وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس إحسان طاهري عقب اجتماع حول أفغانستان استضافته العاصمة الروسية اليوم الجمعة: "لقد أكدنا لهم (طالبان) أننا مستعدون لعقد مباحثات من دون أي شروط".
وفي وقت سابق من اليوم صرح طاهري أيضا عن استعداد المجلس "للمساعدة في ترتيب مفاوضات بين السلطات الأفغانية وطالبان دون شروط مسبقة وفي أي مكان تختاره الحركة".
رغم أن كابل قررت عدم المشاركة في اجتماع موسكو، مشيرا إلى أن مجلس السلام لا يمثلها، وهو ما أكده طاهري أيضا، إلا أن وفد المجلس المكون من خمسة أشخاص وصل إلى موسكو بتوجيه من الحكومة الأفغانية، ما يجعل تصريحات ممثله تشبه "بالونات اختبار" على أقل التقدير.
وكان رئيس أفغانستان السابق حامد كرزاي قد أسس المجلس الأعلى للسلام عام 2010، وهو هيئة تتولى مهمة فتح الحوار مع طالبان، إلا إن هذه المهمة ظلت متعثرة طيلة السنوات الماضية، وسط إصرار كل من الطرفين على شروط قبل بدء الحوار.
الحكومة الأفغانية أكدت مرارا استعدادها للتفاوض بشرط أن يكون في "إطار الدستور الأفغاني"، ما يعني ضمنيا مطالبة طالبان بالاعتراف بشرعية السلطة القائمة في كابل، وهو ما ترفضه الحركة، التي تعتبرها نظاما عميلا للخارج يعتمد على الجيوش الأجنبية لضمان بقائه.
بناء على ذلك، طالما اشترطت طالبان إطلاق المفاوضات بسحب كافة القوات المسلحة الأجنبية من أراضي البلاد، وهو أمر مرفوض من الحكومة وحليفتها وحاميتها الأساسية واشنطن، التي كانت ترفض هي الأخرى أي حوار مع طالبان، قبل أن عدلت موقفها مؤخرا وانخرطت في عدد من جولات المفاوضات المباشرة مع ممثلي مكتب الحركة في الدوحة.
من جانبها، عملت روسيا منذ سنوات على إطلاق العملية التفاوضية بين الحكومة وطالبان باعتبارها سبيلا لا بديل عنه لتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان، في جهود توجت بتبلور ما سمي "صيغة موسكو" للمشاورات حول أفغانستان، والتي عقدت جولتين لها في فبراير وأبريل عام 2017.
وحرصت موسكو على جمع السلطات الأفغانية وطالبان وراء طاولة "صيغة موسكو"، وكانت الحركة تلمح لاستعدادها لحضور موسكو في الجولة الثالثة للمشاورات التي كانت مقررة في سبتمبر الماضي، إلا أن الحكومة الأفغانية رفضت المشاركة، ما أدى إلى تأجيل الاجتماع.
ويرى مراقبون أن مواقف كابل الرافضة للحوار كان ناتجة عن آملها في قرب هزيمة طالبان عسكريا بعد إعلان البيت الأبيض العام الماضي عن خطة لزيادة القوات الأمريكية في البلاد، لكن تبدد هذه الأحلام وسط تصعيد طالبان لهجماتها وتحول الإدارة الأمريكية نفسها إلى سياسة الانفتاح الحذر على الحركة المتشددة، ربما دفع كابل إلى إعادة حساباتها والتفكير جديا في جدوى الحوار.
اجتماع موسكو اليوم لم يحقق اختراقا على صعيد الحوار الأفغاني، حيث أعلنت طالبان أن ممثليها لن يجروا لقاء مباشرا مع وفد كابل الحكومي في موسكو، لكن أحد ممثلي طالبان المشاركين في لقاء موسكو أكد وقوف الحركة مع حل مشكلات أفغانستان عبر الحوار، مشيرا إلى أن الحركة "مضطرة لخوض الحرب دفاعا عن الذات".
وسط هذه الأجواء اتفق جميع الأطراف على ضرورة مواصلة العمل في إطار "صيغة موسكو"، ما يعزز فرص التسوية السياسية لاستكمال مشوار الأفغان الطويل والشق نحو السلام المنشود.
المصدر: RT