هل اقترب عهد ما بعد "داعش" في العراق؟

أخبار العالم العربي

هل اقترب عهد ما بعد
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hr64

بإعلان العبادي عن استعادة القوات العراقية السيطرة على القسم الأكبر من مدينة الفلوجة، بدأ الحديث يدور جديا عن المرحلة المقبلة، بعد اندحار "داعش".

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان قد ذكَّر في كلمة متلفزة بأنه وعد باستعادة الفلوجة، وها هي الفلوجة قد عادت، وأحكمت القوات سيطرتها على المدينة. غير أنه اعترف بوجود بؤر تابعة لـ"داعش" تحتاج إلى تطهير خلال الساعات المقبلة.

من جانبه، قال الناطق باسم العمليات المشتركة يحيى رسول إن «القوات العراقية رفعت العلم الوطني فوق المجمع الحكومي، وهي تعالج بعض الجيوب الداعشية". فيما دعا القيادي العشائري الشيخ مناف الحلبوسي القوات العراقية إلى "عدم التراخي بتحرير ما تبقى من الفلوجة"، مشدداً على أن انسحاب التنظيم نحو المناطق الشمالية للمدينة يعني سعيه لإعادة ترتيب صفوفه والتحصن في تلك المناطق. وأعرب الحلبوسي عن الحاجة إلى العمل على الحيلولة دون منح التنظيم فرصة لالتقاط أنفاسه.

 وما إن أعلن العبادي عن استعادة الفلوجة، حتى زار وزير الدفاع خالد العبيدي قيادة عمليات صلاح الدين، وأكد التوجه إلى تحرير ناحية القيارة، وجعلها مرتكزا لتحرير نينوى.

وفيما أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن توجه القوات العراقية إلى شمال محافظة صلاح الدين وجنوب نينوى، قال محافظ صلاح الدين أحمد الجبوري إن الهدف هو تحرير قضاء الشرقاط من قبضة التنظيم. وهو آخر قضاء تابع لصلاح الدين لا يزال تحت سيطرة "داعش".

 وهكذا، تعود الفلوجة في طرفة عين، كما ذهبت قبل عامين، وكأن حديث "داعش" عن خلافة مزعومة، لم يكن أكثر من حديث خرافة، يرفضها الواقع المحلي والإقليمي والدولي. وحديث خروج "داعش" من الفلوجة، والذي سيؤكده حديث نينوى بعد حين، هو واقع أكبر من أن ينكره أحد.

 

وبعيدا عن معركة بغداد السياسية واقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء مرتين على أبواب معركة الفلوجة، فإن معركة استعادة هذه المدينة شهدت أيضا تقاطعات محلية وإقليمية ودولية أخرى، تنبئ كلها ربما بقرب حلول عصر ما بعد "داعش" في العراق.

 فقد هنّأ وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، بعد إعلان العبادي عن استعادة الفلوجة، في برقية بعث بها إلى نظيره العراقي إبراهيم الجعفري، بالانتصار في معركة الفلوجة. وكرر علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني من جانبه التهنئة لنظيره رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري بذلك أيضا. وكذلك فعل المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في برقية ثالثة.

 وربما كانت هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها إيران بإرسال برقيات تهنئة إلى العراق منذ معارك جرف الصخر في أكتوبر/تشرين الأول 2014. والملفت في هذا الأمر، أنه في الوقت الذي تهنئ طهران بغداد ثلاث مرات، لم تفعل اسطنبول ولا الرياض ذلك؛ بل إن سفير الرياض في بغداد كان له كلام آخر. إذ أثار السيد ثامر السبهان جدلا سياسيا ودبلوماسيا في بغداد بعد إعلان بدء معركة الفلوجة، وكتب في صفحته على "تويتر" أن "وجود شخصيات إرهابية إيرانية قرب الفلوجة دليل واضح على أنهم يريدون حرق العراقيين العرب بنيران الطائفية المقيتة، وتأكيد توجههم بتغيير ديموغرافي".

ورد المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد جمال في بيان له على السبهان، مواصلاً بذلك معركة دبلوماسية كانت قد بدأت سابقاً مع الرياض، قائلا إن بلاده لن تسمح "لأي سفير بأن يوظف مهماته الدبلوماسية لتأجيج خطاب الطائفية من خلال موقعه الدبلوماسي"، مؤكدا أن "وزارة الخارجية ستقوم باتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الثنائية".

 ومن جهة أخرى، أطلق مسرور بارزاني رئيس مجلس الأمن القومي في حكومة إقليم كردستان العراق تصريحا ملفتا أثار جدلا ومعركة إعلامية بين بغداد وأربيل. وجاء تصريحه قبيل الإعلان عن استعادة الفلوجة وبدء معركة نينوى؛ حيث قال: «بمجرد إلحاق الهزيمة بتنظيم "داعش"، يجب تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات منفصلة: للشيعة والسنة والأكراد، للحيلولة دون المزيد من إراقة الدماء".

 وهكذا تثبت معركة الفلوجة أنها ليست ككل المعارك التي انطلقت ضد "داعش" منذ أغسطس/آب 2014. وهذا يشير ربما إلى اقتراب عهد ما بعد "داعش". وهو عهد تتقاطع فيه الأجندات الإقليمية والدولية على شكل وطبيعة النظام السياسي في عراق ما بعد 2014، بعد أن تقاطعت بفوضى وغياب دولة منذ 2003 وحتى اليوم؛ حيث شهد العراق منذ سقوط الفلوجة ونينوى بيد التنظيم، تطورات سياسية ضد المحاصصة والفساد، ترافقت مع التطورات الميدانية في حرب "داعش".

فقد خرج نوري المالكي، الذي شهدت أواخر عهده سقوط عدة محافظات بيد "داعش"، من موقعه في رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية. وتطور الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح حتى وصل إلى اقتحام أول وثان للمنطقة الخضراء، في حين يتوقع البعض حصول اقتحام ثالث ورابع، خاصة أن السلطة التشريعية لا تزال بانتظار قرار المحكمة الاتحادية، وهي تبدو بين بين، ومنزلة بين المنزلتين.

وحتى تتضح تداعيات وتقاطعات استعادة الفلوجة على بغداد سياسيا، فإن معارك مثلث فلوجة-نينوى-القائم، التي ابتدأت باستعادة الفلوجة، وبدأت تشق طريقها نحو نينوى، قد تجعل صورة هذه التداعيات أكثر وضوحاً.

 عمر عبد الستار

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا