هذه التفاهمات تمت بين دول أعضاء الاتحاد المتعلقة بعملية توزيع اللاجئين.
وأظهرت الأسابيع القليلة الماضية، عدم وجود تضامن أوروبي أو توزيع للمسؤوليات.. المجر تنعزل أكثر فأكثر وتشدد حدودها، في حين تدفع كرواتيا وسلوفينيا والنمسا ومقدونيا وصربيا باللاجئين إلى خارج حدودها.
وبلغ الأمر حد قيام المجلس الأوروبي بتوجيه رسالة لزعماء الاتحاد تؤكد أن بعض الدول فضلت حماية نفسها عبر إغلاق حدودها الوطنية، متجاهلة واجبها الأساسي وهو الدفاع عن المجتمع الأوروبي، والسبب نفسه دفع رئيس البرلمان الأوروبي دونالد توسك إلى القول إنه "يسود انطباع مؤلم في الأمم المتحدة بأن أوروبا هي أسوأ مكان يمكن أن يلوذ به اللاجئون الفارون من أهوال الصراعات المسلحة في بلدانهم".
ويعاني اللاجئون في المجر وكرواتيا وصربيا وسلوفينيا والتشيك، ظروفا صعبة للغاية، دفعت اليونيسكو إلى التحذير من المخاطر التي قد تصيب الأطفال نتيجة الظروف المناخية الصعبة وسياسات التشدد التي تقوم بها هذه الدول.
ووصل الأمر بإحدى الدول (التشيك) إلى احتجاز مهاجرين في ظروف مهينة لنحو 90 يوما، وأجبرتهم على خلع ملابسهم لتفتيشهم للبحث عن أموال للدفع لاحتجازهم، الأمر الذي دفع المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين إلى اتهام جمهورية التشيك بممارسة انتهاكات ممنهجة للحقوق في تعاملها مع اللاجئين والمهاجرين.
وفي خطوة لم تقدم عليها أي دولة أوروبية، عمدت الشرطة التشيكية مطلع الشهر الماضي إلى ترقيم المهاجرين بكتابة رقم على يد كل لاجئ، في خطوة وصفت من قبل منظمات حقوقية بأنها أشبه بممارسات النازية.
لا ترتبط هذه الانتهاكات بمحاولة الضغط على اللاجئين لعدم دخول البلاد فحسب، بل يتعلق الأمر بسياسات واضحة ضد المسلمين، حيث يعتبر الرئيس التشيكي معاديا شرسا للإسلام وله مواقف معروفة، فدولة التشيك لا تقوم مثل باقي الدول بتقييد حرية حركة المهاجرين، بل تنفرد في ممارستها الاعتقال الكيفي لهؤلاء ولفترات طويلة.
ومع أن باقي دول البلقان لم تظهر سياسات معادية للمهاجرين بسبب هويتهم، إلا أن الإجراءات المتخذة للتخفيف من تدفقهم، حولت هذه الدول إلى معتقل كبير ضمن ظروف غير إنسانية: المجر تغلق حدودها اليوم مع كرواتيا، وبرلمان سلوفينيا يمنح سلطات أكبر للجيش الذي يساعد الشرطة في السيطرة على الحدود.
ومن الواضح أن هذه السياسات المتشددة جاءت ردا على قرارات القمة الأوروبية السابقة التي أكدت ضرورة تحمل أعضاء الاتحاد أعباء اللاجئين بحسب إمكانية كل دولة، على أن تقدم مساعدات للدول خارج منظومة الاتحاد الأوروبي (صربيا، مقدونيا)، وتسعى بعض الدول إلى استغلال أزمة اللاجئين وتضخيمها إنسانيا للحصول على مساعدات مالية أكبر.
وتأمل سلوفينيا على سبيل المثال في الحصول على مساعدة مالية تبلغ 140 مليون يورو، وكذلك مساعدة لوجستية وبشرية لمواجهة تدفق اللاجئين.
وحذرت السلطات السلوفينية من أنها لن تقدم على بناء سياج حدودي كما فعلت المجر إن لم تقدم لها مساعدات مالية، وبالتالي ستضطر إلى ترك اللاجئين في العراء.
وستكون مشكلة الهجرة على جدول مباحثات القمة المصغرة التي تجمع الأحد المقبل زعماء النمسا وبلغاريا وكرواتيا ومقدونيا وألمانيا واليونان والمجر ورومانيا وصربيا وسلوفينيا، على أن يعقد في التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل اجتماعا لوزراء داخلية الدول الأعضاء في الاتحاد لبحث أزمة الهجرة، على أن تتبعها بعد يومين قمة مالطا التي تجمع وزراء داخلية الاتحاد مع وزراء داخلية من إفريقيا والشرق الأوسط لبحث سبل السيطرة على تدفق المهاجرين.
لقد كشفت أزمة اللاجئين عجز الاتحاد الأوروبي عن الوصول إلى صيغة تفاهم موحدة بين أعضائه، وتخشى الأمم المتحدة أن تتحول هذه الأزمة إلى كارثة إنسانية هي الأولى من نوعها التي تصيب أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، في حال قررت ألمانيا إغلاق حدودها بشكل تام، أو السويد التي بدأت تشديد إجراءات اللجوء إليها.
حسين محمد