انتصار واضح

أخبار الصحافة

انتصار واضح
رئيس الوزراء البريطاني/ بوريس جونسون
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/mwpc

تحت العنوان أعلاه، كتب يفغيني شستاكوف في "روسيسكايا غازيتا"، حول فوز رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في الانتخابات البريطانية، وتداعيات ذلك على مستقبل علاقاته الخارجية.

وجاء في المقال:

"بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي، لا شك أن رئيس الوزراء، بوريس جونسون، سوف يستفيد من استعادة الحوار مع روسيا، وإذا لم يضمن الفوز الذي حققه حزب المحافظين البريطاني في الانتخابات البريطانية، تحسين العلاقات البريطانية الروسية، فهو على الأقل سوف يسهم في خلق ظروف سانحة لفتح الحوار بين لندن وموسكو.

تبدو آفاق العلاقات اليوم بين البلدين مغلقة، وفقا لمصادر الخارجية الروسية لـ "روسيسكايا غازيتا"، بعد تقليص الاتصالات على جميع المستويات، بدءا بالسياسة وانتهاء بالثقافة. ومع ذلك فإن التوتر الذي ظهر في العلاقات، ونجم عما يسمى بملف "سكريبال"، قد تخف حدته مع وصول حكومة بوريس جونسون إلى السلطة، والتي ربما تفتح نافذة مع موسكو.

إن تجاهل العلاقات مع موسكو بعد مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي لن يكون في مصلحة البريطانيين أنفسهم، فإذا كانت بريطانيا قادرة في السابق على التأثير في السياسة العالمية من خلال هياكل الاتحاد الأوروبي، فسيتعين عليها بعد الخروج من الاتحاد إعادة بناء علاقات سياسية خارجية بشكل مستقل، بما في ذلك العلاقة مع موسكو، ووفقا لرئيس اللجنة الدولية لمجلس الاتحاد، قسطنطين كوساتشيف، فإن أحد المؤشرات التي سوف ترسم ملامح لعب الدولة البريطانية لدور أكثر أهمية في الساحة الدولية سوف يكون علاقتها مع روسيا، حيث استشهد كوساتشيف في هذا الصدد بفرنسا التي بدأ زعيمها ماكرون حوارا مستقلا مع موسكو، ما جعلهم في الاتحاد فورا "يتحدثون عن فرنسا".

وتابع كوساتشيف: "تجب الإشارة هنا إلى أن بوريس جونسون في وضع أفضل من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لأنه لن يكون مضطرا، بعد مغادرته الاتحاد الأوروبي، أن ينسق كل خطوة يخطوها مع الخط العام لبروكسل".

لم يكن من قبيل الصدفة إذن أن نقلت صحيفة "فيغارو" مقتطفات من البيان الرسمي للكرملين، والذي استشهد بتصريح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن "تطوير حوار وتفاعل بناء في مختلف المجالات من شأنه أن يخدم مصالح الشعبين الروسي والبريطاني، والقارة الأوروبية بأكملها". حيث أنه من الواضح أن الشانزليزيه، الذي تعبر "فيغارو" عن سياسته في كثير من الأحيان، مقتنع هو الآخر بأن التعاون بين ماكرون وجونسون في اتجاه موسكو ليس ممكنا فقط من الناحية النظرية.

إن النصر المقنع الذي حققه حزب المحافظين هو أولا نجاح لرئيس الوزراء البريطاني نفسه، الذي خاطر بمستقبله السياسي، ومستقبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذهب إلى انتخابات برلمانية مبكرة في موقف، وصفته العديد من استطلاعات الرأي بأن نصف سكان البلاد، على الأقل، يعارضون خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي. وخلال الحملة الانتخابية، نظّم معارضو جونسون احتجاجات عنيفة، وهو ما كان من الممكن أن يخلق انطباعا أن مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أقلية واضحة. إلا أن نتائج التصويت أثبتت العكس، ولم يكن نشاط الشوارع للمعارضة البريطانية متطابقا مع نتيجة الانتخابات.

فاز حزب المحافظين الذي دافع بشكل لا لبس فيه وبلا هوادة عن الانفصال عن أوروبا الموحدة، بهامش كبير، بينما تعرض خصومه، الذين غيروا رأيهم وفقا للحالة المؤقتة، لهزيمة فادحة، ثم وجدوا لهم كبش فداء هو جيريمي كوربين، والذي يتحمل شخصيا مسؤولية أن حزب العمال هو "كومة من الحطام، في طريقها إلى النسيان" وفقا لتعبير "دويتشه فيله" الألمانية.

الآن، يدركون في ألمانيا أنه ليس بالإمكان تغيير أي شيء، حيث يشبه الوضع عام 1987، حينما طالبت مارغريت تاتشر الاتحاد الأوروبي، لأول مرة بعد خطاب النصر المدوي للمحافظين، بـ "إعادة أموالنا". أعلنت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، فور معرفتها بنتيجة الانتخابات البريطانية، أن "خروج لندن سوف يكون حافزا لدول أخرى من الاتحاد الأوروبي أن تكون أكثر ثقة في اتخاذ قراراتها"، لكن ليس من الصعب ملاحظة أن الكثيرين في الاتحاد الأوروبي الآن يشعرون بالقلق إزاء ظهور منافس قوي اقتصاديا على حدودهم، ووفقا لخبراء، فإنهم سيحاولون فعليا منع لندن من ذلك.

لا أحد يتحدث علانية عن الكيفية التي ستحاول بها بروكسل إعاقة استعادة السيادة البريطانية، إلا أن هناك تلميحات ليس لها سوى معنى واحد.

أولا، سوف تستفيد أوروبا من نتيجة الانتخابات البرلمانية في اسكتلندا وأيرلندا، حيث عزز القوميون مواقفهم بشكل كبير، إذ أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا، نيكولا ستيرجين، وزعيمة الحزب الوطني، أنها ستطالب بإجراء استفتاء جديد حول استقلال المنطقة، حتى تتمكن من العودة إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن كدولة مستقلة.

كذلك يسود نفس المزاج أيرلندا الشمالية، التي حصل فيها القوميون على 9 مقاعد من المقاعد الـ 17 المخصصة في البرلمان البريطاني لبيلفاست، وذلك في الوقت الذي لا يمانع فيه الاتحاد الأوروبي من وجود تلك الرغبة.

ثانيا، يتخوف الأوروبيون من أن تتفوق بريطانيا اقتصاديا على شركائها السابقين، من خلال استغلال الموارد التي كانت تمنحها بريطانيا للاتحاد لأوساط الأعمال البريطانية، وتتخلى عن التدابير الخاصة بالتنظيم الحكومي في مجال سوق العمل ومكافحة المناخ. باختصار، سوف يؤدي "بريكسيت" إلى تخلص بريطانيا من الالتزامات الأوروبية المرهقة ماليا، لذلك سوف يسعى الأوروبيون في الوقت المتبقي حتى 31 يناير 2020، عندما سيتعين على البريطانيين المغادرة، إلى الحصول على ضمانات إضافية من لندن، حتى تظل ملتزمة بمسار أوروبا الموحدة بشأن القضايا الاقتصادية الرئيسية.

خلاف ذلك، سيرفض "فريق بروكسل" في النهاية التعامل مع جونسون، ما سيزيد من تفاقم الوضع داخل بريطانيا، ولا يتعين على لندن هنا الاعتماد على التفهم والتنازلات من جانب الاتحاد الأوروبي، ولا أن تأمل بجدية أن تحصل على دعم من الولايات المتحدة الأمريكية، فالرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رغم أنه وعد البريطانيين بصفقة كبيرة للغاية، إلا أن تجربة المفاوضات التجارية التي أجراها البيت الأبيض مؤخرا تؤكد أن تلك الصفقة سوف تكون مجدية في المقام الأول للولايات المتحدة الأمريكية.

لا أعرف مدى ملائمة توقعات العلاقات الجيدة بين بلدينا على خلفية حكم المحافظين، مع ذلك أتطلع لعلاقات أفضل مع بريطانيا - المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف

بعد إتمام الخروج، سوف يكون على فريق جونسون بناء الكثير على مستويات الاقتصاد والسياسة الخارجية من الصفر، وذلك أيضا ما سيتعين عليه أن يفعله في علاقاته مع روسيا، بالطبع ما لم تظل الصور النمطية حول الحوار مع الكرملين سائدة في بريطانيا".

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

تويتر RT Arabic للأخبار العاجلة
موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا