النعناع و"هواء النار" و"الفأر المحظوظ" !
من النادر على الأرجح أن يفكر المرء في "تاريخ" الأكسجين لأنه دائما قريب منا، كما لو أنه كان معروفا منذ القدم، وهذا غير صحيح. الأكسجين اكتشف في 1 أغسطس 1774.
كان اكتشاف الأكسجين بمثابة ثورة في مجال الكيمياء، إضافة إلى ما أحاط بملابسات هذا الحدث من "مفارقات علمية ساخرة".
في ذلك اليوم، فيما كان العالم البريطاني جوزيف بريستلي يجري تجربة سلط خلالها "عدسة حارقة" قطرها 12 سنتيمتر من أجل تركيز ضوء الشمس على أكسيد الزئبق، انطلق غاز عديم اللون.
لاحظ العالم أن الشموع تحترق بقوة هائلة بفعل هذا الغاز، ورصد أن فأرا كان في المختبر عاش ضعف المدة المعتادة في الهواء العادي. وحين استنشق بنفسه هذا الغاز المجهول في ذلك الوقت، أحس بخفة في صدره.
على الرغم من أن "بريستلي" تمكن من عزل الأكسجين، لكنه أخطأ في تفسير طبيعته نظرا لتمسكه بنظرية "الفلوجستون".
هذه النظرية وكانت شائعة، افترضت أن عنصرا مثل النار يسمى "فلوجيستون" موجود ضمن المواد القابلة للاحتراق ويتم تحريره بهذه العملية.
حاولت هذه النظرية التي ظهرت في عام 1667، تفسير عمليات مثل الاحتراق والصدأ، التي أصبحت تعرف فيما بعد باسم "الأكسدة".
بما أن بريستلي كان يعتقد أن الهواء يصبح خاليا من "الفلوجستون" أثناء الاحتراق، أطلق على الغاز الناتج اسم " الهواء الخالي من الفلوجستون".
العالم البريطاني كشف عن النتائج التي توصل إليها للكيميائي والعالم الفرنسي الشهير أنطوان لافوازييه في وقت لاحق من نفس العام.
لافوازييه أعاد عام 1777 التجربة، وتعرّف على الغاز كعنصر جديد، وأطلق عليه اسم "الأكسجين"، وتعني "حامض" باليونانية، وبدّد بذلك نظرية "الفلوجستون" التي بقي بريستلي يدافع عنها حتى وفاته.
بالتوازي، تمكن الكيميائي السويدي كارل فيلهلم شيل بين عامي 1771 – 1773 من عزل غاز الأكسجين، وأطلق عليه اسم "هواء النار"، إلا ان عمله لم يُنشر حتى عام 1777.
نتيجة لهذه التداخلات، اتهم العالم الفرنسي لافوازييه بأنه "سرق" اكتشاف "بريستلي"، كما أثبتت رسالة موجهة من الكيميائي السويدي كارل فيلهلم شيل إلى لافوازييه، عثر عليها في عام 1890، أن العالم الفرنسي كان على دراية بتجارب شيل.
لافوازييه بدوره أثبت أن الأكسجين يُمكّن من الاحتراق والتنفس، وأنه يُشكل 21 بالمئة من الهواء، وحين يتحد مع المعادن يحدث الصدأ.
أما صاحب الاكتشاف الأصلي بريستلي فقد تنبأ بالخطر الكامن في الاستنشاق المستمر للأكسجين بدلا من الهواء العادي، وكتب عن ذلك يقول: "كما تحترق الشمعة أسرع بكثير في هذا الوسط مما هي عليه في الهواء العادي، كذلك يمكننا أن نعيش حياتنا بسرعة كبيرة".
بريستلي لاحظ أيضا أنه بنفخ الأكسجين في النار بدلا من الهواء، يمكن زيادة حرارة اللهب. جرّب ذلك بملء فقاعة بالأكسجين ونفخها عبر أنبوب زجاجي على قطعة خشب مضاءة، فتحوّل اللهب الصغير فورا إلى لهب قوي. كانت هذه التجربة بداية اللحام بالأكسجين والأسيتيلين الحديث.
هذا العالم البريطاني الموسوعي كان اكتشف أن النباتات تُعيد الهواء إلى حالته الطبيعية بإطلاق "الأكسجين". لاحظ في عام 1771 أن نباتات النعناع تُنعش الهواء في جرار مُغلقة، ما يسمح لاحقًا للفئران بالبقاء على قيد الحياة، مهد ذلك الطريق لأبحاث البناء الضوئي.
إضافة إلى كل ذلك، افترض أن "الفلوجستون" المعزول من الهواء قد يعالج أمراض الرئة، وهو ما يعد بمثابة مقدمة للعلاج بالأكسجين الحديث.
العالم البريطاني الذي يمكن وصفه بأنه أبو "الأكسجين"، كان أيضا عالما لاهوتيا ونحويا ومنظرا سياسيا وهو من اخترع الممحاة المطاطية، وعنه قال لافوازييه لقد "أعطانا مفاتيح عالم جديد".
المصدر: RT
إقرأ المزيد
كائنات عاقلة من الفضاء صرخت لمرة واحدة "واو"!
تذكر العلماء مع اكتشاف الجسم النجمي الغامض "3 أي/أطلس" في يوليو الماضي، إشارة " واو!" الفضائية المحيرة التي التقطت في عام 1977.
ما هو "الدم الذهبي" ومن أصحابه؟
يشير مصطلح "الدم الأزرق" إلى الدم الملكي في أوروبا، لكن الزرقة لم تأت من الدم بل من لون الأوردة على بشرتهم البيضاء مقابل بشرة العوام الداكنة، لكن الدم الذهبي حقيقة لا مجاز.
ملك بملابس رثة وباروكة من شعر العشيقات "الحميم"
واجه الملك الإنجليزي تشارلز الثاني الكثير من المحن بعد أن أعدم الجمهوريون بقيادة أوليفر كرومويل والده الملك تشارلز الأول عام 1649، لكنه لم يتوقف عن جمع الشعر "الحميم" من عشيقاته.
كنز خلف قشرة صلبة!
لا تحظى ثمار جوز الهند بأهمية كبيرة ولا تخطر عادة إلا في لقطات من أفلام المغامرات في جزر نائية أو كمادة إضافية في الحلويات أو المساحيق. مع ذلك فوائدها مذهلة.
9 دول عربية على موعد مع "كسوف القرن"!
لو زعم أحدٌ في الماضي أنه يعرف مواعيد كسوف الشمس وصَدق لوُصف بالساحر، إلا أن مثل هؤلاء اليوم علماء، يتقنون متابعة حركة الاجرام السماوية ويعرفون أننا على موعد قريب مع "كسوف القرن".
كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!
من المدهش العثور على رسالة تائهة مرت عليها عشرات السنين، لكن الأكثر إدهاشا أن تصل رسائل لم تكتب على أي ورق، بل نقشت على صفائح من ذهب وفضة أو حجارة منذ أكثر من 2500 عام.
قطرة واحدة تكفي ليومين.. كيف يصنع العرب عطوراً تأسر أنوف أوروبا بلا كحول؟
تمكنت صناعة عربية من الدخول في منافسة صعبة ومعقدة مع نظيراتها الأوروبية الشهيرة في العالم. لم تنجح في ذلك فقط بل تبوأت مكانة في مقدمة السوق العالمية، إنها صناعة العطور العربية.
شاهد أندر صورة.. كسوف الشمس من الماضي البعيد!
تخيل أن تتاح لك الفرصة لمشاهدة كسوف كلي للشمس ولكن ليس الآن، بل من الماضي. هذا ممكن تماما فقد التقطت أول صورة واضحة لهذه الظاهرة الطبيعية عام 1851 على أراضي روسيا الحالية.
القهوة السريعة من الأزمة البرازيلية إلى الحرب العالمية!
من المفارقات أن حربين عالميتين أسهمتا في ظهور وانتشار القهوة السريعة الشائعة في جميع أنحاء العالم، كما أن جهودا عديدة تُوجت بظهور أول علامة تجارية مسجلة لها في 24 يوليو 1938.
التعليقات