وهتف نحو مئة متظاهر من الهندوس تجمعوا اليوم السبت في مدينة جامو شمال الهند شعارات دفاعا عن طائفتهم، مطالبين بإجراء تحقيق جديد في القضية، التي وجهت الاتهام إلى 8 أشخاص ووصلت ارتداداتها لقمة الحكومة الهندية، وتسببت بالشعب وتظاهرات الاحتجاج على أعمال العنف الجنسية في البلاد.
وأعلنت الشرطة سابقا أن قرويين من الغالبية الهندوسية كاثوا قرب مدينة جامو اغتصبوا وقتلوا طفلة في الثامنة من عمرها في شهر يناير الماضي لترويع المجموعة المسلمة من الغجر والتي انتمت إليها الضحية ودفعها إلى مغادرة المنطقة.
الهند تقر عقوبة الإعدام على مغتصبي الفتيات تحت12 عاما من العمر.
وعلى خلفية الحادث أقر مجلس الوزراء الهندي السبت الحكم بالإعدام على من يدان باغتصاب فتيات تحت سن 12 عاما وسط موجة من الغضب في البلاد بعد سلسلة من قضايا العنف الجنسي المروعة.
وجرى اتخاذ هذا القرار في اجتماع طارئ دعا له رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، وتم تبني أمر تنفيذي لتعديل القانون الجنائي ليشمل أيضا تشديد العقوبة على المدانين باغتصاب الفتيات اللاتي تقل أعمارهن عن 16 عاما.
والعنف الجنسي ضد النساء في الهند قضية سياسية ساخنة وتخرج بسببها احتجاجات متكررة على العنف المستشري ضد النساء والفشل في حمايتهن.
وانتقد كثيرون حكومة مودي قائلين إنها لم تفعل ما يكفي لحماية النساء مما زاد من الضغط على حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم مع اتجاه البلاد لإجراء انتخابات عامة العام المقبل.
تصعيد التوتر الطائفي ونظريات المغامرة
وسط هذا التوتر اتخذ حادث "الاغتصاب في كاثوا" تيمنا باسم المنطقة التي تقع فيها القرية، منعطفا خطيرا في الفترة الأخيرة، بعد أن جرت تجمعات للهندوس الذين اعتبروا تحقيق قوى الأمن المحلية متحيزا ضدهم.
وأعلن راجيمدر أبرول، المحامي الذي شارك في موكب تظاهرة جامو، أن "المدافعين عن الضحية أثاروا القلاقل لإلقاء أبرياء وراء القضبان".
ووسط هذه الأجواء المتوترة تنتشر الشائعات والمعلومات المتناقضة بشكل واسع ما يعزز من نظريات المؤامرة ولاية جامو وكشمير الهندية التي تمر منذ عقود بنزاع طائفي حاد.
ويعتبر أنصار المشتبه بهم أن المتهمين هم ضحايا "مؤامرة" سياسية كبيرة تهدف لتشويه سمعة الهندوس، فيما يرى الفريق المقابل في هذه الجريمة دليلا على الاضطهادات، التي تقوم بها الأكثرية الهندوسية ضد الأقلية المسلمة.
وأكد المتظاهر الموظف في شركة تأمين ديباك كامورا،أن "المسلمين يقومون ببيع المخدرات والبنات، وبأنشطة إرهابية". وأضاف: "نسمي جامو مدينة المعابد، لكنهم يقومون بتغييرها، إنهم يستبدلون المعابد بالمساجد".
وفي الأسبوع الماضي، انتشرت في أنحاء الهند صور أعضاء نقابة المحامين المحلية وهم يحاولون بأجسادهم منع المحققين من الوصول الى محكمة كاثوا لإيداع تقريرهم النهائي حول الاغتصاب. ورد كيرتي بوشان مهاجان، رئيس النقابة في المدينة، تعليقا على هذا الحادث الذي يجري التحقيق بشأنه، بالقول إن أشرطة الفيديو هذه أخرجت عن إطارها الطبيعي.
وأشار المحامي بوشان لوكالة "فرانس برس" إلى أنه "منذ اليوم الأول" تعتبر هذه القضية "مؤامرة تهدف إلى ضرب الانسجام الطائفي في المنطقة". وأضاف منتقدا سياق التحقيق: "إننا لا ندعم المغتصبين، لا نعرف من هم الجناة في هذه الجريمة".
لكن الاطار العام يبقى متفجرا، بحيث أن المحكمة العليا في الهند، أمرت بوضع عائلة الضحية ومحاميها الذي يقول إنه تلقى تهديدات بالقتل، تحت حماية الشرطة.
وبات رجال مسلحون يتولون بالفعل حراسة بيت الفتاة، كما يمكن أن تنقل المحاكمة إلى منطقة أخرى.
وقال الناشط القبلي طالب حسين، ملمحا بذلك إلى المجازر، التي وقعت بين الهندوس والمسلمين لدى تقسيم الهند وباكستان: "لم نشهد مثل هذا الاستقطاب منذ 1947".
ويتهم هذا الناشط الذي ينتمي إلى المجموعات المسلمة من الغجر في كشمير، القوميين الهندوس الذين يتولون الحكم في نيودلهي منذ 2014، وخصوصا منظمة راشتريا سوايامسيفاك سانغ، بالوقوف وراء التوتر الأخير.
وأكد هذا المحامي الذي يتجول، حسب "فرانس برس"، حافي القدمين منذ 5 أشهر للمطالبة بتطبيق قوانين مختلف المجموعات في كشمير، أن "الأصوليين الهندوس يحرضون الناس على المسلمين".
ومن الجدير بالذكر أن هذه المنظمة الجماهيرية القوية التي ينتمي اليها رئيس الوزراء ناريندرا مودي، راسخة الحضور في منطقة جامو.
وقال شاب ذو 29 عاما ،يأخذ عليه منتقدوه إعطاءه هذا الحادث طابعا طائفيا، لـ"فرانس برس"، إن الغجر "يوصفون بأنهم معادون للهندوس، ومحتكرون للأراضي وسارقون للغابات. وهذه الجريمة تندرج في سياق هذا الاستقطاب".
المصدر: أ ف ب + رويترز
رفعت سليمان