من التصعيد إلى السقوط مرورا بالمصالحة.. 7 أحداث شهدها عام 2021
شهد العالم في العام المنتهي 2021 عددا من النزاعات المسلحة والأزمات السياسية التي غيرت صورته، وأثرت على توازن القوى فيه.
1) انهيار حكومة غني وعودة "طالبان" إلى الحكم في أفغانستان
مرت أفغانستان خلال العام المنصرم بالأحداث الأكثر دراماتيكية في تاريخها، حيث تمكنت حركة "طالبان" من العودة إلى الحكم بعد حرب استمرت 20 عاما.
ففي أبريل الماضي أعلن الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن عن مراجعة الموعد المتفق عليه بين إدارة سلفه دونالد ترامب و"طالبان" لإتمام سحب الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان، وتأجيل هذا الموعد من مطلع مايو حتى 11 سبتمبر.
ومنذ انقضاء الموعد المتفق عليه أصلا، شنت "طالبان" هجوما واسع النطاق على مواقع قوات حكومة الرئيس أشرف غني، بالتزامن مع شروع واشنطن في سحب قواتها من البلاد.
وتفاقم الوضع بشكل حاد اعتبارا من أواخر يوليو، حين سيطرت "طالبان" خلال أيام معدودة بزحف خاطف، على معظم أراضي البلاد دون مواجهة أي مقاومة تذكر، ودخلت في 15 أغسطس العاصمة كابل، بعد فرار الرئيس أشرف غني وكبار المسؤولين في إدارته من البلاد.
وفي الأسبوعين اللاحقين تابع العالم المشاهد الدراماتيكية الصادمة لعملية الإجلاء الفوضوية التي نفذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، حيث احتشد مئات الأفغان في مطار كابل وحوله آملين في الرحيل على متن طائرات القوات المنسحبة، حيث لقي عدد منهم مصرعهم بعد محاولتهم التشبث بطائرات الغرب أثناء إقلاعها.
🎥🎥
— شؤون أفغانية (@AfghanAffairs7) August 16, 2021
العاصمة كابل| وضع عملاء قوات الاحتلال الأمريكي في (مطار كابل) بين عجلات طائرات أسيادهم الأمريكيين.
الوضع أسواء من سايغون #فيتنام ..
هل رأيتم الآن فضيحة أمريكا والناتو ؟!!
هذا مصير كل من يخون الإسلام والمسلمين.#أفغانستان#طالبان#طالبان_تنتصر pic.twitter.com/K1Uoyzs2DZ
وبلغت التوترات الأمنية في كابل ذروتها في 26 أغسطس عندما خلفت سلسلة تفجيرات تبناها تنظيم "داعش" الإرهابي في محيط المطار أكثر من 200 قتيل، منهم 13 عسكريا أمريكيا في أكبر خسارة يومية لقوات الولايات المتحدة منذ 10 سنوات.
وردا على هذا الهجوم الدموي، نفذ الجيش الأمريكي قبيل انتهاء عملية الإجلاء غارة خاطئة استهدفت سيارة في كابل كان سائقها موظف إغاثي، كما أودى هذا الهجوم بأرواح تسعة مدنيين منهم سبعة أطفال.
وبعد استكمال عملية الإجلاء الغربية من كابل، ظلت ولاية بنجشير لفترة وجيزة آخر بؤرة للمقاومة المناهضة لـ"طالبان" في أفغانستان، لكن الحركة استطاعت السيطرة على هذه الولاية أيضا، ثم شكلت حكومة جديدة مؤلفة من ممثلين عنها لم تعترف بها أي دولة بعد.
2) رحيل ترامب ونتنياهو وانهيار صفقة القرن
بدأ العام المنصرم بتطورات دراماتيكية في الولايات المتحدة حيث اقتحمت حشود من مؤيدي الرئيس دونالد ترامب مقر الكابيتول في مسعى لمنع المشرعين من الإقرار بفوز منافسه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية.
وتولى بايدن في 20 يناير مقاليد الحكم في مراسم تنصيب أقيمت بأجواء من التوتر، فيما قررت منصتا "تويتر" و"فيسبوك" للتواصل الاجتماعي حجب حسابات ترامب الذي كان يصر على أن خسارته في الانتخابات جاءت نتيجة الاحتيال.
وبعد خمسة أشهر، تمكن "معسكر التغيير" في إسرائيل من تشكيل حكومة جديدة برئاسة نفتالي بينيت وعزل رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو عن الحكم، في نهاية لأزمة سياسية عميقة استمرت لأكثر من عام في البلاد.
وتسبب رحيل ترامب ونتنياهو في انهيار خطة السلام في الشرق الأوسط المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن" التي أعدها البيت الأبيض.
وغير بايدن، بشكل ملموس نهج واشنطن إزاء الفلسطينيين حيث استأنف الاتصالات مع السلطة الفلسطينية والمساعدات الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي تم تعليقها في عهد ترامب.
وانتقدت إدارة بايدن، في خطوة نادرة، قرار حكومة بينيت توسيع رقعة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، كما ضغطت على إسرائيل بهدف وقف جولة جديدة من التصعيد اندلعت بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسيطرة على قطاع غزة في مايو.
3) مفاوضات إحياء اتفاق إيران النووي
بعد انتهاء ولاية ترامب وتولي بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، انطلقت في فيينا في أبريل مباحثات بين الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران حول إمكانية إحيائه.
وتتركز المباحثات على نقطتين أساسيتين هما رفع العقوبات الأمريكية عن إيران وعودة طهران إلى الالتزام الكامل بخطة العمل الشاملة المشتركة.
وعلى الرغم من إحراز الأطراف بعض التقدم في مشاوراتها، تعثرت المباحثات وتم تعليقها في يونيو الماضي، بسبب انتخابات إيران التي وصلت إلى الحكم فيها إدارة الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي.
واستأنفت المباحثات في فيينا في أواخر نوفمبر، بعقد جولة سابعة منها، لكن أطرافها لم تتمكن حتى الآن من تجاوز الخلافات القائمة بينهما، حيث تصر إيران على ضرورة رفع كافة العقوبات الأمريكية عنها بشكل غير مشروط قبل إحياء الصفقة.
4) تصعيد التوتر بين روسيا والناتو وأزمة المهاجرين في بيلاروس
شهد العام المنصر تصعيدا ملموسا في حدة التوتر بين روسيا وحلف الناتو، لاسيما في ما يحيط بالنزاع الأوكراني.
وفي مايو ويونيو نفذ حلف الناتو أكبر مناورات له في أوروبا منذ 30 عاما Defender Europe، بعد أن سبقته روسيا في أبريل بسلسلة اختبارات مفاجئة لجاهزية قوات المنطقة العسكرية الجنوبية وقوات الإنزال الجوي، ومناورات مكثفة شملت مختلف صنوف القوات المسلحة في شبه جزيرة القرم الروسية.
وجاء ذلك على خلفية زيادة عدد الحوادث البحرية والجوية قرب الحدود الروسية، لاسيما في البحر الأسود والمجال الجوي فوقه، وأبرزها في 23 يونيو، حيث خرقت المدمرة Defender البريطانية عمدا الحدود البحرية الروسية قبالة سواحل القرم، ما دفع حرس السواحل الروسي إلى إطلاق عيارات تحذيرية باتجاهها لإجبارها على الابتعاد.
وفي 16 يونيو عقد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي جو بايدن أول محادثات رسمية بينهما في جنيف، وتوج اجتماع القمة هذا بالتوصل إلى سلسلة اتفاقات مهمة، منها استئناف المفاوضات حول التوازن الاستراتيجي بين البلدين.
لكن في النصف الثاني من العام ظل التوتر بين روسيا والناتو مستمرا، مع رصد موسكو زيادة أنشطة الحلف في حوض البحر الأسود.
التوتر بين الجانبين احتدم على خلفية تأجيج الوضع في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا حيث استخدمت حكومة كييف في أكتوبر لأول مرة طائرة مسيرة تركية الصنع لضرب مربض هاون في جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد في دونباس.
وفي الأسابيع الأخيرة زعم مسؤولون ووسائل إعلام غربيون أن روسيا تحشد قواتها على حدود أوكرانيا تمهيدا لـ"غزوها"، فيما نفت موسكو هذه الادعاءات بشكل قاطع، مشددة على أن تنقلات قواتها داخل حدودها شأن داخلي ولا يهدد أحدا.
هذا التصعيد تزامن مع أزمة المهاجرين على حدود بولندا مع بيلاروس الحليف الاستراتيجي لروسيا، والبلد الشقيق في اتحاد روسيا وبيلاروس، حيث احتشد منذ مطلع نوفمبر عدة مئات من المهاجرين من الشرق الأوسط طالبين اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي عبر بولندا.
