مباشر

أي شغب على متن سفينة أوروبا ستقمعه الولايات المتحدة بوحشية

تابعوا RT على
ذهب المستشار الألماني أولاف شولتس إلى الصين على خلفية الإعداد الواضح للأنغلوساكسون للحرب معها.

وكان الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني قد أدليا، في الآونة الأخيرة، كصاعقة زرقاء وسط سماء صافية، بتصريح غير متوقع حول استعدادهما لحرب تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية.

بدأ الأوروبيون الغربيون يدركون شيئا فشيئا أن الدور المعدّ لهم هو دور الغذاء، وأن واشنطن كانت تستخدم أزمة الطاقة لنقل جزء من الإنتاج الأوروبي إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإفلاس من يرفض الانتقال.

علاوة على ذلك، وبالنسبة لألمانيا، تتجه الأمور نحو كارثة جيوسياسية، نحو الانهيار النهائي لمحاولات بناء الرايخ الأكبر على حساب روسيا والتوسع شرقا، وهو ما تسعى إليه البلاد منذ 100 عام.

اشترت ألمانيا موافقة بقية أوروبا على إنشاء الاتحاد الأوروبي، ولكن لم تعد هناك أموال لدعم هذا المشروع، فالتضخم يدمّر اليورو ورفاهية جميع الأوروبيين، بما في ذلك الألمان.

وحان الوقت لكي يخلع الألمان قميصهم الأخير، حيث يقوم البنك المركزي الأوروبي بالفعل بضخ الأموال علانية من السندات الألمانية إلى الإيطالية وغيرها من دول جنوب أوروبا المفلسة، لكن تلك ليست النهاية.

فأزمة الطاقة ستتطلب تضامنا من ألمانيا في الشتاء، أي أنه سيتعين عليها تدمير جزء من صناعتها من أجل جيرانها في الاتحاد الأوروبي، ويحتاج شولتس بشكل عاجل إلى العثور على النفط والغاز الرخيصين لأوروبا بأكملها، ولا يوجد مكان للحصول عليهما.

لقد أحرقت أوروبا الجسور مع روسيا، وعلاوة على ذلك اكتسبت الهياكل البيروقراطية بأوروبا عزما في الصراع مع روسيا، حيث يدرس الاتحاد الأوروبي الآن قضية مصادرة الأصول الروسية.

 في ظل الظروف الراهنة، من المرجح أن تكون موسكو مستعدة لبدء الحديث عن تطبيع العلاقات لا أقل من استعدادها لمناقشة حدود نطاق نفوذها في أوروبا الشرقية، مع تسليم غير مشروط لأوكرانيا بأكملها من جانب أوروبا.

لكن مثل هذه التغييرات في الوعي والمواقف الأوروبية لن تكون ممكنة إلا بتغيير النخب الحاكمة هناك، أو على الأقل في الأحزاب الحاكمة، وسيستغرق ذلك وقتا طويلا، ما يعني أنه من غير المرجح أن يحدث هذا الشتاء.

ليس الوضع أفضل حالا لأوروبا مع إيران، بعد خيانة أوروبا ورفضها الدفاع عن الاتفاق النووي الذي يرفع العقوبات الغربية عن طهران.

أما عرب الخليج، فقد أظهروا عدم استعدادهم للتضحية بعقود طويلة الأمد مع الصين من أجل أوروبا، التي تخطط للتخلي عن مصادر الطاقة الأحفورية..

تحتاج أوروبا الغربية إلى حليف في المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية، دون أن يكون لها من تعتمد عليه. لذلك يبقى الأمل الخير أمامها: الصين، التي بدأت أوروبا بالفعل، تابعة للمسار الأمريكي، في بدأ حملتها الهجومية الخاصة ضدها.

لا أعتقد أن هناك فائدة من ذلك، فالصين بالطبع ستأخذ كل ما يقدمه لها الأوروبيون، لكن ذلك سيكون نهاية ما يمكن أن تشارك به في الجبهة الأوروبية ضد الولايات المتحدة الأمريكية.

فليس لدى الصين ما تقدمه لأوروبا. ووفقا لميزان المصالح، ووفقا لهيكل الاقتصاد ذاته، فإن الصين ليست حليفا، وإنما منافسا لأوروبا.

قد تجلب زيارة الصين لشولتس بعد النقاط على الورق الذي يمكن توقيعه، إلا أن محنة أوروبا لن تتغير بأي شكل من الأشكال.

بشكل عام، فإن تذبذب شولتس غير المثمر (تارة إلى شبه الجزيرة العربية وتارة إلى الصين) هو المرحلة الثالثة لقبول ما لا مفر منه (الإنكار ثم الغضب ثم المساومة ثم الكساد ثم القبول). وفي الوضع الراهن، فإن محاولات الألمان لمقاومة واشنطن تذهب سدى، وسوف تسحق.

فالولايات المتحدة الأمريكية قادرة على إنقاذ أوروبا (سأعرض في المقالة القادمة كيف)، ولكن لفعل ذلك، يتعين على ماكرون وشولتس الزحف نحو واشنطن على ركبتيهما. وعلاوة على ذلك، سيتعين عليهما الموافقة على إرسال جنودهما للقتال من أجل المصالح الأمريكية، أولا مع روسيا في أوكرانيا، ثم مع الصين.

عموما، ليس ذلك سوى واحد من السيناريوهين الأكثر احتمالا. من الممكن أيضا حدوث سيناريو بتغيير النخب وانسحاب أوروبا من اللعبة، ولكن كي يحدث هذا، يجب أن تكون نجاحات روسيا في أوكرانيا أكبر، وموقفها وسياساتها أكثر حزما وصرامة.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا