محللون مصريون يعلقون على تراجع النفوذ الأمريكي في إفريقيا
علق محللون مصريون على زيارة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس لإفريقيا، واعتبروا أنها تهدف لتدارك تراجع النفوذ الأمريكي فى القارة السمراء.
وقال أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حامد فارس فى حديثه أن "زيارة كامالا هاريس إلى إفريقيا لها الكثير من الدلالات فهي تأتي كرد فعل متأخر على الصعود الصيني المتنامي خاصة أن الولايات المتحده تخلفت عن الرّكب مما أدى لتوجيه الكثير من الانتقادات لإدارة بايدن على أساس أنها أهملت القارة لفترات طويلة متراكمة وانتهجت سياسات خاطئة مسيّسة مما غزي مشاعر سلبية لدى الشعوب الإفريقية".
وأكد فارس: "ما ظهر بشكل واضح من الرفض الإفريقي لوجود قوات غربية على الأراضي الإفريقية وجعل الإدارة الأمريكية تسعى الى إقامه علاقات فردية مع بعض الدول الإفريقية والتي لها مصالح معها فقط".
وأضاف: "فقدت الولايات المتحدة نفوذها في الكثير من الدول الإفريقية وأصبح هناك قلق كبير من قبلها من التوسع المتزايد للصين في إفريقيا خاصة إن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول للقارة الإفريقية فيبلغ حجم التبادل التجاري الإفريقي الصيني 254 مليار دولار مقابل 44 مليار دولار كحجم تبادل تجاري بين الولايات المتحده والقارة الإفريقية. وهذا لم يأتي من فراغ بل نتيجة أن الصين نجحت في نسج شراكات إستراتيجية قوية بينها وبين الدول الإفريقية".
وأردف بالقول أن "الصين انتهجت سياسة خارجية متوازنة لتحقيق المنفعه المتبادل لها و وللشعوب الإفريقية في الجوانب الإقتصادية والتجارية والإهتمام بالجانب التنموي عكس الإدارة الأمريكية التي دائما ما تضع شروط سياسية وتتدخل في الشؤون الداخلية للدول لفرض هيمنتها وسيطرتها على صناعة القرار في الحكومات الإفريقية كل هذه العوامل ترجح كافة الصين خاصه أنها لا ترتبط بماضي إستعماري كما هو الحال بالنسبة للقوى الغربية في ظل أن هناك إدراك كبير من قبل الصين لأهمية القارة السمراء سواء سياسيا كونها أكبر الكتل التصويتية في الأمم المتحدة او إقتصاديا باعتبارها سوق إقتصادي كبير للبضائع والمنتجات الصينية وهذا يمثل مكسب كبير لبكين التي تفوقت على الولايات المتحدة إقتصاديا وهذا لا يمكن فصله عن الجانب السياسي وهو ما يؤكد أن الصين ثبتت اقدامها باعتبارها رقم واحد داخل القارة الإفريقية".
من جانبه قال الباحث والمحلل السياسي يسري عبيد: "أعتقد أن زيارة نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس الطويلة للقارة الإفريقية هو محاولة من جانب واشنطن لكبح جماح التمدد والتغلغل الصيني في القارة والذي أثر بشكل كبير على النفوذ الغربي خاصة الأمريكي داخل القارة".
وأضاف: "يعتبر الاهتمام بدول العالم الثالث من أهم تقاليد السياسة الخارجية الصينية خاصة على الصعيد العسكري، فنظرا للمقدرات العسكرية الصينية تمكنت بكين من ردع الولايات المتحدة الأمريكية من التدخل في صراعها مع تايوان".
وواصل الحديث قائلا: "تدرك الصين أن القارة الإفريقية بحاجة إلى عتاد أمني وعسكري لمساعدتها على ضبط حدودها وأمنها المجتمعي، وآليات برية وبحرية وجوية من العتاد واللوجستيك لدعم قدرات الدول الإفريقية على القتال والدفاع المشروع على أقاليمها وسيادتها،وأهمية تزويدها بالتكنولوجيا الرقمية في مجال الدفاع وتكنولوجيا المعلومات واستخدام الطائرات بدون طيار وغيرها من التكنولوجية الجديدة للقتال".
ونوه إلى حقيقة هامة وهي أن "بكين إستطاعت إستخدام القوة الناعمة كأداة لتعزيز دورها عالميا، وتتبع دبلوماسية مرنة في التعامل مع الدول الإفريقية عن طريق إستخدام الإقناع بدلا من الإكراه فتعمل الصين على جذب الآخرين عبر الثقافة، الإقتصاد، المساعدات التنموية غير المشروطة، مما ساهم في تعزيز حضورها الفعال والمتنامي في القارة، كما تدعم تواجدها باتفاقيات تعاون وصداقة مع دول القارة لتشجيع إستثمارات الشركات الصينية في القارة إلى جانب قيامها بدور الوساطة في بعض الأزمات مثل أزمة جنوب وشمال السودان حول منطقة أبيي المتنازع عليها".
من جانبها قالت الباحثة والمحللة السياسية نورهان أبو الفتوح: "تأتي زيارة نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس إلى إفريقيا نهاية مارس في خضم التحولات المتلاحقة التي يشهدها العالم لتؤكد مرة أخرى على تصاعد التنافس على القارة الإفريقية بين الدول والفواعل الكبرى، إذ تأتي هذه الجولة بعد جولات شهدتها المنطقة من الفاعلين الكبريين على الساحة والمنافسين الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية".
وأشارت أبو الفتوح: "فقد قام وزير الخارجية الصيني تشين قانغ، بزيارة رسمية إلى إفريقيا فى الفترة ما بين 9 وحتى 16 يناير 2023، بدأت بإثيوبيا مرورا بالغابون وأنغولا وبنين واختتمت بمصر، بما فى ذلك زيارته إلى مقري الإتحاد الإفريقي ومقر جامعة الدول العربية".
وأكدت أبو الفتوح: "كما شهدت المنطقة زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى عدد من الدول الإفريقية منها مالي وموريتانيا والسودان كما زار مؤخرا جنوب إفريقيا وإسواتيني وأنغولا وإريتريا في يناير الماضي، حيث جاءت هذه الجولة تزامنا مع جولة لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، بعد شهر من استضافة الرئيس الأميركي جو بايدن قادة أفارقة في قمة بواشنطن".
وأضافت: "فضلا عن زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى مصر التي جاءت بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى روسيا، وهو ما يشير إلى التحركات المتتابعة لمسؤولي الثلاث دول الولايات المتحدة والصين وروسيا، ويؤكد حالة الصراع التي تشهدها المنطقة بين ثلاث قوى تسعى إلى الإستفادة من تواجدهم في هذه المنطقة كساحة من ساحات الصراع بينهما على قمة النظام الدولي، حيث يسعى كل منهم إلى توسيع نفوذه على المستوى العالمي عبر حسم معركة وجوده في العديد من المناطق ذات الأهمية الجيوستراتيجية".
وأوضحت: "فغني عن القول إن الصعود الصيني شكل هاجسا لصانع القرار الأمريكي، لترتقي في تصنيفات واشنطن كمنافس للطموح الأمريكي. وفي هذا الإطار، انتقل تشابك المصالح بين القوة الكبرى في العالم إلى القارة الإفريقية، فأمام النفوذ التقليدي الأمريكي بالمنطقة، مقابل محاولات من أجل تعزيز إنفتاحها، تسعى الصين لتعزيز حضورها بالمنطقة، ويُعد المجال التكنولوجي من أهم ساحات التنافس بين الصين والولايات المتحدة في المنطقة، وهو ما يتوقع أن يتغير نسبيا خلال الأيام المقبلة وخاصة بعد زيارة هاريس إلى إفريقيا حيث يمكن أن تتجه الولايات المتحدة للتواجد بشكل غير تقليدي في المنطقة وهو ما اتضح في تصريحات كريستين ألين المتحدث الرسمي باسم نائبة الرئيس قالت ألين إن جدول أعمال نائبة الرئيس إن الجولة ستشمل تعزيز الديمقراطية والتأقلم مع المناخ وتمكين المرأة اقتصاديا والأمن الغذائي، إلى جانب التحدث مع "القادة الشباب وممثلي الأعمال ورجال الأعمال والمشردين الأفارقة".
وأكدت أبو الفتوح:"من هنا يمكن القول إن الولايات المتحدة الأمريكية ستعمل على اتخاذ خطوات وتحركات أكبر في القارة الإفريقية في الفترة القادمة في محاولة منها لضمان شريك استراتيجي دائم خاصة في ظل الدور الإقليمي والعالمي البارز التي تلعبه الصين في الفترة الأخيرة من خلال المبادرات التي تبنتها والتي يمكن الإشارة إلى نجاحها حتى الأن خاصة بعد إعلان استئناف العلاقات بين السعودية وإيران ويؤكد على ذلك تصريح المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي إن الولايات المتحدة تتابع "بكثب" سلوك الصين في الشرق الأوسط وأماكن أخر، فضلا عن المبادرة الصينية لحل الأزمة الأوكرانية ومبادراتها في الشرق الأوسط".
واختتمت: "يشير توقيت هذه المبادرات مع حصول الزعيم الصينى شي جين بينغ على فترة رئاسية ثالثة على الدور الفاعل الذي ستتبناه الصين بقيادة شي في الفترة القادمة من خلال تبني سياسة خارجية جديدة تعتمد على الدبلوماسية الفاعلة بجانب التعاون الإقتصادي الذي كان ركيزة أساسية في سياسة الخارجية وعلاقاتها مع الدول وخاصة القارة الإفريقية، وهو ما يتسق والخطة الإستراتيجية الصينية "صعود الصين السلمي".
هذا بالإضافة إلى وضوح تدهور أو تراجع في العلاقات الأمريكية ــ الصينية في الآونة الأخيرة خاصة بعد أزمة المنطاد الصيني التي قامت الولايات المتحدة بإسقاطه، وهو ما يتوقع أن يستمر في الفترة المقبلة.
"القمع والتطويق لا يفيدان أحدا".. رئيس وزراء الصين يدعو الولايات المتحدة للتعاون
القاهرة - ناصر حاتم
المصدر: RT
التعليقات