نهاية الدولار بين روسيا والصين والسعودية..
لم تعد محاولات التخلص من الدولار في التعاملات التجارية قرارات منعزلة وظرفية مثل قرار الرئيس الكوبي فيديل كاسترو إنهاء التعامل بالعملة الأمريكية في بلاده، في 25 أكتوبر 2004.
كوبا الدولة الخاضعة لعقوبات أمريكية وحصار خانق متواصل منذ عقود طويلة قرت إلغاء التعامل الحر بالدولار في البلاد على خلفية تشديد الولايات المتحدة وقتها من حربها الاقتصادية القاسية ضد "جزيرة" الحرية.
هيمنة الدولار العالمية بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، حين اجتمع قادة 44 دولة لإقامة نظام نقدي دولي مستقر وموثوق ودائم. في اتفاقية بريتون وودز، جُعل الدولار الوسيلة الرئيسة للتسويات الدولية في مجالي التجارة والاستثمار وكذلك المدخرات بما في ذلك حفظ الاحتياطيات الدولية.
وفقا لتلك الاتفاقية، تم ربط الدولار بالذهب بسعر 35 دولارا للأونصة، إلا أن أزمات عام 1970 في الولايات المتحدة أدت إلى انخفاض سعر صرف العملة الأمريكية وإلى انهيار نظام بريتون وودز. حينها رفضت الحكومة الأمريكية تبادل الدولار مقابل الذهب.
عندما دمر الركود التضخمي معيار الذهب، أسرع القادة الأمريكيون إلى استبدله بسعر صرف الذهب العائم للحفاظ على مكانة الدولار المحورية.
النفط في ذلك الحين أصبح العمود الفقري الجديد للاقتصاد العالمي. وافقت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" على التجارة حصريا بالدولار الأمريكي. بقي ما يعرف بـ "البترودولار" من دون تغيير تقريبا حتى السنوات القليلة الماضية.
هكذا ظهرت الحاجة إلى التخلص من "الدولرة"!
أظهرت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 كانت أظهرت نقاط الضعف في النهج القائم، وذلك من خلال انتقال "عدوى" المشاكل الداخلية لدولة واحدة، هي الولايات لمتحدة على الرغم من قوتها الاقتصادية، إلى البلدان الأخرى. تحولت أزمة الرهن العقاري الداخلية بالولايات المتحدة إلى أزمة مالية، وتلك الأزمة المحلية تحولت إلى أزمة اقتصادية عالمية.
الثقل السعودي والدور المصري:
كان من المستحيل إقامة وتوطيد "البترودولار" من دون تعاون ودعم المملكة العربية السعودية. مع تزايد المبادرات للتخلص من التعامل بالدولار بمستويات مختلفة، وشروع الحكومات في إعادة النظر في الدولار وعدم اعتباره أصلا لا بديل عنه، بدأت السعودية هي الأخرى في السير على هذا النهج.
تقارير متعددة ذكرت في مارس عام 2022 أن السعودية تجري محادثات مع الصين بشأن التعامل باليوان بدلا من الدولار في صفقات النفط والغاز.
مصر هي الأخرى تواصل خطواتها نحو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي الذي تعاني سوقها المحلية من نقصه منذ الربع الأول من عام 2022. في هذا السبيل تم الاتفاق على التعامل بالعملات المحلية مع تركيا، فيما تواصل القاهرة السعي للتعامل بنفس الطريقة مع السعودية والهند.
عملية التخلص من بالدولار في التعاملات الدولية تجري بشكل تدريجي في العالم. الصين على سبيل المثال وهي صاحبة أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة كانت خفضت في مايو 2022، لأول مرة منذ 12 عاما، استثماراتها في الدين العام الأمريكي إلى ما دون 1 تريليون دولار. بحلول نهاية أغسطس من نفس العام بلغ الرقم 971.8 مليار دولار.
أما روسيا فقد بدأت بشكل نشط في الاستغناء عن الدولار منذ عام 2022. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان أعلن في كلمة ألقاها عن بعد أمام قمة "بريكس" التي انعقدت في جنوب إفريقيا في أغسطس 2023، أن التخلي عن الدولار كعملة عالمية عملية لا رجعة فيها في روسيا والعالم، مشيرا إلى أن قمة بريكس "تناقش مجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بالانتقال إلى العملات الوطنية في جميع مجالات التعاون الاقتصادي بين دولنا الخمس". من هنا يبدأ العالم بالتغيير إلى الأفضل بشكل حقيقي.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
نصائح لمن يريد أن يصبح "مليونيرا" وربما "مليارديرا"!
يحلم من يتميز بالنشاط والطموح الكبير في أن يصبح في يوم من الأيام "مليونيرا"، وربما "مليارديرا"، لما لا؟ الفرص كثيرة، ما عليك إلا أن تكون مستعدا بشكل جيد لاقتناصها.
كم حصتك من "أموال العالم مجتمعة" لو وزعت على سكان الأرض بالتساوي؟
على الرغم من صعوبة تقدير قيمة جميع الأوراق النقدية المتداولة في العالم لتغيرها المستمر، إلا أنها تقدر بحوالي 5 تريليونات دولار.
الولايات المتحدة بين "الأيام السوداء" و"الانتحار"!
الانهيار الكبير الذي حدث في سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة في 24 أكتوبر 1929، عرف باسم "الخميس الأسود". هذا اليوم كان خطوة أولى في أزمة اقتصادية عالمية كبرى.
التنين الصيني وحكمة القطتين والفئران!
يعد الاقتصاد الصيني الثاني الأكبر في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، في حين أنه الأول منذ عام 2014 بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي.
ماذا سيحل ببلادك إن أفلست أمريكا؟
توالت في المدة الماضية تحذيرات خبراء الاقتصاد والمالية من مخاطر بوادر إفلاس الولايات المتحدة، أو ما يسميه بعض المتخصصين انفجار "فقاعة" الدين القومي الأمريكي.
لماذا تطبع الولايات المتحدة الدولار كما تشاء وكيف تؤثر هذه العملية على أموالك؟
تساؤل عريض يطرح نفسه باستمرار، لماذا تستطيع الولايات المتحدة طباعة الدولار باستمرار، فيما لا تستطيع أغلب دول العالم فعل ذلك؟
التعليقات