ترامب يمتلك الأوراق لإعادة تشكيل العالم
تحت هذا العنوان نشر موقع "ذا ناشيونال إنترست" مقالا للكاتب كاوش أرها*، تناول ما تحمله ولاية ترامب الثانية من "إعادة تعريف التحالفات العالمية" بين القوى الكبرى.

وجاء في المقال المنشور على الموقع:
إن الرئيس دونالد ترامب هو رجل محظوظ ولديه العزيمة لخلق حظه الخاص. ومع عودته إلى المكتب البيضاوي، سوف يجد عالما في حالة تغير، بينما أصبح خصوم الولايات المتحدة أكثر ضعفا مما كانوا عليه خلال ولايته الأولى: يواجه ترامب إيران بلا أنياب، وروسيا منهكة تنزف مواردها في حرب لا يمكن كسبها، وصين تكافح مع تحديات اقتصادية وسخط داخلي. وبفضل صفاته المميزة، مثل الجرأة التكتيكية، وعدم التوقع، والمهارة في عقد الصفقات، فإن ترامب يمتلك فرصا استثنائية لإعادة تشكيل الديناميكيات العالمية، ما قد يترك إرثا يضاهي إرث الرؤساء هاري ترومان ودوايت أيزنهاور ورونالد ريغان.

خبير روسي: ترامب أمام ممر ضيق من الفرص وجموح قد يخذل طموحه
فقد ساعد ترومان في ولادة دولة إسرائيل ووضع الأسس للشرق الأوسط الحديث، وأمام ترامب فرصة لإعادة تشكيل المنطقة، حيث يمكن تحويلها من عقود من الصراع العربي الإسرائيلي إلى عصر جديد من الأمن الجماعي والازدهار. وحتى قبل أن يؤدي اليمين، تمكن ترامب من التوسط في وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وبمجرد توليه المنصب، قد يحقق ما هو أكثر. الرئيس بشار الأسد أطيح به، وتضعضعت قدرات "حماس" و"حزب الله"، ما يعكس تدهور إيران بعد أن دمرت الضربات الجوية الإسرائيلية الدقيقة دفاعاتها الجوية.
في الوقت نفسه، تقف إسرائيل، بعد أحداث 7 أكتوبر، أقوى من أي وقت مضى. ويمكن لترامب توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية التاريخية، لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وتوجيه المنطقة الممتدة من بحر العرب إلى البحر الأبيض المتوسط من الصراع إلى الأمن الجماعي. قد يؤدي ذلك إلى عصر "الطريق الذهبي الجديد"، الممر الاقتصادي المزدهر الذي يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
لقد عمل ترومان على إعادة بناء أوروبا الغربية بخطة مارشال، وضمن أيزنهاور أمنها وقوتها، وأسقط ريغان الاتحاد السوفيتي وجدار برلين. بالمثل، يمكن لترامب أن يعزز اقتصاد وأمن شرق أوروبا لمستويات غير مسبوقة، ويضمن أمن أوكرانيا والبحر الأسود، وإعادة "الدب الروسي" إلى قفصه. يمكن أن تحول "خطة ترامب"، بقيادة استثمارات القطاع الخاص الأمريكي وليس دافعي الضرائب، منطقة البحر الأدرياتيكي-البحر الأسود-بحر البلطيق إلى محرك اقتصادي وأمني لأوروبا مكتفية ذاتيا. وتتصل هذه الرؤية بشرق أوروبا عبر "الطريق الذهبي الجديد" وصولا إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ما يوفر طريقا أكثر أمانا وأقوى وأغنى نحو الولايات المتحدة.

بوتين لن يلتقي ترامب ولن يتم تجميد الصراع في أوكرانيا
ومع النظر إلى الشمال، يقف الرئيس الجديد في موقف يمكنه من تشكيل منطقة القطب الشمالي بطرق غير مسبوقة. فالقطب الشمالي، الذي أصبح أكثر إتاحة والغني بالموارد، قد أصبح ساحة نشاط للخصوم مثل الصين وروسيا. ومن خلال تعزيز العلاقات مع غرينلاند، الدنماركية ذات الحكم الذاتي، يمكن لترامب تعزيز المصالح الدفاعية والاقتصادية الأمريكية في هذه الحدود الجديدة للتنافس بين القوى الكبرى. وبالتعاون مع كوبنهاغن، يخطط ترامب لمضاعفة المسؤولية الأمريكية عن أمن وتطوير غرينلاند. ومع ألاسكا وغرينلاند كركيزتين أساسيتين، يمكن أن تظهر "مبادرة الشمال الحر"، ما سيعزز التعاون مع أعضاء "الناتو" في أقصى شماله، ويشجع على التنمية المسؤولة في القطب الشمالي. وسيساعد هذا في تعزيز قدرات الدفاع الجماعي، من ألاسكا إلى فنلندا ودول البلطيق، بينما يشرك دولا مثل كندا والمملكة المتحدة وأيسلندا.
ومن خلال هذه التعديلات الإقليمية المتجددة، يمكن لترامب تأسيس شراكات اقتصادية وأمنية متداخلة تمتد عبر العالم من ألاسكا إلى آسيا وعبر الأطلسي. ومن خلال ربط المساحات الحرة والمفتوحة، يمكن لمبادرات ترامب أن تتفوق على مبادرات الحزام والطريق الصينية، ما يجعلها مجرد هامش تاريخي. وبعكس المشاريع التي تنفيذها بكين من أعلى إلى أسفر، يجب أن يركز نهج ترامب على الشركات المستدامة اقتصاديا، ما يقوي كل من الازدهار والأمن للولايات المتحدة وحلفائها.
إلى الشرق، رفعت ولاية ترامب الأولى منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى الواجهة العالمية، ما عزز التنسيق الرباعي بين الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا. ويمكن أن تعمّق ولاية ترامب الثانية من هذه التقدمات، تماما كما دفع حلفاء "الناتو" للمشاركة أكبر في عبء الدفاع، يمكن لترامب أن يطالب بتعهدات مشابهة من شركاء المحيطين الهندي والهادئ، حيث تقدم الولايات المتحدة بشكل رئيسي ضمانات أمنية أحادية. ومن خلال تأسيس منظمة معاهدة المحيط الهندي والهادئ، عبر توحيد الاتفاقيات الثنائية الراهنة، يمكن لترامب تقليد نجاح "الناتو"، ما ينشئ إطارا أمنيا قويا ومرنا، وقد تنضم دول مؤسسة مثل اليابان والفلبين والمملكة المتحدة وأستراليا بحماس.
وقد أوضحت استراتيجية الدفاع الوطنية الأولى لترامب أننا دخلنا عصرا جديدا من التنافس بين القوى الكبرى. لكن عصر المنافسة الكبرى يتطلب أيضا شراكات عظيمة. وخلال ولايته الثانية، ستلعب الهند، التي أصبحت الآن أكبر دولة من حيث عدد السكان ومن المتوقع أن تصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم، دورا محوريا. ومع زيادة عدم الاستقرار السياسي في طوكيو بعد فقدان رئيس الوزراء شينزو آبي، سيكون على الهند والولايات المتحدة أن تكونا الشريكين الرئيسيين في تعزيز "المحيط الهندي والهادئ الحر والمفتوح". ويمكن أن ترفع صادقة ترامب-مودي، المدعومة بالاهتمامات الوطنية المتقاربة، هذه العلاقة الثنائية إلى مستوى شراكة القوى الكبرى.

الأزمة المنهجية لحضارتنا
ويمكن لرباعي اقتصادي عالمي يتكون من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند واليابان أن يواجه النهج التجاري الصيني، ما يضمن تقدم الاقتصاد الرقمي العالمي بما يخدم المصالح والقيم المشتركة. كما يمكن لترامب تعزيز القدرة المؤسسية الأمريكية للسياسة الاقتصادية، من خلال توجيه الوكالات التي كانت نشطة في فترة الحرب الباردة لمعالجة طموحات الاقتصادات الناشئة مع تعزيز المصالح الأمريكية. ومن الأهمية بمكان أيضا أن يشرك ترامب إفريقيا وأمريكا اللاتينية كشركاء اقتصاديين وأمنيين، مع التركيز على التصنيع، لا سيما معالجة المعادن الأساسية لتلبية احتياجات الولايات المتحدة وحلفائها. ويمكن لعقيدة "مونرو" المحدثة أن تحد من التدخل الأجنبي في نصف الكرة الغربي، ما يضمن الأمن والازدهار الإقليمي.
يشكل تلاقي الأحداث العالمية ونوع القيادة الفريدة التي يتمتع بها ترامب فرصا لا مثيل لها لرفع تأثير الولايات المتحدة في تشكيل عالما أكثر أمانا وازدهارا، مع الحفاظ على المصالح والقيم الأمريكية. سواء كان إرث ترامب سيتواكب مع إرث ترومان أو ريغان، فذلك يعتمد على قدرته على موازنة الانخراط والانكماش. ومع ذلك، فبفضل مهارته في اغتنام الفرص، يمكن لترامب أن يثبت مكانته كأحد القادة الأكثر تأثيرا في القرن الحادي والعشرين، ما يعزز المصالح الأمريكية وازدهارها إلى آفاق غير مسبوقة في الذاكرة الحية.
المصدر: ذا ناشيونال إنترست
*كاوش أرها هو كبير الزملاء غير المقيمين في مجلس الأطلسي، كان يشغل سابقا منصب مستشار أول التفاعل الاستراتيجي العالمي في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID وممثل مجموعة السبع لشبكة النقطة الزرقاء خلال إدارة ترامب.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
إقرأ المزيد

استطلاع رأي.. ترامب يحظى بدعم أقل من نصف الأمريكيين
أظهرت استطلاعات رأي أجرتها شركة الأبحاث "إيبسوس" أن نسبة تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين الأمريكيين أقل من 50%.

السفير الإسرائيلي في واشنطن: ترامب سيرفع الحظر عن تصدير قنابل زنة 2000 رطل لإسرائيل
أعلن السفير الإسرائيلي في واشنطن مايك هرتسوغ أن من المتوقع أن يرفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال أيام الحظر على توريد قنابل زنة 2000 رطل لإسرائيل.

"نيويورك بوست": ترامب يخطط لتغيير اسم خليج المكسيك إلى "خليج أمريكا"
ذكرت صحيفة "نيويورك بوست" نقلا عن مصادرها أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب سيغير اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا في الساعات الأولى بعد تنصيبه.

هل يثق الروس في قدرة ترامب على تسوية نزاع أوكرانيا خلال 6 أشهر؟
أظهر استطلاع أجراه المركز الروسي لأبحاث الرأي العام أن 51% من الروس يشككون في قدرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تسوية النزاع في أوكرانيا خلال 6 أشهر.

وسائل إعلام أوكرانية: خطة ترامب للتسوية في أوكرانيا قد تشمل تجميد النزاع
أفادت وكالة أنباء RBC أوكرانيا بأن خطة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للتسوية في أوكرانيا قد تتضمن تجميد النزاع على طول خط المواجهة، وتعليق بحث عضوية أوكرانيا في "الناتو".

تحذير ألماني لترامب: الرسوم الجمركية سمّ قاتل للاقتصاد العالمي
حذر برلماني ألماني من تأثير الرسوم الجمركية العقابية التي قد تفرضها الحكومة الأمريكية الجديدة على الواردات الألمانية، مهددا باتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات جوابية.

مستشار ترامب السابق: الأولغارشية الأمريكية استسلمت لترامب
قال ستيف بانون المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن حضور الرؤساء التنفيذيين المليارديرات وأقطاب التكنولوجيا الأمريكيين حفل تنصيب ترامب، يعني استسلام الأولغارشية له.
التعليقات