هل سينجح الحريري بشد عصب "14 آذار"؟

أخبار العالم العربي

هل سينجح الحريري بشد عصب
سعد الحريري
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hdys

لا شك في أن عودة زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري إلى بيروت، وما رافقها من مواقف ولقاءات، تشير إلى إمكان حصول تغيير في قواعد اللعبة السياسية.

غير أن هذا التغيير لن يكون لدى الحريري فحسب، بل ولدى الحلفاء والخصوم على حد سواء، ولا سيما أن الرجل لم يتراجع عن التسوية، التي طرحها لإنهاء ملف الفراغ الرئاسي بالرغم من التصدع، الذي أحدثته في بنية تحالف الرابع عشر من آذار.

ولا يختلف اثنان على أن الذكرى الحادية عشرة لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ليست كسابقاتها، ولا سيما أن المواقف، التي أطلقها الحريري-الابن في مجمع "البيال" ببيروت، ترسم المعالم السياسية للنهج، الذي سيتبعه التيار الأزرق خلال الفترة المقبلة؛ الأمر، الذي يستدعي متابعة يومية وميدانية من قبل الحريري.

وتؤكد مصادر مقربة من "تيار المستقبل" أن كل المؤشرات تفيد بأن الحريري سيستقر في لبنان بعد أن أدرك أن غيابه عن جمهوره بدأ ينعكس سلبا على موقعه السياسي، خاصة أن الحديث حاليا يدور عن إجراء انتخابات بلدية في لبنان في مايو/أيار المقبل. وبما أن هذا الاستحقاق يعد مؤشرا أساسيا للانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن الحريري ركز في خطابه على الاستحقاق الرئاسي؛ لأنه يشكل مفتاحا لكل الاستحقاقات الانتخابية.

وعلى الرغم من الارتياح، الذي خلفته إطلالة الحريري ومواقفه تجاه مؤيديه، فإن هناك إشارات سلبية تركها خطاب "الشيخ سعد" لدى بعض الحلفاء، وبخاصة لدى جمهور حزب القوات اللبنانية؛ إذ إن الحريري انتقد بشكل مباشر تعاطي حليفه سمير جعجع في ملف الترشيحات الرئاسية، وأكد السير عكس ما يشتهي "الحكيم" - أي بترشيح الحريري زعيم "تيار المردة" سليمان "بيك" فرنجية، الذي كان أول المتصلين بالحريري بعد عودته إلى بيروت. ما يعني أيضا أن التوافق الباريسي بين "الشيخ" و"البيك" ثابت ولا عودة عنه.

لكن هل ينجح الحريري بإقناع حلفائه في تحالف الرابع عشر من آذار بالسير في ترشيح فرنجية، خاصة أن الرئيس أمين الجميل لا يزال المرشح الوحيد لقوى "14 آذار" بعد تنازل جعجع عن ترشيحه لمصلحة الجنرال ميشال عون؟ - بالطبع، لن يكون سهلا على الحريري إقناع كل الحلفاء بتبني ترشيح فرنجية، لكن احتضان الرئيس أمين الجميل ونجله سامي، والقبلات الحارة، التي غمرهما بها في احتفال البيال، والوقوف يدا بيد إلى جانب الجميل-الأب والجميل-الابن في صورة تذكارية بعد انتهاء المهرجان، تشير إلى تفاهم بينهما حول السيناريوهات المحتملة في ملف الانتخابات الرئاسية، وكيفية معالجتها في حال تغير خريطة التحالفات في البلاد؛ الأمر، الذي سيؤدي إلى تراجع دور جعجع في التأثير بمواقف بيت الوسط. وبالتالي سيجعل من وصول العماد ميشال عون إلى كرسي الرئاسة أمرا صعبا للغاية.

فالهجوم، الذي شنه الحريري على سياسات "حزب الله" الداخلية والإقليمية، يؤكد أن الرجل لن يذهب إلى أي تنازلات أو تسويات على حساب الرئيس العتيد. لكن العوامل الخارجية تبقى بالطبع الأكثر تأثيرا في الحياة السياسية اللبنانية في ظل الانقسام الحاصل؛ لذا، فإن من الصعب بقاء جميع الأطراف متصلبة في مواقفها في حال التوصل إلى تفاهمات إقليمية ودولية حول الملف اللبناني؛ ما يعني أن ارتفاع سقف المواقف لدى جميع الأطراف الفاعلة داخليا لا يعدو كونه شد عصب الجماهير تحسبا لمواجهة أي استحقاق انتخابي محتمل.

عمر الصلح

(المقال يعبر عن رأي الكاتب)

 

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا