كييف تعدل الدستور وتحدد موعد الانتخابات.. ودونباس ترفض
تواصل أوكرانيا جهودها لتعديل الدستور وتستعد لإجراء الانتخابات المحلية في محاولة لمحاكاة تنفيذ اتفاقات مينسك، متجاهلة ضرورة تنسيق كافة الخطوات مع دونباس.
وقرر مجلس الرادا الأوكراني إجراء الانتخابات المحلية في جميع أقاليم البلاد ما عدا منطقة دونباس في 25 أكتوبر/تشرين الأول القادم.
أما المناطق الخاضعة لسيطرة جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، فاعتبر البرلمان الأوكراني أنه "من المستحيل إجراء الانتخابات فيها بمراعاة معايير منظمة الأمن والتعاون الأوروبي".
وكان مجلس الرادا وافق في وقت سابق على قانون خاص بتعديل الانتخابات المحلية في البلاد. وترفض كييف تنسيق أية تعديلات، مهما كانت على الدستور أو على القوانين الانتخابية، مع المناطق غير الخاضعة لسلطتها في شرق البلاد. وفي هذا السياق، اعتبرت دونيتسك ولوغانسك أن السلطات الأوكرانية تخلت عن اتفاقات مينسك، وقررت إجراءات الانتخابات المحلية بشكل أحادي، علما بأنها ستجري يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول في جمهورية دونيتسك ويوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني في جمهورية لوغانسك.
هذا ووافق البرلمان الأوكراني بصورة أولية على المشروع الرئاسي لتعديل الدستور وأحاله إلى المحكمة الدستورية.
وصوت 288 نائبا في البرلمان الأوكراني في جلسة الخميس 16 يوليو/تموز لصالح إحالة مشروع تعديل الدستور إلى المحكمة الدستورية في البلاد.
وتوقع رئيس مجلس الرادا فلاديمير غرويسمان أن تقدم المحكمة قرارها بشأن التعديلات المقترحة في أواخر أغسطس/آب القادم، وأعرب عن أمله في أن يتمكن النواب من التصويت على المشروع في القراءة الأولى بحلول نهاية الشهر نفسه، وذلك لأن مجلس الرادا قرر التخلي عن إجازته الصيفية التقليدية من أجل تسريع عملية الإصلاح الدستوري.
بوروشينكو: مشروع تعديل الدستور الأوكراني لا ينص على منح دونباس "وضعا خاصا"
وجرى النظر في مشروع التعديلات خلال اجتماع مجلس الرادا الخميس 16 يوليو/تموز والذي عقد بحضور قادة البلاد، وبينهم الرئيس بيترو بوروشينكو ورئيس الوزراء أرسيني ياتسينيوك. كما حضرت الاجتماع فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أوروبا وأورسيا.
وأعلن بوروشينكو في الاجتماع أن مشروع تعديل الدستور الأوكراني لا ينص على إقامة نظام فيدرالي ومنح منطقة دونباس "وضعا خاصا".
وقال بوروشينكو في كلمة ألقاها قبل مناقشة النواب مشروع تعديل الدستور وإحالته إلى المحكمة الدستورية: "لا توجد أية إشارة إلى إقامة نظام فيدرالي. وأوكرانيا كانت ولا تزال وستبقى دولة موحدة. والمشروع لا يفترض أي وضع خاص لدونباس. وأنا على قناعة بأن المشروع المقترح لا يخرج بشكل من الأشكال عن إطار اتفاقات مينسك".
وأكد الرئيس الأوكراني أنه لا يمكن تحقيق اللامركزية في مجالات الدفاع والأمن الوطني والسياسة الخارجية والرقابة على الحقوق والحريات الدستورية للمواطنين.
تجدر الإشارة إلى أن تصريحات بوروشينكو جاءت دفاعا عن التعديلات الإضافية التي قدمها في البرلمان قبل يوم من عقد الاجتماع، علما أنه قدم مشروع التعديلات الأولي في أوائل يوليو/تموز الماضي. ويتعلق التغيير الوحيد في المشروع الجديد بذكر "النظام الخاص للحكم المحلي" في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، وهو ما يطلق عليه في منطقة دونباس مصطلح "الوضع الخاص".
وأعرب العديد من النواب عن غضبهم بعد قرار بوروشينكو إدراج بند يقول إن "النظام الخاص للحكم المحلي في المناطق الخاصة بمقاطعتي دونيتسك ولوغانسك مسجل في قانون خاص" في نص الدستور. ومن اللافت أن هذا البند الذي كان مدرجا سابقا على الأحكام الانتقالية في القانون الخاص بتعديل الدستور، نُقل إلى قسم الأحكام الانتقالية في الدستور نفسه، تحت ضغط واشنطن.
