مصر.. أزمة اختفاء السكر تضرب البلاد

مال وأعمال

مصر.. أزمة اختفاء السكر تضرب البلاد
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/ich7

اختفي "السكر" من الأسواق المصرية بشكل مثير، وبات الحصول على كيلو واحد من السكر أمرا بالغ الصعوبة.

أزمة غير مسبوقة تشهدها البلاد، منذ عدة أشهر، وباتت مرشحة للاستمرار خلال الفترات المقبلة، في ظل حالة من الضجر باتت تسيطر على المواطن المصري، والذي يفشل في الحصول على السكر، ولو بضعف ثمنه.

أسباب متعددة، تقف وراء اختفاء هذا المحصول بالغ الأهمية في حياة المصريين.. حيث تتناثر الاتهامات بين الفلاحين والمستوردين، والغرف التجارية، والحكومة المصرية.. كل طرف يحمل الطرف الآخر المسؤولية عن الأزمة، وتصاعدها.

الفلاحون يرجعون اختفاء السكر إلى شهر يوليو/تموز الماضي، ويعتبرون أزمة اختفائه "مفتعلة" من مافيا استيراد السكر، لتخزين المنتج المحلي، ورفع سعره، والاستيراد من الخارج، في ظل غياب الرقابة من جانب الحكومة.. ويبرىء الفلاحون أنفسهم من المسؤولية عن هذه الأزمة، باعتبار أن الكميات الموجودة في السوق حاليا، كانت من نتاج محصول القصب والبنجر من العام الماضي، حيث تم تسليم الانتاج لمصانع السكر، وهو ما ينزع المسؤولية عن الفلاح، متهمين "التجار" وجشعهم، بالمسؤولية عن تفاقم أزمة اختفاء السكر، ومحذرين من أن الأزمة سوف تشتعل أكثر خلال الفترة المقبلة، مالم تتدخل الدولة، وتدعم أسعار شراء محصول القصب من الفلاحين، حيث سيبدأ الحصاد الأسبوع المقبل، وسعر طن القصب الذي يقدمه الفلاح للدولة هو نحو 500 جنيه، وهو سعر غير مجز له بعد تحرير سعر الصرف في البلاد، وارتفاع سعر السولار، حيث يطالب الفلاحون بزيادة سعر طن القصب إلى 600 جنيه، حتي يستطيعوا أن يعيشوا حياة كريمة.

يذكر أن زراعة القصب في مصر، تتركز في 5 محافظات بالصعيد، وهي محافظات "أسوان والأقصر وقنا وسوهاج والمنيا"، والجديد في الأمر أن زراع القصب في تلك المحافظات يهددون بالامتناع عن حصاد المحصول، ما لم ترفع الحكومة سعر الطن، حيث رفع الزراع مذكرة إلى رئيس الوزراء شريف إسماعيل، طالبوا فيها برفع سعر طن القصب إلى  600 جنيه، قبل أن تتصاعد الأزمة، ويمتنع الفلاحون عن التوريد للمحصول، علما أن إجمالي مساحات القصب المزروعة لا تتعدي 300 ألف فدان، فيما يبلغ انتاج مصر السنوي من السكر نحو 2,4 مليون طن، مقسمة إلى 1,2 مليون طن من قصب السكر، و1,2 مليون طن من البنجر، فيما يبلغ معدل الاستهلاك السنوي نحو3,1 مليون طن، حيث يتم استيراد مليون طن من الخارج، لمواجهة النقص في الانتاج المحلي، ويري الزراع أن بإمكان الحكومة سد العجز من السكر، ووقف فاتورة الاستيراد من الخارج، إذا شجعت الفلاح على زراعة المحصول، وحددت سعرا مناسبا لمحصولي القصب والبنجر، قبل زراعتهما.

المستوردون، وأعضاء الغرف التجارية في مصر، يحملون الحكومة المسؤولية عن اختفاء السكر، وعدم وجوده داخل السلاسل التجارية المنتشرة على مستوي الجمهورية، ويرجعون ذلك للإجراءات الإدارية التي اتخذتها الحكومة، وعلى رأسها وجود سعرين لبيع السكر، مما أدى إلى خلق سوق سوداء للاتجار في السكر، بالإضافة إلى الإجراءات الشرطية المتبعة في مطاردة السيارات المحملة بالسكر، وضبط أصحاب المحلات التجارية، وتحرير محاضر لهم في حال توافر السكر بمخازنهم.

ويرجع أعضاء الغرف التجارية أزمة اختفاء السكر إلى العام ونصف العام، والتي ظهرت بوادرها مع انخفاض الأسعار العالمية للسكر، مقارنة بالمنتج المحلي، والذي كان الأعلى سعرا، حيث انسحبت الحكومة من القيام بدورها الحقيقي في توفير السلع الأساسية إلى المستهلك، وعندما بدأت التدخل لاحتواء الأزمة، أجبرت الشركات المحلية التابعة لها بطرح السكر في الأسواق بسعر سبعة جنيهات للكيلو، في ظل أن البورصة العالمية تشير إلى أن السكر في الأسواق العالمية يطرح بسعر ما يوازي 12 جنيها للكيلو، وبالتالي فإن شركات السكر ستحقق خسائر مع نهاية العام.

وبمقتضي الإجراءات الإدارية الخاطئة التي أقدمت عليها الحكومة، بحسب التجار والمستوردين، قضت على تجار الجملة، وخلقت شعورا نفسيا لدى المواطنين بوجود أزمة، مما دفع السكان إلى تخزين كميات ضخمة من السكر داخل منازلهم، تخوفا من عدم توافره، مطالبين الحكومة ببيع السكر داخل المجمعات الاستهلاكية بسعره الطبيعي، حتى لا يتم السماح للمتلاعبين من بعض المسؤولين عن إدارة هذه المجمعات بالتلاعب بالحصص المقررة لهم، ليصبح البقال التمويني هو الوحيد الذي يحصل على السكر بسعر7 جنيهات، لتسليمه إلى المواطن، الذي يستحق أن يحصل عليه بهذا السعر.

الحكومة من جانبها، ورغم حدة الأزمة، تعتبر أن الأزمة في طريقها إلى الحل، وذلك بحسب ما أدلى به ممدوح عبدالفتاح، رئيس الشركة القابضة للصناعات الغذائية، والذي أوضح أن 59 بالمائة من السكر الذي تنتجه المصانع يذهب إلى بطاقات التموين، و15 بالمائة فقط يذهب إلى المجمعات الاستهلاكية، و15 بالمائة إلى مصانع الحلويات، و20 بالمائة يذهب إلى السوق الحرة من خلال شركات التعبئة والتجزئة.

ويحصر المسؤولون الحكوميون الأزمة في عدة أسباب، ومنها عدم وجود العدد الكافي من ضباط الرقابة على التموين، حيث لايتجاوز عددهم الـ 50 ضابطا، يصعب سيطرتهم على المتلاعبين من البقالين التموينيين، والمجمعات الاستهلاكية، وتجار التجزئة، بخلاف سلاسل التوزيع والإمداد، كما أن تعدد أطراف التعامل مع سلعة السكر، تعد من الأسباب التي أسهمت في استمرار الأزمة، وتفاقمها، وذلك بداية من البقال التمويني، ومراكز التعبئة والعديد من مسؤولي المجمعات الاستهلاكية، حيث يقوم هؤلاء بالتصرف لحسابهم الخاص، كما أن المواطن الذي يعمل على تخزين السكر في مسكنه يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء اختفاء سلعة السكر.

وفوق ذلك، كشفت الجهات الرقابية عن سبب آخر لاختفاء السكر في البلاد، حيث تمكنت الجهات الرقابية من تحديد 27 مركزا لإعادة تعبئة السكر، إلا أنه، وبدلا من تسليمه لشركات التسويق، قامت بالاستيلاء عليه، حيث تم ضبط كميات كبيرة من السكر المهرب، كان معظمها متجه إلى ليبيا والسودان، لبيعها هناك، بسبب فارق السعر الكبير، بين سعر السكر في مصر، مقارنة بهاتين الدولتين.

لقد بات واضحا أن الأطراف المختلفة، تلقي بالمسؤولية على بعضها البعض في إختفاء السكر، إلا أن الخاسر الأكبر، هو "المواطن المصري" الحائر بين اختفاء السكر من جهة، والارتفاعات المتتالية في أسعاره من جانب آخر.

القاهرة - محمود بكري

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا