مباشر
أين يمكنك متابعتنا

أقسام مهمة

Stories

58 خبر
  • سوريا الجديدة
  • إسرائيل تعطل اتفاق تبادل الأسرى
  • العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
  • سوريا الجديدة

    سوريا الجديدة

  • إسرائيل تعطل اتفاق تبادل الأسرى

    إسرائيل تعطل اتفاق تبادل الأسرى

  • العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

    العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

  • رياح ترامب تعصف بزيلينسكي وأوروبا

    رياح ترامب تعصف بزيلينسكي وأوروبا

  • موسكو وواشنطن نحو تسوية ملفات عالقة

    موسكو وواشنطن نحو تسوية ملفات عالقة

  • خارج الملعب

    خارج الملعب

  • فيديوهات

    فيديوهات

لماذا سملوا عينيها؟

احتفت الثقافة العربية بالحكمة وأعلت من شأنها مثل بقية الشعوب والأمم، إلا أن اللافت أن هذه الحكمة المتوقدة التي تمجد الخير المطلق بقيت حبيسة الكتب.

لماذا سملوا عينيها؟
مقاتلة كردية جنوب مدينة رأس العين - سوريا / Reuters

 لم يتحول الموروث الثقافي العربي الأخلاقي الضخم إلى رافد فاعل في الحياة العامة، يسهم في نهضة ورقي المجتمعات العربية، متجسدا في هوية عملية تتوارث السلوك ولا تكتفي بالأقوال.

يمكن رؤية هذه الظاهرة المتمثلة في غياب التأثير المباشر للمورث المعبر عن الحكمة من خلال قصة زرقاء اليمامة التي تُظهر بجلاء في رمزيتها وتجليها العلاقة الجدلية بين القديم والجديد، المتخيل والواقع، الغائب والحاضر.

يصف كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه بطلة هذه الحكاية الأسطورية بأنها امرأة كانت تعيش في اليمامة، وأنها تمتعت بقدرة بصرية خارقة جعلتها تلحظ الشعرة البيضاء في اللبن، وترى الراكب على بعد ثلاثة أيام.

وتقول تفاصيل هذه الحكاية المعبرة، بحسب كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني، إن قوما من العرب غزوا اليمامة متسترين خلف أشجار اقتلعوها كي لا تكتشف أمرهم زرقاء اليمامة، فلم تر هذا المرأة التي لقبت بالزرقاء لإفراطها في استعمال الكحل إلا شجرا يسير على الأرض، وما رأت أبلغت به قومها، فسخروا منها وانصرفوا عنها.

وما أن أصبح الصبح حتى باغتهم الغزاة وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وقبضوا على زرقاء اليمامة التي سملوا عينيها فماتت بعد أيام.

على منوال هذه الحكاية الأسطورية، ظهر في العالم العربي في العقود الأخيرة العديد من المفكرين والكتاب والشعراء الذين رأوا، مثل زرقاء اليمامة، من أبعد المسافات ما لا تراه العامة، وجهروا محذرين وارتفعت عقيرتهم بما يشبه الصراخ، لكن ما من مجيب، فلم يتغير شيئ، والأمة تسير من نكبة إلى نكسة، إلى ما هو أسوأ وأشد خطرا من كل ما جرى في سالف الزمان. نذكر من بين هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، الشاعر العراقي مظفر النواب، والكاتب المصري فرج فودة والمسرحي السوري سعد الله ونوس.

إدلب - سوريا - 2014 / AFP

 تلوت هذه الأرواح الكبيرة من الألم وانكوت بالواقع المأساوي أكثر من غيرها، وهي لم تهادن ولم تعتزل، بل ظهرت للناس وصرخت ملء حناجرها محذرة من مغبة ما يجري، فقُتل فرج فودة غدرا برصاص التطرف، ومات سعد الله ونوس بالسرطان، وأصبح مظفر النواب طريح فراش المرض.

رأى مظفر النواب الأشجار مقبلة بالخطر، فقال في قصيدته "وتريات ليلية":" سيكون خراباً/ سيكون خراباً/ سيكون خراباً/ هذي الأمةُ لا بد لها أن تأخذ درساً في التخريب".

 هذا الشاعر الكبير الذي ذاق أمر الأحزان طرق الأبواب بعنف، وجعل من اللغة مطارق من حديد، لكن رسالته لم تصل، وواصل غزاة الخارج والداخل زحفهم، وهذه المرة لم يعودوا في حاجة لأشجار يتسترون بها، باتوا يأتون في وضح النهار وبموعد مسبق.

وصف مظفر النواب غياب المنطق السوي وقبح الواقع في تعبير مرير وموجع يقول: "يتهمني البعض بأني مبتذلٌ وبذيء، أعطني موقفاً أكثر بذاءةً مما نحن فيه".

أما فرج فودة الذي اغتاله رصاص التطرف عام 1992 فقد قاتل بالكلمة على أكثر من جبهة، وحاول أن يجعل الآخرين يرون ما يرى، لكنه بنهاية المطاف لم يصل إلى شيء، وذهبت جهوده أدراج الريح، فما كان منه إلا أن أحال عام 1989 صرخاته إلى المستقبل في إهداء حزين استهل به كتابه "نكون أو لا نكون" يقول: "إلى أصدقاء ولدي الصغير أحمد، الذين رفضوا حضور عيد ميلاده، تصديقا لمقولة آبائهم عني... إليهم حين يكبرون، ويقرأون، ويدركون أنني دافعت عنهم وعن مستقبلهم، وأن ما فعلوه كان أقسى عليّ من رصاص جيل آبائهم".

سعد الله ونوس بدوره كان درة هذا العقد الفريد، فقد اتخذ المسرح ملجأ ووسيلة لنقل ما يراه خلف الآفاق المدلهمة للناس من حوله، وكان أن امتص كل آلام أمته ومواجعها فداهمه السرطان على وقع حرب الخليج الثانية عام 1991.

ونوس قال في وصف تلك الأحداث المأساوية: "أشك معها في أنها كانت السبب المباشر لإصابتي بمرض السرطان، وليس مصادفة أن يبدأ الشعور بالإصابة بالورم أثناء الحرب والقصف الوحشي الأميركي على العراق".

هذا الكاتب الكبير نالت منه كل الخناجر والسيوف والرماح التي مزقت جسد الأمة، وهو أحس بكل الطعنات، واستقبلها كما لو أنه يقف أمامها مباشرة وقال معبرا عن ذلك قبل وفاته: "إن إحساسي الجنائزي سيتضاعف أكثر وأكثر وأنا على حافة هذه التخوم الرجراجة بين الحياة والموت. أعتقد أن إسرائيل سرقت السنوات الجميلة من عمري، وأفسدت على إنسان عاش خمسين عاماً مثلاً، الكثير من الفرح وأهدرت الكثير من الإمكانات".

ولم تشأ هذه الروح أن تغادرنا يائسة وقد أدارت ظهرها للخراب، فقد تسنى لسعد الله ونوس أن ينفخ في جذوة الأمل وهو يحتضر، وأن يرحل وهو يلوح بتعبير مفعم بالحلم وباستشراف المستقبل يقول: "إننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ".

لقيت زرقاء اليمامة في أسطورتها الملحمية مصيرا قاسيا، ومثل هذا المصير لحق على مر التاريخ بالعديدين من أمثالها، أولئك الذين حملوا هموم الناس وكانوا قادرين دوما على أن يكونوا نذر خير وشهود صدق. وعلى الرغم من الخيبات المتوالية، لم تكف زرقاء اليمامة عن استشفاف الخطر وتحذير قومها، وهي في كل مرة تدفع الثمن مقابل ذلك عينيها وحياتها.

محمد الطاهر

التعليقات

ماكرون يدخل وحيدا للبيت الأبيض وترامب يمتنع عن الخروج لاستقباله (فيديو)

"حماس" تؤكد: تصريحات موسى أبو مرزوق لا تمثلنا ومتمسكون بسلاح المقاومة

"فاينانشال تايمز": الولايات المتحدة ربما تقف إلى جانب روسيا والصين في مجلس الأمن

كييف تعلن عن وصول مفاوضاتها مع الولايات المتحدة بشأن الموارد إلى مرحلتها النهائية

بوتين: زيلينسكي دفع نفسه إلى طريق مسدود بمنع التفاوض مع روسيا

"بلومبرغ" تنشر تفاصيل مسودة الاتفاق بين أوكرانيا والولايات المتحدة بشأن المعادن النادرة

معادن أوكرانيا النادرة تثير "شهية" ترامب.. ماذا نعرف عنها؟

رئيس جهاز المخابرات العراقي: بغداد توجهت برسائل أمنية مباشرة إلى سوريا

زاخاروفا تعلق على تصريحات رئيسة الوزراء الدنماركية بشأن السلام في أوكرانيا

ترامب: إذا تم حل الأزمة الأوكرانية فسأذهب إلى روسيا