لا يمكن فهم أحداث الحاضر في الغالب بمعزل عن الماضي. الكثير من المآسي التي نشهدها اليوم بما في ذلك الحرب العنيفة والدموية التي تتواصل في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، أسبابها تعود إلى عقود طويلة خلت، وإلى أحداث متوالية تعودت فيها إسرائيل على فعل كل ما تشاء دون حسيب أو رقيب.
موقع "jewishvirtuallibrary"، يصف جريمة اغتيال المبعوث الدولي قائلا: "أثناء الكفاح من أجل إقامة دولة يهودية، لجأت الجماعات العسكرية المتطرفة أحيانا إلى استخدام التكتيكات الإرهابية. حدثت إحدى هذه الحالات في عام 1948 عندما قتل أعضاء في المنظمة اليهودية السرية ليحي وسيط السلام التابع للأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت للاحتجاج على جهوده الدبلوماسية لتعديل خطة تقسيم فلسطين".
القنصل العام الأمريكي في القدس بدوره كتب في رسالة إلى وزير الخارجية عن الحادثة يقول: "الكونت فولك برنادوت، وسيط الأمم المتحدة المعني بفلسطين، اغتيل بوحشية من قبل مهاجمين يهود مجهولي الهوية، في هجوم مخطط بدم بارد في مدينة القدس الجديدة في الساعة 1405 بتوقيت غرينتش اليوم الجمعة 17 سبتمبر".
مصادر عبرية تسرد عملية الاغتيال بالتفصيل والأسماء، مشيرة إلى أن "إرهابيي ليحي أرسلوا سيارة جيب عسكرية إسرائيلية يقودها سائق يدعى مشولام ماكوفر وبها أربعة قتلة إلى شارع بالميح في حي القطمون القديم في القدس. في الساعة 05:03 مساء، صعدت قافلة الأمم المتحدة ووجدت سيارة الجيب تسد طريقها. ترك الإرهابيون، وهم يرتدون شورتات كاكية وقبعات ذات ذروة سيارتهم الجيب، ووجدوا برنادوت في السيارة الثانية للقافلة، أطلق رجل، اكتشف لاحقا أنه يهوشوا كوهين، النار من مسدس آلي على السيارة، ورش الداخل بالرصاص وقتل سيروت (أندريه سيروت، مراقب فرنسي تابع للأمم المتحدة)، ثم برنادوت. أطلق أعضاء ليحي الآخرون النار على إطارات سيارات بقية القافلة، وهرب جميع الإرهابيين... نقل كل من سيروت وبرنادوت إلى مستشفى هداسا ولكن تبين أنهما توفيا على الفور. أصيب برنادوت ست مرات. في 18 سبتمبر، تم نقل جثته جوا إلى حيفا ثم إلى السويد، حيث دفن في عيد ميلاد زوجته".
الكونت فولك برنادوت في سطور:
الكونت برنادوت، سويدي كان حصل على اعتراف دولي من خلال عمله في رئاسة الصليب الأحمر لبلاده خلال الحرب العالمية الثانية. الرجل استخدم منصبه في التفاوض مع النازيين لاتقاد آلاف اليهود من معسكرات الاعتقال. بعض القيادات اليهودية تجادل بشأن حقيقة الخدمات الجليلة التي قدمها، وأصوات متطرفة وصفته بعد مقتله بأنه كان عميلا بريطانيا وانه تعاون مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية!
برنادوت بعد أن استلم مهامه كوسيط، "توصل إلى استنتاج مفاده أن خطة التقسيم للأمم المتحدة كانت قرارا (مؤسفا)، واقترح خطته الخاصة لتوحيد الشعبين المتناحرين. بدلا من إقامة دول فردية، اقترح أن يشكل العرب واليهود (اتحادا) يتكون من كيان يهودي صغير وشرق الأردن الموسع. ستصبح مطارا حيفا واللد مناطقتين حرتين. ستحصل إسرائيل على الجليل الغربي وهجرة غير محدودة لمدة عامين، وبعد ذلك تتولى الأمم المتحدة السيطرة على القضية. سيُسمح لما يتراوح بين 250.000 إلى 300.000 لاجئ عربي بالعودة إلى الأراضي العربية مع التعويض، وسيسيطر شرق الأردن على النقب، وعلى القدس، على الرغم من المطالبات الإسرائيلية".
مصير منفذي عملية الاغتيال:
عدد من أعضاء عصابة شتيرن أو كما تسمى "ليحي" أيضا، سجنوا "في إسرائيل لفترة قصيرة، ولكن لم تتم إدانة أي شخص بتهمة القتل. في مايو 1949، ذكرت الحكومة الإسرائيلية في تقرير إلى الأمم المتحدة أنه لم يتم ربط أي فرد بالجريمة على الرغم من أن المؤشرات تشير إلى عصابة شتيرن. بعد انتهاء فترة التقادم على جريمة القتل في عام 1968، تقدم العديد من أعضاء عصابة شتيرن في النهاية واعترفوا بأنهم متورطون في مقتل فولك برنادوت". وهكذا دفت خطة فولك برنادوت لحل سياسي للصراع مع صاحبها.
موقع عبري يتطرق إلى مصير مدبر حادثة الاغتيال إسحاق شامير قائلا: "من المعروف أن إسحاق شامير لعب دورا في التخطيط للاغتيال، ومع ذلك، لم يحاكم أبدا، وبعد سنوات تم انتخابه ثامن رئيس وزراء لإسرائيل".
المصدر: RT