تونس تحارب الإرهاب بعزيمة شعبها

أخبار العالم العربي

تونس تحارب الإرهاب بعزيمة شعبها
التونسيون يصطفون خلف مؤسسات الدولة في وجه الإرهاب
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hgks

عمل التونسيون بمقولة شاعرهم أبو القاسم الشابي "إذا الشعب يوما أراد الحياة"، ليحبطوا بإمكانياتهم المتواضعة مخطط "داعش" لإقامة إمارة بمدينة بن قردان، رغم الأبعاد الخطيرة لهذا الهجوم.

"ربحنا معركة ولم نربح الحرب ضد الإرهاب"، هكذا علق رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد على هجوم مسلحي "داعش" على مدينة بن قردان جنوبي البلاد، فالعملية العسكرية لا تزال مستمرة في هذه المدينة التي لا تبعد سوى 25 كم عن الحدود مع ليبيا المضطربة التي أضحت بوابة الإرهابيين والجماعات المسلحة نحو دول الجوار.

لكن نصر المعركة الحقيقي كان التفاف الشعب التونسي حول وحدة أرضهم وعلمهم، إذ اصطف الشعب التونسي خلف مؤسساته الأمنية والعسكرية لمواجهة المد الإرهابي الذي فشل في إيجاد موطئ قدم ثابت في تونس حتى الآن، بالرغم من تعدد الهجمات في السنوات الأخيرة.

شعب أراد الحياة فقط

رغم المتاعب الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تثقل ظهر الدولة التونسية، لا سيما بعد ثورة 14 يناير2011، إلا أن صمود "قلعة بن قردان" تعد نقطة ضوء تونسية في ظلام تنظيم داعش الذي يسعى إلى تمديد رقعة سيطرته في شمال إفريقيا بعدما نجح في تثبيت "ظلاميته" ببعض المدن الليبية وعزز مواقعه هناك.

حكاية بن قردان حوت على عديد القصص الإنسانية الممزوجة بالدم والموت، ربما أبرزها والد أحد عناصر المجموعات المسلحة التي هاجمت مدينة بن قردان، الذي رفض تسلم جثة ابنه الذي قتل على يد الوحدات الأمنية والعسكرية، مشيرا إلى أنه لم يبك عليه ولم يأسف على وفاته، مطالبا من التونسيين أن يسامحوه لأنه "أنجب هذا الإرهابي"، على حد قوله.

وقال الوالد: "أنا أبكي وأتالم على القتلى والجرحى من المدنيين ورجال الأمن والجيش..ولا أبكي على ابني".

اختلطت دماء 7 مدنيين بدماء الجنود وورجال الأمن الذين استماتوا حتى آخر رمق لهم في الذود عن تراب وطنهم، رافضين ولوج "ثقافة الموت" لبلد انتفض شعبه في يوم ما من أجل كرامته ونيل حريته.

الدرس التونسي

شبه كثيرون سيناريو الهجوم على بن قردان التونسية (رغم فشله) باقتحام مدينة الموصل العراقية صيف 2014، إلا أن فوارق كثيرة حالت دون تحقيق جحافل داعش لغايتها في بن قردان، إلا أن اختراق تنظيم داعش لبن قردان يطرح فعلا أسئلة جدية إلى ما بعد هذا الهجوم وأيضا حول سبب اختيار هذه المدينة دون غيرها.

ويقول محللون إن داعش حاول الاستفادة من خزانه البشري من التونسيين الذين التحقوا به سواء في معسكرات التدريب بليبيا أو معاقله الرئيسية في سوريا والعراق، حيث تذهب تقديرات مؤسسات أمنية غربية إلى أن عددهم الإجمالي يفوق 6000 عنصر، وهي أرقام تثير القلق داخل تونس وخارجها، لا سيما الخوف من عودة هؤلاء المتطرفين إلى تونس.

ويعزو الخبراء فشل مخطط داعش في بن غردان إلى عدة عوامل، منها غياب الطائفية في المجتمع، وانحياز الشعب إلى مؤسسات الدولة في تجربتها الديمقراطية الناشئة، والارتكاز على مفهوم الدولة المدنية التي تحتكم للقانون والمؤسسات، بعيدا عن منطق الطوائف والقبائل التي تنخر أوصال عدة دول عربية. 

وركزت تقارير إعلامية غربية على هذه النقطة تحديدا، وكيفية التحام سكان المدينة بالقوات الأمنية التونسية ومساعدتها في إلقاء القبض على الإرهابيين والكشف عن أماكن اختفائهم.

لماذا بن قرادن؟

اختيار تنظيم "داعش" لمدينة بن قردان كان مدروسا لعدة اعتبارات أبرزها أن هذه المدينة تقع بالقرب من معبر راس جدير الحدودي مع ليبيا الذي يعتبر شريان الحياة للمنطقة الجنوبية في تونس والغربية في ليبيا.

ويبلغ عدد سكان المدينة زهاء 60 ألف نسمة يعتمدون في عيشهم في الغالب على التهريب، كما تنتشر في أوساط شبابها البطالة والشعور بانعدام آفاق المستقبل، كما أن هذه المدينة كانت تعاني من التهميش في فترات حكم بن علي، كذلك شهدت اضطرابات عدة كلما حاولت الدولة التونسية أو الليبية اتخاذ إجراءات لمنع التهريب أو مراقبته على الأقل.

ويعتبر المحللون أن داعش راهن على سهولة اختراق هذه المدينة ظنا منه أنه سيجد استجابة من قبل السكان المحليين المتذمرين من التهميش ومحاولات غلق مورد رزقهم، لا سيما بعد تشييد الحاجز الترابي بين ليبيا وتونس.

بيد أن التونسيين أنهوا الحلم "الداعشي" في مهده، وأثبتوا رفضهم لثقافة الموت والظلام واختاروا تراب أرضهم بدلا عن "خلافة" مزعومة خلقها واهمون متطرفون يبحثون عن أوطان لنشر الموت فيها، إلا أن الشعب التونسي تحدى داعش وأثبت أنه إذا الشعب يوما أراد الحياة..فسينتصر.

المصدر: وكالات

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا