القرم.. الطريق إلى الوطن الأم
يحتفل سكان القرم هذا الشهر بالذكرى السنوية الأولى لإعادة توحيد جمهوريتهم مع أراضي روسيا، وذلك بعد سلسلة من الأحداث الدرامية جعلت بقاء شبه الجزيرة في قوام أوكرانيا أمرا مستحيلا.
بدأ طريق عودة القرم إلى روسيا بالتزامن مع انطلاق احتجاجات ما عرف بـ "يوروميدان" في كييف، في أواخر عام 2013. حينما نزل المتظاهرون المؤيدون للتكامل الأوروبي إلى الشوارع للاحتجاج على تأجيل حكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش التوقيع على اتفاقية الشراكة الانتسابية إلى الاتحاد الأوروبي، ورفع المحتجون أيضا شعارات معادية لروسيا، متهمين موسكو بمحاولة منع أوكرانيا من تعزيز علاقاتها مع أوروبا.
هذه الاحتجاجات سرعان ما تحولت إلى اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن في كييف، رافقها اقتحام مقرات الدوائر الحكومية في غرب البلاد، من قبل مناصري التكامل مع أوروبا.
القرم تسعى لتوسيع صلاحياتها في قوام أوكرانيا
وفي خضم هذه الفوضى دعا برلمان القرم الرئيس ينوكوفيتش مرارا إلى فرض حالة الطوارئ واتخاذ الإجراءات اللازمة لاستعاد الهدوء في البلاد. لكن يانوكوفيتش لم يستجب لتلك الدعوة ما دفع هيئة الرئاسة في برلمان القرم في 4 فبراير/شباط إلى اتخاذ قرار بإجراء استطلاع لآراء سكان الجمهورية بشأن وضعها القانوني وإمكانية تغييره. وبحث النواب إمكانية التوجه إلى رئيس روسيا والبرلمان الروسي بطلب ضمان نظام الحكم الذاتي بالقرم.
لكن التطور السريع للأحداث الدرامية في كييف دفع نواب برلمان القرم إلى التفكير في إمكانية استقلال الجمهورية عن أوكرانيا.
في 22 فبراير/شباط شهدت أوكرانيا انقلابا على السلطة، أدى إلى الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش. وأقدم الحكام الجدد في الأيام الأولى بعد الاستيلاء على السلطة، على تغيير دستور البلاد وإلغاء القانون الذي كان يمنح اللغة الروسية صفة اللغة الرسمية في بعض المناطق.
وكان رد فعل سكان القرم قويا، إذ خرجت في سيفاستوبل مظاهرة احتجاجية حاشدة، انتخب المشاركون فيها رجل الأعمال الروسي ألكسي تشالي عمدة للمدينة في تحد لسلطات كييف.
برلمان القرم يتحدى الحكام الجدد في كييف
شهدت مدينة سيمفيروبول عاصمة القرم في 26 فبراير/شباط اشتباكات بين أنصار السلطات الجديدة في كييف (وكانت غالبيتهم من تتار القرم) ومؤيدي خروج الجمهورية من قوام أوكرانيا. وتجمع المحتجون الموالون لكييف بمبادرة مجلس تتار القرم، وذلك من أجل شل عمل البرلمان، وذلك بعد انتشار شائعات حول نية نواب الجمهورية إصدار قرار مصيري يتحدى الحكام الأوكرانيين الجدد.
صباح اليوم التالي ظهر ملثمون بزي عسكري دون شارات مميزة في مقري البرلمان وحكومة القرم، واكتفى هؤلاء بحراسة الدوائر الرسمية دون أن يتدخلوا في عملها. وفي اليوم نفسه أقال برلمان القرم حكومة الجمهورية وعين زعيم حزب "الوحدة الروسية" سيرغي أكسيونوف رئيسا للوزراء. كما قرر النواب إجراء استفتاء شعبي بشأن الوضع القانوني للجمهورية واحتمال توسيع صلاحياتها في قوام أوكرانيا.
وأوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت لاحق أن الرجال المجهولين كانوا في حقيقة الأمر عناصر من القوات الخاصة التابعة لهيئة الاستخبارات العامة الروسية. وشدد على أن الهدف الرئيسي الذي وضعوه نصب أعينهم كان الحيلولة دول سفك الدماء وتوفير الفرصة لسكان القرم لكي يعبروا عن إرادتهم بحرية.
نجح العسكريون الذين عملوا بتنسيق وثيق مع قوات الدفاع الشعبية التابعة لسكان القرم، في نزع أسلحة القوات الأوكرانية المرابطة في القرم، البالغ عددها 20 ألف عسكري. وأعلن جزء كبير من قادة الأسطول الحربي الأوكراني الذي كان يرابط في القرم، ولاءهم لروسيا، بينهم القائد العام للأسطول الأميرال بوريس بيريزوفسكي الذي انشق عن كييف في اليوم التالي بعد تعيينه في المنصب من قبل الحكام الجدد في كييف. وفي الأسابيع اللاحقة انضم العديد من العسكريين والضباط الأوكرانيين إلى الجيش الروسي أيضا.
القرم: الطريق إلى الاستفتاء
في 6 مارس/آذار صوّت برلمان القرم لصالح طرح خيار الانضمام إلى روسيا للتصويت في الاستفتاء الذي أعلنته السلطات سابقا لتحديد الوضع القانوني للإقليم. كما قرر النواب إجراء الاستفتاء في 16 مارس/آذار.
وفي الموعد المذكور جرى في جمهورية القرم ومدينة سيفاستوبل استفتاءان أظهرا تأييد معظم سكان شبه الجزيرة لإعادة توحيدها مع أراضي روسيا. إذ صوت 96.77 % من أصل 83.1% من المشاركين لصالح عودة جمهورية القرم إلى حضن الوطن الأم روسيا، أما في مدينة سيفاستوبل ذات الوضع الخاص فأيد 95.60 % من أصل 89.5% من المشاركين انضمام المدينة إلى قوام روسيا الاتحادية.
بعد الاستفتاء أعلن برلمان الجمهورية، القرم دولة مستقلة تتمتع فيها مدينة سيفاستوبل بوضع خاص، وتوجه النواب الى موسكو بطلب قبول القرم في قوام روسيا الاتحادية بصفة وحدة إدارية.
وفي اليوم التالي وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما رئاسيا ينص على اعتراف روسيا بجمهورية القرم "دولة مستقلة ذات سيادة"، تتمتع فيها مدينة سيفاستوبل بوضع خاص، وذلك بناء على إرادة شعوب القرم المعبر عنها في الاستفتاء.
بوتين وقادة القرم يوقعون على اتفاقية انضمام شبه الجزيرة إلى روسيا
وفي 18 مارس/آذار وقع الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس برلمان القرم فلاديمير قسطنينوف ورئيس وزراء القرم سيرغي أكسيونوف وعمدة سيفاستوبول ألكسي تشالي في موسكو معاهدة انضمام القرم وسيفاستوبل إلى روسيا قبل أن تنال مصادقة مجلسي الدوما والاتحاد بعد يومين من هذا التاريخ.
وفي 25 أبريل/نيسان رسمت روسيا الحدود الدولية بين أراضي القرم وأوكرانيا.
النص الكامل لاتفاقية انضمام جمهورية القرم إلى روسيا:
انطلاقا من الوحدة التاريخية لشعبيهما ونظرا للعلاقات القائمة بينهما، واعترافا وتأكيدا لمبدأ المساواة في الحقوق وحق الشعوب في تقرير مصيرها المنصوص عليه في ميثاق منظمة الأمم المتحدة، والذي يحق بموجبه لجميع الشعوب تحديد وضعها السياسي وتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحرية ودون تدخل من الخارج، وعلى كل الدول احترام هذا الحق.
وبالعزم على ضمان احترم كرامة وحقوق وحريات الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة وحرية الفكر والضمير والدين والمعتقدات لجميع الموجودين على أراضيهما دون أي تمييز، وذلك وفقا لمبادئ وأحكام القانون الدولي القائمة والمثبتة في ميثاق منظمة الأمم المتحدة والبيان النهائي لاجتماع هلسنكي حول الأمن والتعاون في أوروبا، ومبدأ احترام حقوق وحريات الإنسان.
وتعبيرا عن الإرادة المشتركة لشعبين تربطهما وحدة المصير التاريخي في العيش المشترك ضمن دولة فيدرالية ديمقراطية يحكمها القانون.
وحرصا على ضمان رفاهية وازدهار شعبيهما، واستنادا إلى تعبير شعوب القرم عن إرادتها بحرية في استفتاء عام أجري في جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبل بتاريخ 16 مارس/آذار 2014، أسفر عن اتخاذ شعوب القرم قرار استعادة الوحدة مع روسيا كوحدة إدارية في روسيا الاتحادية.
ومع الأخذ بعين الاعتبار طلب جمهورية القرم ومدينة سيفاستوبل ذات الوضع الخاص حول قبول جمهورية القرم، بما فيها مدينة سيفاستوبول ذات الوضع الخاص، في روسيا الاتحادية، أبرمت روسيا الاتحادية وجمهورية القرم الاتفاق التالي:
الأهمية الجيوسياسية للقرم
كانت لشبه جزيرة القرم دائما أهمية بالغة بالنسبة لروسيا الإمبراطورية والسوفيتية وروسيا المعاصرة لأن امتلاكها كان يعني السيطرة على البحر الأسود والمناطق المطلة عليه. ولم تصبح روسيا دولة عظمى، بغض النظر عن توسعها، إلا بعد ضمها للأراضي المتاخمة للبحر الأسود، بما فيها شبه جزيرة القرم في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، أي في عهد الإمبراطورة الروسية يكاترينا الثانية.
استعادت روسيا عظمتها بعد استعادتها السيطرة على القرم وسيفاستوبل بعد انتصارها على تركيا في حرب عامي 1877 – 1878. وسعت روسيا منذ العهد القيصري للسيطرة على مضيقي البسفور والدردنيل لضمان حرية حركة أسطولها باتجاه البحر الأبيض المتوسط. لذلك كانت القيادة الهتلرية إبان الحرب العالمية الثانية تعلق آمالا كبيرة على القرم بصفتها رأس جسر هام للتوغل إلى آسيا والشرق الأوسط. وشكل فقدان مدينة سيفاستوبل في عام 1942 ضربة موجعة للغاية بالنسبة للجيش الأحمر. لكن الدفاع الأسطوري عن هذه المدينة الذي استمر 250 يوما، لعب دورا مهما للغاية في تطورات الحرب، إذ بقيت تشكيلة ضخمة من القوات الهتلرية طوال هذه الفترة مصابة بالشلل في جنوب خط الجبهة السوفيتية-الألمانية. وتكبدت القوات الهتلرية أثناء حصار سيفاستوبول خسائر فادحة وصلت إلى 300 ألف قتيل ومصاب.
القرم في قوام أوكرانيا
كانت القرم تتمتع بوضع جمهورية حكم ذاتي في قوام الاتحاد السوفيتي (حتى عام 1945)، ونقلت إلى قوام أوكرانيا في عام 1954 بقرار الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشيوف (الذي كانت له أصول أوكرانية)، وبقيت في قوامها كإحدى مقاطعات أوكرانيا السوفيتية.
وبعد استقلال أوكرانيا، كانت القرم في قوامها تتمتع بصلاحيات واسعة للغاية وفق دستورها المقرر في عام 1992، إذ كان يحق لها انتخاب رئيس خاص بها وإقامة علاقات مع دول أجنبية. لكن بعد أشهر قليلة، وتحت ضغوط من كييف، تم تعديل الدستور من أجل تقليص صلاحيات الجمهورية. إلا أن سعي قيادتها ورئيسها للانضمام الى روسيا لم يتوقف.
وفي عام 1998 أقر دستور جديد للقرم ألغى معظم صلاحيات الجمهورية، ومنصب رئيسها، وأكد أن القرم جزء لا يتجزأ من أوكرانيا أما صلاحياته فيحددها دستور أوكرانيا. كما كان هذا الدستور يعلن اللغة الأوكرانية لغة الدولة في القرم، وهو البند الذي أثار الغضب في صفوف السكان الذين تتكلم أغلبيتهم الساحقة اللغة الروسية.
وطوال السنوات الماضية كان سكان شبه الجزيرة يشكون من الظلم التاريخي الذي أدى الى فقدان جمهوريتهم لكل صلاحياتها المميزة في قوام أوكرانيا في ظل تنامي نفوذ القوميين الأوكرانيين الذين أصروا على بقاء أوكرانيا دولة موحدة لا فيدرالية.
وأشارت استطلاعات الرأي التي أجريت في السنوات الأخيرة، إلى تنامي رغبة سكان الجمهورية في العودة إلى قوام روسيا حتى قبل الأحداث الدموية في كييف.
أثناء تواجد القرم في قوام أوكرانيا ظلت روسيا حاضرة في شبه الجزيرة في شتى مجالات الحياة، وذلك لأن سكان القرم، حتى الأوكرانيين منهم، يتحدثون باللغة الروسية في غالبيتهم، ويرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من الوطن الروسي. كما احتفظت مدينة سيفاستوبول بدورها كقاعدة رئيسية لأسطول البحر الأسود الروسي في إطار معاهدة استئجار طويلة الأمد بين روسيا وأوكرانيا. كما ظلت القرم تجذب السياح الروس ليس بجمال طبيعتها الفائق بحسب، بل وأيضا بالجو الفريد وعبق التاريخ اللذين تتميز بهما هذه الأراضي.
نبذة عن القرم
تجدر الإشارة الى أن القرم التي ضمتها الإمبراطورية الروسية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ولعبت دورا مهما للغاية منذ ذلك الحين في تاريخ الدولة الروسية والسوفيتية. وكانت للقرم دائما أهمية بالغة نظرا لكون سواحلها مطلة على بحر أزوف والبحر الأسود، وأصبحت قاعدة للأسطول الروسي. وتحمل مدينة سيفاستوبل، أحد أهم موانئ شبه الجزيرة، لقب مدينة المجد العسكري الروسي، وذلك تكريما لبطولة البحارة الروس الذين كانوا يدافعون عنها في أثناء حرب القرم (1853-1856) والحرب الوطنية العظمى (1941-1945). كما كانت القرم قبلة سياحية مهمة، أحبها القياصرة والنبلاء والناس البسطاء على حد سواء.
كما يرتبط تاريخ القرم في ذاكرة الروس بالحرب الأهلية (1917-1923) التي عمت البلاد بعد وصول البلاشفة إلى السلطة في بطرسبورغ، إذ كانت القرم أحد معاقل الحركة البيضاء، ومنها أبحرت آخر سفينة أقلت على متنها أنصار تلك الحركة الذين كانوا يمثلون بقايا روسيا القيصرية، لتدخل البلاد بذلك مرحلة جديدة نوعيا من تاريخها.
معلومات عن جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي
تضم جمهورية القرم الجزء الأكبر من شبه جزيرة القرم. ولا تدخل مدينة سيفاستوبل، الواقعة جنوب – شرق شبه الجزيرة، ضمن مكونات الجمهورية (لها صفة إدارية خاصة).
وتبلغ مساحة الجمهورية 26 ألفا و81 كيلومترا مربعا.
وتضم جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي 14 منطقة إدارية و16 مدينة (11 منها ذات أهمية اقتصادية وصناعية) و56 بلدة و950 قرية. مدينة سيمفيروبل، هي العاصمة الإدارية للجمهورية. المدن الكبيرة: كيرتش، يفباتوريا، يالطا، فيودوسيا.
السكان: يبلغ تعداد سكان جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي مليونا و959 ألف نسمة حسب تعداد الأول من يناير/كانون الثاني 2014 . منهم مليون و219 ألف نسمة يسكنون في المدن و740 ألفا يسكنون الأرياف والقرى.
أما سكان المدن الكبيرة ذات الأهمية الاقتصادية والصناعية فموزعون على الشكل التالي:
مدينة سيمفيروبول – 358 ألف نسمة
مدينة آلوشتا – 50.8 ألف نسمة
مدينة أرميانسك – 25.45 ألف نسمة
مدينة جانكوي – 35.26 ألف نسمة
مدينة يفباتوريا – 120.7 ألف نسمة
مدينة كيرتش – 145.9 ألف نسمة
مدينة كراسنوبيريكوبسك – 29 .56 ألف نسمة
مدينة ساكي – 22.5 ألف نسمة
مدينة سوداك – 32 ألف نسمة
مدينة فيودوسيا – 105 ألف نسمة
مدينة يالطا – 137 ألف نسمة
مدينة سيفاستوبل
تقع مدينة سيفاستوبل على ساحل البحر الأسود. تأسست قلعة سيفاستوبل عام 1783 التي تحولت بمرور الزمن إلى ميناء كبير وقاعدة رئيسية للأسطول الحربي البحري الروسي في البحر الأسود.
يشكل الروس النسبة الأكبر من سكان المدينة حوالي 72 بالمائة، يليهم الأوكرانيون 22 بالمائة وبيلاروس 1.6 بالمائة وتتار القرم 1.2 بالمائة.
التركيب العرقي لجمهورية القرم
حسب التعداد السكاني العام الذي جرى عام 2001 في أوكرانيا، كانت 125 قومية وطائفة عرقية تعيش في جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي.
وحسب معطيات مديرية الإحصاء الأوكرانية، المؤرخة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013 يشكل الروس 58.5 بالمائة من سكان جمهورية القرم، يليهم الأوكرانيون - 24.3 بالمائة ومن ثم تتار القرم – 12.1 بالمائة يليهم البيلاروس – 1.4 بالمائة والأرمن – 1.1 بالمائة.
الاقتصاد
يعتمد اقتصاد جمهورية القرم على قطاع الخدمات الذي تبلغ نسبته في الناتج المحلي الاجمالي 60 بالمائة. وتعتبر السياحة من القطاعات الاقتصادية المهمة في جمهورية القرم.
بدأ تطور شبه جزيرة القرم في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث انشئت فيها منتجعات ومتنزهات وقصور فخمة عديدة، لا تزال قائمة حتى يومنا هذا. كان قياصرة روسيا وعوائلهم يفضلون الاستراحة في قصور ومتنزهات ليفاديا، وبعد ثورة أكتوبر عام 1917 أصبحت شبه الجزيرة تسمى بـ "منتجع لعموم الاتحاد السوفيتي"، وكانت تستقبل سنويا مئات الآلاف من السياح.
في عام 2013 بلغ عدد الفنادق المسجلة رسميا في جمهورية القرم 223 فندقا و562 مصحا، وأكثرها تقع في مدن يالطا، وآلوشتا، وفيودوسيا، وسوداك ويفباتوريا. استقبلت هذه الفنادق ودور الاستراحة والمصحات 6 ملايين سائح عام 2013 من بينهم 3.5 سائح من أوكرانيا و1.5 سائح من روسيا.
توجد في جمهورية القرم حوالي ألفي مؤسسة صناعية مختلفة الحجم يعمل فيها زهاء 100 ألف عامل. تبلغ نسبة انتاج الصناعات التحويلية 65 بالمائة من مجمل الإنتاج الصناعي في الجمهورية و14 بالمائة تعود إلى قطاع استخراج الخامات و20 بالمائة على قطاع الكهرباء والغاز.
بلغ حجم الإنتاج المحلي للجمهورية 4.3 مليار دولار عام 2012، ما كان يعادل 3 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا آنذاك.
القرم في طريقها إلى الحياة الجديدة
بعد انضمامها الرسمي إلى أراضي روسيا حثت سلطات شبه الجزيرة لاستعادة لحمتها الاقتصادية مع الوطن الأم، فتخلت الجمهورية عن العملة الأوكرانية "هريفنا" قبل الموعد المخطط لذلك، بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضته كييف عليها، وشرعت بالتعامل بالروبل على أراضيها، وبدأت أعمال بناء جسر ضخم عبر البحر الأسود لربط الجزيرة بأراضي روسيا.
بالتزامن مع ذلك اتخذت الحكومة الروسية حزمة من القرارات والإجراءات الرامية إلى ضخ دم جديد في اقتصاد القرم الذي كان يعاني من الركود.
كما سعت السلطات الروسية لتوفير الحماية لكافة مكونات المجتمع القرمي، بمن فيها تتار القرم، وإعمار وصيانة الآثار التاريخية.
وينظر سكان القرم اليوم إلى المستقبل بتفاؤل، مع عودتهم إلى حضن الوطن الأم التي لم تنسهم على مدى عشرات السنين من الغياب.
ويقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "القرم في وعي المواطن الروسي والإنسان الروسي مرتبطة بصفحات بطولية في تاريخنا لها علاقة بفترة حصول روسيا على هذه الأراضي والدفاع عنها ببطولة وإعادة السيطرة على القرم وسيفاستوبل أثناء الحرب العالمية الثانية. القرم مرتبط بالتاريخ الروسي والآداب والفن الروسي والأسرة الإمبراطورية الحاكمة. وعموما كامل نسيج التاريخ الروسي مرتبط بالقرم بشكل أو بآخر".
المصدر: RT
إقرأ المزيد
الكرملين يجدد نفيه لمشاركة قوات روسية في النزاع الأوكراني
جدد الكرملين الأربعاء 25 مارس/آذار نفي موسكو لمشاركة قوات روسية في النزاع المسلح بجنوب شرق أوكرانيا، مؤكدا معارضة الرئيس الروسي للعودة إلى عصر "الحب الباردة" بين موسكو والغرب.
بوتين: روسيا ستعمل جاهدة لإعادة علاقاتها الطبيعية مع أوكرانيا
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء 18 مارس/آذار أن روسيا ستعمل ما في وسعها لمساعدة أوكرانيا على تجاوز أزمتها الراهنة وإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين.
التعليقات