخيصة منذ سنوات التسعينيات العجاف من القرن الماضي وازدادت وتيرته بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، أو حتى عبر الأفلام والقصص والمنشورات الروسية الحديثة. وكذلك عبر ما يروج له ممثلو "الإنتلجنسيا" الروسية والأوليغارشيين الروس، الذين فروا إلى إسرائيل ودول الغرب.

إن فهم روسيا عصي، وقد أعيا الأقدمين من قبل.

ولعل المرء يحتاج إلى بضعة عقود ونيِّف ودراسات وتجارب وقراءات ورصد لكي يفهم هذا البلد الأوراسي "الغريب الأطوار" على حقيقته ومن الداخل، ولكي يؤمن به.

قال الشاعر الروسي فيودور تيوتشيف (1803-1873):

"روسيا لا تُفهم بالعقل،

ولا تقاس بأبعاد العموم:

فهي كينونة الخصوص،

بروسيا يمكن الإيمان فقط."

وأنا أفهم روسيا بقلبي، أؤمن بها وأحبها. وأنا سعيد بذلك.

حبيب فوعاني

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

التعليقات

رئيس الحكومة اللبنانية يعلق على أنباء حول دخول بعض المسؤولين السوريين السابقين إلى لبنان