هل يصبح "الربيع الفرنسي" أوروبيا؟

أخبار الصحافة

هل يصبح
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/l5ja

ليست الاحتجاجات التي تجتاح فرنسا حاليا سوى مرحلة من مراحل انهيار الاتحاد الأوروبي.

عاملان يجعلان انهيار الاتحاد الأوروبي حتميا:

  1. على الرغم من "النمو" النظري للاقتصاد العالمي، فإن ما يعاني منه الآن، ليس فقط عدم انتهاء الأزمة الاقتصادية التي اندلعت عام 2008، وإنما أيضا تفاقمها، وهذا ما يزيد من موجات الرفض والاحتجاجات الشعبية الراهنة، بل إن ذلك هو السبب المباشر لظواهر انتخاب المرشح الأمريكي الشعبوي، دونالد ترامب، و"البريكسيت"، وانتصار الشعبويين في إيطاليا، ومن قبلها اليونان، وأخيرا احتجاجات فرنسا. فنمو اقتصاد الاتحاد الأوروبي يتوقف، وهو ما يعني ازديادا في موجات الاحتجاج.
  2. إن الأزمة تضرب جميع الدول، لكنها توجع الدول الأفقر أكثر من الأغنى، غير أن شعوب الدول الغنية أقل استعدادا للاحتمال، والأهم من ذلك أن لديها خيارا مطروحا. هذا الخيار هو الموافقة على اقتسام مواردها مع الدول الأفقر أم لا، أو بمعنى آخر البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، حيث كان "البريكسيت" هو إجابة البريطانيين عن ذلك السؤال، وهو ذات السؤال الذي سيطرح قريبا على الفرنسيين.

لقد كان السبب في الأزمة الاقتصادية عام 2008 هو الديون العقارية "السيئة" في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمكنت المصارف المركزية حول العالم آنذاك، بمجهودات مشتركة، من إيقاف التفاعل العنقودي، وإنقاذ النظام المالي العالمي من الانهيار. فاشترت البنوك المركزية الديون المعدومة من المصارف التجارية، لتنتقل تلك الديون من مستوى البنوك إلى مستوى الحكومات، ومنذ 2008 وحتى اليوم، تضاعف الدين الحكومي على مستوى العالم أكثر من مرتين. وعلاوة على ارتفاع الدين الإجمالي الحكومي والخاص بصورة كارثية، وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، من 164 تريليون دولار عام 2016، إلى 182 تريليون دولار عام 2018، أي أنه ازداد بنسبة 11% خلال عامين فقط، تضاعفت الديون على مستوى العالم، وفقا للمعهد المالي الدولي، لتسجّل 217 تريليون دولار في عام 2017، وهو ما يمثل 327% من الإنتاج الإجمالي العالمي.

ومن أجل الحفاظ على مستوى الحياة الراهن في الغرب، فلابد وأن يتراكم الدين بتسارع، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى التضخم بأي حال من الأحوال، مثلما حدث في فنزويلا وزيمبابوي. والبديل الوحيد لذلك هو أن ترغم الحكومات شعوبها على خفض الاستهلاك، بغرض بدء خفض الديون تدريجيا، أو على الأقل وقف تراكمها، وهذا ما أدى إلى انتخاب ترامب، وإلى "البريكسيت"، وإلى الاحتجاجات في باريس.

إننا نرى الآن موقفا وسطا، فالبنك المركزي في الولايات المتحدة قد بدأ في تقليص برامج دعم الاقتصاد، وشرع تدريجيا وببطء في زيادة نسب الفائدة على الديون، وهو ما أدى إلى سقوط البورصات العالمية والعملات في بعض الدول النامية. وبدءا من عام 2019، يعتزم البنك المركزي الأوروبي هو الآخر اتخاذ إجراءات مماثلة، بمعنى أنه في الوقت الذي ينمو فيه الدين بسرعة، ونتحرك صوب الكارثة على أية حال، تحاول حكومات الغرب تجميد هذه العملية، من خلال وقف دعم الاقتصاد.

لا شك أن تلك المحاولات لخفض الديون ستؤدي إلى موجات رفض شعبي جديدة، وتوجهات انتخابية انتقامية في صناديق الاقتراع، واحتجاجات متصاعدة حول العالم. لذلك فإن الاحتجاجات الدائرة في فرنسا، ليست سوى بروفة للحفل الكبير، وأعتقد أن ما ينتظرنا في المستقبل لا يزال أكثر إثارة، وخاصة بعد الانتخابات الألمانية لعام 2021، والتي وعدت المستشارة، أنغيلا ميركل، بالفعل، بأنها لن تترشح لها. ولكن قبل ذلك، فإن تدهور الأزمة الاقتصادية سوف يفجّر الاستقرار السياسي في الدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا

لحظة بلحظة.. تطورات الهجوم الإرهابي على مركز كروكوس التجاري بضواحي موسكو ومصير الجناة والضحايا