على إسرائيل أن تخوض حروبها بنفسها

لقد نشرت كتابا، قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2020 بقليل، بعنوان "الساعة الحادية عشرة في أمريكا 2020" وشرحت تدهور السياسة الخارجية الأمريكية وما يتعين على الإدارة المقبلة أن تفعله لإصلاحه. وزعمت أننا معرضون لخطر التعثر الحروب التي يمكن تجنبها والتي قد تلحق ضررا خطيرا ببلدنا. والآن، بعد أربع سنوات، ربما نكون على بعد ساعات أو دقائق من اتخاذ هذه الخطوة المشؤومة.

وفي الوقت الذي أكتب فيه هذه الكلمات، ترسل الولايات المتحدة قوة قتالية كبيرة إلى الشرق الأوسط استعدادا لضربة انتقامية من جانب إيران ضد إسرائيل. وتحذر الحكومة الإسرائيلية مواطنيها من ضرورة تجهيز الملاجئ والاستعداد لانقطاعات كبيرة للتيار الكهربائي ومياه الشرب لفترة طويلة من الزمن. وتشير التقارير إلى أن إيران في المراحل النهائية من التحضير لهجوم.

إن المفارقة الغريبة في هذا الصدام المحتمل بين العمالقة في الشرق الأوسط هي أنه باستخدام الدبلوماسية البارعة والتفكير الرصين، كان من الممكن حل الموقف دون عتبة القتال منذ فترة طويلة. ومع ذلك، يبدو أن واشنطن وتل أبيب عالقتان في تكرار أسوأ الاتجاهات.

وفي الحقيقة، رغم حق إسرائيل في الرد على هجوم 7 أكتوبرفي 2023، ولكن لم يكن لها الحق في الاستغناء عن قوانين الحرب في كيفية الرد. وكذلك رغم حق الولايات المتحدة في دعم إسرائيل ولكن يجب عليها ضمان أمن الولايات المتحدة أولا وتجنب الحرب في هذه العملية.  ويبدو أننا، للأسف الشديد، نسير في وضع القيادة الآلية، متجهين نحو حرب أخرى في الشرق الأوسط.

وبعد أن قصفت إسرائيل مبنى السفارة الإيرانية في سوريا أعلن وزير الدفاع لويد أوستن " إذا تعرضت إسرائيل للهجوم فسنساعد بالتأكيد في الدفاع عن إسرائيل". والدفاع كان يعني الاستخدام المكثف للقوة الجوية والبحرية الأمريكية لاعتراض الصواريخ والطائرات دون طيار الإيرانية.

ولإثبات أن ادعاءات أوستن ليست فارغة، أمرت وزارة الدفاع بنشر قوة قتالية أمريكية إضافية في المنطقة، بما في ذلك الأصول الجوية والبحرية، فضلا عن القوات البرية الإضافية. وزعم بيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع أن "هذه القدرات الدفاعية كلها تدعم الردع لخفض التصعيد". وقالت نائبة السكرتير الصحفي للبنتاغون سابرينا سينغ إن أفضل طريقة لخفض التصعيد "هي أن يتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار هذا، حتى نتمكن من إخراج الرهائن الأمريكيين".

لكن إسرائيل ذهبت بعيدا في الاستفزاز؛ حيث اغتالت للتو كبير مفاوضي حماس الذي كانت محادثات وقف إطلاق النار جارية معه. وكان هذا الاغتيال في قلب طهران، إضافة لاغتيالات لقادة حزب الله في لبنان، مما يستفز انتقاما إيرانيا وشيكا. وربما تحاول أمريكا استخدام الوسائل الدبلوماسية لمنع الرد الإيراني، لكن أفعالنا تجعل الحرب أكثر احتمالا، وليس أقل.

وبغض النظر عن العواطف ينبغي على الولايات المتحدة أن لا تتدخل إذا ما خاضت إسرائيل حربا ضد إيران. فقد خاضت إسرائيل حروبا في الماضي، ولم نخضها نحن، ومع ذلك فقد نجحت في التعامل مع أمنها بمفردها. والسبب وراء تقديم واشنطن مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية لإسرائيل كل عام هو ضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها. وقد أثبتت هذه الجهود نجاحها؛ إذ تستطيع إسرائيل الآن الدفاع عن نفسها سواء بدعم أميركي أو دونه.

إن إيران تمتلك قوات صاروخية قوية وقوة عسكرية إقليمية لكنها لا تضاهي جيش الدفاع الإسرائيلي. وعلاوة على ذلك، وقعت إسرائيل في مشكلة في أبريل من هذا العام عندما انتهكت القانون الدولي بمهاجمة هدف في مجمع السفارة الإيرانية، مما دفع إيران إلى الرد العسكري المتوقع تماما. وفي الأسبوع الماضي، اغتالت إسرائيل عددا من كبار المسؤولين في حماس وحزب الله في طهران وبيروت على التوالي. ومن المرجح أن تؤدي أهمية الأهداف والمواقع السياسية الحساسة للضربات إلى رد عسكري من إيران.

إن إسرائيل ملزمة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان أمنها. وإذا أقدم زعماء إسرائيل على المجازفة التي قد تفضي إلى شن المزيد من الهجمات ضد إسرائيل، فلابد وأن يكونوا على استعداد للتعامل مع هذا الموقف. ولكن ينبغي أن لا تتوقع تل أبيب من القوات المسلحة الأميركية أن تقاتل إلى جانب جيش الدفاع الإسرائيلي. كما ينبغي لواشنطن أن لا تكون طرفا في الانخراط في عمليات عسكرية تتعارض مع أهداف أمنها القومي وقد تجرها إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط.

وباختصار يمكن أن نخسر كل شيء في خوض حرب ضد إيران. ومهما كانت صداقتنا مع أي حكومة أجنبية، يجب على هذه الحكومة أن لا تستفز ردا عسكريا قويا من قبل الأعداء ثم تفرض علينا حربا يمكن أن نتجنبها.

المصدر: ناشيونال إنترست

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب