فضيحة الفساد بأوكرانيا: هل يطيح ترامب بزيلينسكي؟ أم يستعد لإرسال بايدن إلى السجن؟
ثمة فضيحة ضخمة تتكشف في أوكرانيا، ربما تؤدي إلى إقالة الرئيس زيلينسكي.
بدأت القصة في 22 يوليو الماضي، عندما وقّع زيلينسكي قانونا يلغي استقلالية المكتب الوطني لمكافحة الفساد ومكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد. كانت هاتان المنظمتان تموّلان من الولايات المتحدة (ويسيطر عليهما مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي)، وشملت مهامهما الإشراف على إنفاق المساعدات الغربية لنظام زيلينسكي. وقد أيد البرلمان، الذي يسيطر عليه زيلينسكي، مبادرته بأغلبية ساحقة.

ما الذي يعنيه فوز زهران ممداني بالنسبة للولايات المتحدة؟
اندلعت في أعقاب ذلك مظاهرات احتجاجية بجميع أنحاء البلاد، زُعِم أن من نظمها هو الرئيس السابق بيوتر بوروشينكو بدعم من الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، مارست الولايات المتحدة ضغوطا عبر قنوات غير رسمية، ما دفع البرلمان الأوكراني في نهاية المطاف إلى إلغاء قانون زيلينسكي بأغلبية الأصوات بعد بضعة أيام فقط.
بدوره، ردّ المكتب الوطني لمكافحة الفساد، قبل بضعة أيام، بإعلانه الكشف عن مخطط فساد بقيمة 100 مليون دولار، تورط فيه صديق زيلينسكي وشريكه التجاري تيمور مينديتش، المؤسس المشارك لشركة زيلينسكي للإنتاج السينمائي "كفارتال 95". وفي إطار المخطط، حصل المسؤولون التنفيذيون في شركة "إنيرغو آتوم" المملوكة للدولة، والتي تدير محطات الطاقة النووية في أوكرانيا، على ما بين 10-15% من رسوم العقد. وقد استخدمت مخططات مماثلة في وزارة الدفاع وهيئات أخرى.
وفي إطار التحقيق، أجريت عمليات تفتيش شملت شقة وزير العدل غالوشينكو، الذي كان يشغل سابقا منصب وزير الطاقة. وخلال عمليات التفتيش أيضا، عثر على حزم من الدولارات في طرود من البنكين الفيدراليين في أتلاتنا وكانساس. تلك أموال أمريكية محوّلة عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID لترميم البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا.
ويصدر مكتب مكافحة الفساد تدريجيا تسجيلات لمحادثات بين أفراد متورطين في الفضيحة، يناقشون فيها أمورا تجارية وغيرها. وقد سجلت بعض هذه التسجيلات في المبنى الذي كان يسكنه مينديتش، والذي يملك فيه زيلينسكي أيضا شقة. وقد زار زيلينسكي شقة مينديتش عدة مرات، وربما نسمع لاحقا تسجيلات لمحادثات زيلينسكي نفسه حول هذه القضية.
في الوقت نفسه، يبدو أن تيمور مينديتش نفسه قد تلقى تحذيرا وتمكن من مغادرة البلاد.

هل يتراجع ترامب عن قراره بشأن التجارب النووية؟
حتى الآن، لم تصل الفضيحة إلى ذروتها بعد، ولا يوجد وضوح كامل بشأن الأطراف المعنية وأهداف هذا الإجراء.
وبما أن المكتب الوطني لمكافحة الفساد يخضع لسيطرة الولايات المتحدة، فمن المنطقي افتراض أن إدارة ترامب هي التي بادرت بكشف هذه الفضيحة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكشف عن سرقة أموال طائلة خصصتها الولايات المتحدة لترميم البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا تأتي في ظل انقطاع التيار الكهربائي بعدد من المدن الأوكرانية، ما يوحي بأن توقيت الفضيحة قد اختير بعناية لهذا الغرض بالتحديد، لإحداث أقصى تأثير نفسي على المواطنين.
لقد أصبح زيلينسكي مزعجا للجميع في الغرب بتسوله الوقح. وكما نتذكر، فقد صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخرا بأن الجانب الأمريكي، خلال اجتماع بوتين وترامب بألاسكا، تعهد بالضغط على زيلينسكي لقبول صيغة التسوية التي اتفق عليها الزعيمان الروسي والأمريكي. ومن المنطقي افتراض أن ترامب يستغل هذه الفضيحة لإجبار زيلينسكي على الخضوع.
لكن الوضع أقل وضوحا من ذلك بكثير، لأنه يتضمن الكثير من الأمور غير المنطقية وغير القابلة للتنبؤ، ما يثير تساؤلات حول إمكانية إدارة العملية وقبول النتيجة المحتملة بالنسبة لواشنطن.
أولا، لا تنبع وقاحة زيلينسكي فقط من خصلة "الخوسباه" العبرية (وهي الوقاحة أو الصفاقة أو الجرأة التي تعتبر فضيلة لا رذيلة في الثقافة اليهودية) التي يتسم بها، وإنما أيضا من حالة اليأس التي يعيشها زيلينسكي نفسه وأوكرانيا ككل. ولأسباب داخلية، لا يستطيع زيلينسكي التوفيق بين تقديم تنازلات لروسيا والحفاظ على قبضته على السلطة. سيفترسه خصومه السياسيون ويُقتل على يد النازيين الأوكرانيين. سيقاوم زيلينسكي حتى الموت، وليس هناك ما يضمن أن تجبره الفضيحة على التنحي.
علاوة على ذلك، من المستحيل في ظل الوضع الراهن إيجاد بديل شرعي لزيلينسكي. سيكون أي خليفة غير شرعي، حيث يستحيل إجراء انتخابات قانونية. وبدلا من تغيير الرئيس، قد تواجه واشنطن زعزعة استقرار داخلي في أوكرانيا. إضافة إلى أنه من غير المرجح أن تحظى الشخصية الجديدة بقبول موسكو، إذ ستجبَر على الالتزام بالإجماع الغربي، ما يعني أنها أيضا ستحاول تجميد الحرب دون تلبية المطالب الروسية.

فشل لقاء ترامب وشي جين بينغ كان متوقعا.. الحرب الكبرى باتت وشيكة
والأهم من ذلك كله هو أن الفضيحة تتكشف على خلفية انهيار الجبهة الأوكرانية في الجنوب والشرق، والوضع الكارثي بالنسبة لأوكرانيا، والفوضى المحيطة بالرئاسة، وقد يكون لسرقة مئات الملايين من الدولارات وسط انقطاع التيار الكهربائي أثر كارثي على الجيش الأوكراني، الذي يشهد بالفعل من دون ذلك، وفقا لتقديرات مختلفة، فرار ما بين 20-40 ألف جندي شهريا.
بمعنى أنه إذا كانت الفضيحة قد بدأت فقط من أجل الضغط فهو أمر غريب، لأن النتيجة قد تتجاوز عدة مرات الحدود التي ترغب بها واشنطن، وقد يصل الأمر إلى انهيار الجيش الأوكراني وخسارة الحرب.
أضف إلى ذلك الأثر النفسي الكارثي للفضيحة على المجتمع الأوكراني. فبينما كان الذعر قد بدأ للتو في الظهور في خطابات الخبراء الأوكرانيين قبل عام، يبدأ معظمهم الآن حواراتهم ومقابلاتهم بكلمة "الكارثة"، ويضطر كثيرون منهم إلى الاعتراف بفشل أوكرانيا كدولة.
إن شبح نهاية أوكرانيا يلوح في الأفق حقا، وهذه الفضيحة تقرّب هذا الاحتمال بوضوح بدلا من إبعاده. لذا، إذا لم يكن ترامب ليستسلم لموسكو في أوكرانيا، فإن إثارة هذه الفضيحة تبدو غريبة.
وفي ظل هذه الخلفية، من المنطق افتراض أنه إذا كان ترامب مستعدا لتحمل هذه التكاليف الباهظة، فلا بد أن يكون هدفه أكبر بكثير من أوكرانيا. لا يسعني التفكير في أي شيء سوى محاولة ربط سرقة زيلينسكي للأموال الأمريكية بإدارة بايدن. نرى تراجعا في شعبية ترامب، وفوز الاشتراكي ممداني في نيويورك، وهزيمة ترامب المتوقعة في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل من المرجح أن تمنعه من أي فرصة لتنفيذ أجندته. لذا فهو بحاجة ماسة الآن، والآن فقط وإلا فلا إلى الأبد، من اتخاذ إجراءات حاسمة لسحق الديمقراطيين.
بالطبع، لم يثبت ترامب بعد أنه رجل حاسم. يتحدث كثيرا وينجز قليلا، وكثيرا ما يتراجع. ولكن في أي عملية، دائما ما توجد القشة الأخيرة التي تقصم ظهر البعير، وترفع التحديات والرهانات إلى مستوى جديد تماما. لربما قرر ترامب أخيرا أن يكون جادا. وإلا، يصعب عليّ تفسير ما يحدث في أوكرانيا.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تلغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
إقرأ المزيد
"بعد فضيحة".. أوربان يتهم زيلينسكي برئاسة "شبكة مافيا عسكرية" ويعلن وقف المساعدة المالية لأوكرانيا
وصف رئيس وزراء هنغاريا فيكتور أوربان النظام في أوكرانيا بأنه "شبكة مافيا عسكرية" ذات صلات بفلاديمير زيلينسكي، معلنا وقف المساعدة المالية الهنغارية لكييف وسط فضائح الفساد المستمرة.
إعلام: زيلينسكي وأجهزة مكافحة الفساد الأوكرانية على شفا الحرب
ذكرت مجلة "سبيكتاتور" أن الأجهزة الأوكرانية لمكافحة الفساد والدائرة المقربة من فلاديمير زيلينسكي توشك على خوض "حرب شاملة" بعواقب غير سارة وخطيرة، حتى على مستقبل زيلينسكي السياسي.
إصابة 4 من موظفي الطوارئ الروس في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية بجمهورية دونيتسك
أصيب أربعة من موظفي وزارة الطوارئ الروسية بجروح نتيجة هجوم بطائرة مسيرة انتحارية في جمهورية دونيتسك الشعبية، وفق ما أفاد به المكتب الصحفي للوزارة.
وزيرة الطاقة الأوكرانية تقدم استقالتها وسط موجة من فضائح الفساد
أعلنت وزيرة الطاقة الأوكرانية سفيتلانا غرينشوك اليوم الأربعاء، أنها قدمت استقالتها من منصبها مشيرة إلى أن المنصب في حد ذاته لم يكن يوما غايتها.
برلماني أوروبي يدعو إلى وقف تمويل أوكرانيا بسبب استمرار تقارير الفساد
دعا عضو البرلمان الأوروبي من حزب الحرية النمساوي اليميني، هارالد فيليمسكي، إلى وقف تمويل أوكرانيا، معربا عن استغرابه استمرار تقديمها كمرشح نموذجي للانضمام رغم التقارير عن الفساد.
بيسكوف: روسيا منفتحة على التفاوض لكن كييف ترفض الحوار
أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف استعداد موسكو لمواصلة العملية التفاوضية بشأن أوكرانيا، معربا عن استحالة إجراء مفاوضات من جانب واحد في ظل رفض كييف للحوار.
وسط فضائح الفساد.. زيلينسكي يطلب من بودانوف اتخاذ إجراءات عاجلة "لمصلحة أوكرانيا"
طلب فلاديمير زيلينسكي من رئيس الاستخبارات بوزارة الدفاع الأوكرانية كيريل بودانوف، اتخاذ "عدد من الإجراءات التي تصب في مصلحة أوكرانيا".
اتضح سبب تدبير زيلينسكي "عرض القيامة"
عن آخر تحذير روسي لكييف بتكتيكات هجومية جديدة، كتبت داريا فيدوتوفا، في "موسكوفسكي كومسوموليتس":
زيلينسكي يعيش شهوره الأخيرة
عن تدبير عملية لاغتيال زيلينسكي، كتب دانييل كوروبكو، في "كومسومولسكايا برافدا":
عضو مجلس الاتحاد الروسي: زيارة زيلينسكي لخيرسون تهدف لتهدئة خواطر الغرب
صرح عضو مجلس الاتحاد الروسي عن منطقة خيرسون إيغور كاستيوكيفيتش أن زيارة زيلينسكي لمدينة خيرسون في الجزء الذي تسيطر عليه قوات كييف، هدفت بالتحديد إلى تهدئة خواطر أسياده الغربيين.
زيلينسكي يزعم دعمه تحقيقات في الفساد تطال دائرته المقربة في قطاع الطاقة الأوكراني
زعم فلاديمير زيلينسكي بأنه يدعم التحقيقات الجارية في قضايا الاختلاس بقطاع الطاقة الأوكراني، والتي تنفذها الهيئات المعنية بمكافحة الفساد في البلاد وتشمل شخصيات من دائرته المقربة.
خبير أمريكي: سيتم التخلص من زيلينسكي قبل عيد الميلاد
قال لورنس ويلكرسون العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي إن فلاديمير زيلينسكي سيتم التخلص منه قبل عيد الميلاد إذا لم يهرب إلى إحدى فيلاته المنتشرة حول العالم.
التعليقات