وكانت أوكسانا سيرويد نائب رئيس مجلس الرادا قد ذكرت في صفحتها على موقع "فيسبوك" الإلكتروني أن النواب الأوكرانيين يتعرضون لضغوط شديدة، بغية إرغامهم على التصويت لصالح التعديلات الجديدة.
وكتبت سيرويد: "في هذه الساعات والدقائق تُمارس ضغوط شديدة على النواب الشعبيين من جانب المجتمع الدولي، لكي تحصل "جمهوريتا دوينستك ولوغانسك الشعبيتين" على الوضع الخاص حسب دستورنا، وذلك بذريعة الالتزام باتفاقات مينسك".
وحسب معلومات صحيفة "أوكراينسكايا برافدا"، قدم بوروشينكو التعديلات الإضافية المثيرة للجدل في البرلمان خلال الزيارة التي تقوم بها حاليا فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أوروبا وأوراسيا إلى أوكرانيا.
مضمون تعديلات بوروشينكو
وبالإضافة إلى البند المثير للجدل المتعلق بوضع دونيتسك ولوغانسك، تتعلق التعديلات التي طرحها بوروشينكو، بتغيير منظومة الحكم المحلي في البلاد لكي تكون من 3 مستويات: الأقاليم والمناطق والأقضية. ومن المقرر أن تُمنح الأقضية وليس الأقاليم، أوسع الصلاحيات وبالدرجة الأولى في المجال المالي. كما تتيح التعديلات للرئيس إيقاف صلاحيات المجالس المحلية بشكل أحادي وفرض إدارة رئاسية مباشرة بواسطة مفوض خاص به، في أية منطقة من المناطق وذلك لمدة عام. ويرى بوروشينكو أن هذا الإجراء سيسمح بتقديم رد سريع على أية مظاهر انفصالية في البلاد.
ولتبني التعديلات الدستورية، يتعين على مجلس الرادا أن يصوت على المشروع في قراءتين (بعد موافقة المحكمة الدستورية عليها)، والمطلوب أن ينال المشروع في القراءة الأولى ما لا يقل عن 226 صوتا، وفي القراءة الثانية 300 صوت على الأقل.
بوشيلين : مشروع تعديل الدستور الأوكراني لا يتوافق مع اتفاقات مينسك
في هذا السياق قال دينيس بوشيلين مفاوض جمهورية دونيتسك الشعبية إن التعديلات على الدستور التي قدمها بوروشينكو في مجلس الرادا بنسخة جديدة، ليست إلا محاولة جديدة لمحاكاة تطبيق اتفاقات مينسك.
وقال في تصريحات لقناة "روسيا-24": "ما يجري حاليا في مجلس الرادا محاكاة جديدة لتطبيق اتفاقات مينسك. ولم يعد بوروشينكو يطلق تصريحات صريحة على غرار ما سمعناه سابقا، عندما قال مباشرة إن مناطقنا لن تحصل على أي وضع خاص وإن "فكرة الوضع الخاص من الشيطان".
وأعاد إلى الأذهان ما حصل بالقانون الخاص بالانتخابات المحلية الذي أصدره مجلس الرادا دون تنسيق النص مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ودون أخذ بعين الاعتبار للاتفاقات التي توصلت إليها لجنة المسائل السياسية التابعة لمجموعة الاتصال الخاصة بأوكرانيا.
وأكد بوشيلين أن مشروع تعديل الدستور الأوكراني، الذي قدمه بوروشينكو، لا يتوافق مع اتفاقات مينسك، مشيرا إلى أن مجموعة الإجراءات التي تم الاتفاق عليها في مينسك تقضي بضرورة وضع تشريع دائم حول الوضع الخاص لمنطقة دونباس، لكن مشروع بوروشينكو يتحدث عن ذلك في البنود الانتقالية التي ستفقد قوتها بعد سنة أو سنة ونصف.
وقال: "سنصر على وضع صيغ مفصلة للوضع الخاص وفي النص الأساسي لدستور أوكرانيا بالتحديد، وعلى تأكيد حقوق دونباس الخاصة في الدستور. وقبل كل شيء على حق إقامة علاقات متساوية قائمة على الاتفاق مع سلطات كييف".
وكان بوشيلين قد دعا نواب البرلمان الأوكراني إلى عدم التصويت على التعديلات المقدمة، كما دعا بوروشينكو إلى سحب التعديلات وإرسالها إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وروسيا و"جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك" للاتفاق عليها.
بدوره أعلن فلاديسلاف دينيغو مفاوض جمهورية لوغانسك الشعبية أن إعداد التعديلات الإضافية على الدستور جرى دون التنسيق مع دونيتسك ولوغانسك. كما انتقد دينيغو وضع البند المذكور في قسم الأحكام الانتقالية بالدستور، معتبرا أنه يجب إدراجه على النص الأساسي.
ومن جهته، قال رئيس "جمهورية لوغانسك الشعبية" إيغور بلوتنيتسكي إن مشروع التعديلات في الدستور الأوكراني الذي أحاله البرلمان الأوكراني إلى المحكمة الدستورية اليوم الخميس لا يمت بأي صلة مع تطبيق اتفاقات مينسك.
وأشار بلوتنيتسكي إلى أن بوروشينكو لم يخف ذلك، وأنه بصراحة وعلانية أكد أن هذه التعديلات لا توفر أي وضع خاص لدونباس.
وأضاف: "ولذلك عبثا حملت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند البسكويت إلى الرادا العليا (البرلمان) اليوم، لأن التصويت من أجل التسوية ليس فقط لن يكون مساعدا لها، بل سيبعدنا عنها".
وقال "سنسعى إلى أن تدرج أوكرانيا في نص الدستور الأساسي ضمانات الوضع الخاص، في متنه وليس في بنود عابرة".
وبدوره قال أندريه بورغين رئيس مجلس الشعب (البرلمان) لـ"جمهورية دونيتسك الشعبية" إن "بوروشينكو عرض اليوم على الرادا العليا تعديلاته في الدستور الأوكراني مخالفا بذلك بشكل صارخ مرة أخرى اتفاقات مينسك وذلك لعدم تنسيقه مشروع التعديلات مع دونباس، وحتى أنه لم يطرحه لمجموعة الاتصال لمناقشته. واظهر بذلك قيمة الوعد الذي قطعه في مينسك".
وأضاف أن الالتزامات التي أخذتها أوكرانيا على عاتقها لا تعني لها شيئا وأنها تهمل بشكل صارخ سكان دونيتسك ومعهم جهود الوسطاء الدوليين الممثلين بألمانيا وفرنسا وروسيا.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الرادا سبق أن تبنى قانونا حول "النظام الخاص للحكم المحلي" في الأراضي الخاضعة لسيطرة الجمهوريتين المعلنتين من جانب واحد، إلا أن كييف أجّلت تطبيق القانون حتى إجراء انتخابات محلية في هذه المنطقة وفق قوانين أوكرانيا وتولي الفائزين في الانتخابات السلطة.
نولاند: "الوضع الخاص" ضروري لاستعادة السلام في أوكرانيا
من جهتها قالت فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أوروبا وأوراسيا خلال لقاء مع الرئيس الأوكراني الخميس إن على أوكرانيا تنفيذ كامل الالتزامات التي أخذتها على نفسها في إطار اتفاقات مينسك.
وذكرت عقب اللقاء في حديث مع الصحفيين: "تحدثنا اليوم عن أهمية احترام أوكرانيا للالتزامات التي أخذتها على نفسها في اتفاقات مينسك وعن عدم انحراف أوكرانيا (عن الاتفاقات الموقعة").
وشددت نولاند على أهمية توثيق "الوضع الخاص" من الناحية القانونية وقالت "اعتماد الرادا العليا (البرلمان) الوضع الخاص في دونباس يعتبر أحد بنود اتفاقات مينسك التي وقعت عليها أوكرانيا، وهذا مهم من أجل استعادة السلام ووحدة الأراضي في شرق أوكرانيا".
واعتبرت المسؤولة الأمريكية أن تبني "الوضع الخاص" لدونباس سيمثل "جوابا عن أي أسئلة حول مدى التزام أوكرانيا باتفاقات مينسك".
بوشكوف: تصريحات نولاند عن تعديل الدستور الأوكراني متسرعة
بدوره قال ألكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما الروسي إن تصريحات فيكتوريا نولاند عن تناسب تعديلات بوروشينكو على الدستور الأوكراني مع اتفاقات مينسك، متسرعة.
وكتب بوشكوف على صفحته في موقع "تويتر": "تعديلات بوروشينكو على مشروع الدستور بعيدة عن اتفاقات مينسك ولا تتوافق إلا مع الأوهام السياسية لبوروشينكو نفسه".
تعليق الإعلامي سهيل فاطرة
تعليق كيريل كوكتش الأستاذ في جامعة موسكو للعلاقات الدولية
المصدر: وكالات
التعليقات