وفي نوفمبر، كلف الرئيس بوتين وزارة الخارجية الروسية ببدء العمل على وضع نظام ضمانات أمنية متبادلة بين موسكو والناتو لخفض التوتر الأمني في أوروبا.
وفي ديسمبر، نشرت روسيا مسودتي اتفاقيتين بخصوص الضمانات الأمنية اقترحت على الولايات المتحدة والناتو إبرامهما.
5) المصالحة الخليجية
في الخامس من يناير 2021، توجت قمة مجلس التعاون الخليجي بمشاركة مصر في محافظة العلا السعودية بتبني بيان أعلن فيه رسميا عن انتهاء الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بين قطر من جانب ومصر والسعودية والإمارات والبحرين من جانب آخر في يونيو 2017.
وبين الضيوف المشاركين في القمة، استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحفاوة أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني.
وأعقب تبني بيان العلا استئناف الاتصالات بين طرفي الأزمة الخليجية وزيارات متبادلة بينهما.
ويأتي ذلك على خلفية بوادر انفراجة في علاقات حليفة قطر تركيا مع مصر والإمارات، حيث خففت أنقرة والقاهرة بشكل ملموس نبرتهما إزاء بعضهما البعض، بينما استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نوفمبر في أنقرة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وتوجت هذه الزيارة بإبرام حزمة من الاتفاقات الاقتصادية بين الجانبين.
6) لأزمة اللبنانية-الخليجية
بعد إنهاء الأزمة الخليجية القطرية، اندلعت في أكتوبر أزمة دبلوماسية أخرى هزت العالم العربي، لهذه المرة بين لبنان ودول الخليج العربية.
واحتدمت هذه الأزمة بعد شهر من تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، على خلفية تصريحات سابقة جاءت على لسان وزير الإعلام فيها جورج قرداحي قبل توليه هذا المنصب بشأن النزاع اليمني.
وحمل قرداحي في هذه التصريحات التي أدلى بها ضمن برنامج "برلمان الشباب" السعودية والإمارات المسؤولية عن "الاعتداء على اليمن"، مشددا على أن جماعة الحوثيين "تمارس الدفاع عن النفس".
واستدعت هذه التصريحات غضب الدول الخليجية التي بادرت إلى اتخاذ إجراءات دبلوماسية بحق لبنان، بما يشمل استدعاء سفراء وتشدد منح التأشيرات، مع ردود أفعال متباينة على تصريحات قرداحي داخل لبنان وخارجه.
وبعد نحو شهرين من رفض الدعوات الداخلية والخارجية إلى الاستقالة، أعلن قرداحي في الثالث من ديسمبر عن تركه منصبه، مشددا على أن رحيله يأتي طوعا وليس "تحت الضغط والتحامل الجائر".
7) الأزمة السياسية في السودان
شهد السودان في العام المنصرم أزمة سياسية جديدة، على خلفية بروز الخلافات القائمة بين الشقين العسكري والمدني في السلطة.
ومنذ أواخر سبتمبر، شهدت حدة التوترات الاجتماعيىة في السودان تصعيدا ملموسا، إذ أغلقت حشود من المتظاهرين ميناء بورتسودان.
وفي 23 أكتوبر، هدد ممثلون عن القبائل المشاركة في المظاهرات، منها البجا، بانفصال شرق البلاد، في حال عدم تعديل اتفاقية السلام المبرمة في جوبا قبل عام وفقا لمصالحهم.
وجاء ذلك على خلفية تصاعد الأزمة السياسية في الخرطوم وتنظيم مظاهرات مؤيدة للحكم المدني وأخرى معارضة له ومؤيدة للعسكريين.
وفي 25 أكتوبر، أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان عن حل الحكومة المدنية وفرض حالة الطوارئ في البلاد، مع وضع رئيس الوزراء المدني عبد الله حمدوك قيد الحبس المنزلي واعتقال عدد من أعضاء حكومته.
وفي ظل ضغوطات عربية ودولية، وقع البرهان وحمدوك في 21 نوفمبر اتفاقا سياسيا عاد بموجبه حمدوك إلى منصب رئيس الوزراء، غير أن البرهان احتفظ بمقعد رئيس مجلس السيادة الانتقالي الذي من المفترض أصلا أن يسلمه إلى رئيس الحكومة.
ورغم هذه الاتفاق، تتواصل في البلاد احتجاجات ضد العسكريين.
المصدر: RT
التعليقات