الشرطي شوفين بدا في مقطع الفيديو كان انتشر في جميع أنحاء العالم ونقل المشهد المروع، كما لو أنه ينفذ حكما بالإعدام على قارعة الطريق ضاغطا بركبته على رقبة فلويد ليلتصق رأسه بالإسفلت. استمر ذلك لمدة سبع دقائق.
المواطن الأمريكي من أصل إفريقي كان مطروحا على الأرض يئن مفجوعا، وقد قيدت حركته فيما ركبة الشرطي تواصل الضغط حارمة إياه من التنفس.
فلويد وهو رجل أسمر يتمتع بصحة جيدة ويبلغ من العمر 46 عاما ويعمل حارسا في أحد المطاعم، حاول أن يفهم جلاده خطورة الوضع، إلا أن هذا الشرطي الذي تعود على مثل هذا السلوك لم يأبه له، وكذلك ثلاثة رجال شرطة بيض آخرين كانوا يراقبون المشهد بلا مبالاة.
بصوت متقطع مفجوع صاح المواطن الأمريكي التعيس قائلا: "لا أستطيع التنفس!"، كرر هذه العبارة 16 مرة قبل أن يغلق عينيه ويفقد وعيه، ومع ذلك ظل الشرطي جاثما على رقبته.
سلوك رجال الشرطة في تلك المناسبة تجاوز كل الحدود في الاستهتار بالحياة الإنسانية، وهؤلاء فيما كانوا ينتظرون سيارة الإسعاف، لم يحاولوا تقديم المساعدة للرجل الذي خنقته رعونتهم، ولم يحاولوا حتى تغيير وضع جسمه ليكون الهواء متاحا له، ظلت الركبة على رقبة فلويد وظهره، وحين نقلته سيارة الإسعاف إلى مستشفى قريب، تبين أنه مات اختناقا بسبب الضغط الشديد على جهازه التنفسي.
الشرطة المحلية حاولت في البداية حماية رجالها وتبرير سلوكهم، وجرى الترويح لادعاءات بأن جوج فلويد قاوم محاولة الشرطة لاحتجازه، وأنه كان عنيفا وتحت تأثير المخدرات، إلا أنه سرعان ما ثبت بطلان ذلك بفضل تسجيلات هواتف شهود العيان وكاميرات القنوات التلفزيونية.
علاوة على كل ذلك لم يكن هناك من داع لطرحه على الأرض، ومنعه من الحركة بإلصاقه على الإسفلت. تلك الحركة التي يتدرب عليها رجال الشرطة في ولاية مينيسوتا، طريقة كانت شائعة لتحييد المعتقلين الخطرين.
ركبة بوليسية قاتلة بعشرين دولار مزيفة:
بدأت تلك الحادثة المأساوية التي أودت بحياة فلويد بركبة بوليسية ثقيلة، حين تلقت شرطة مدينة مينيابوليس، مساء ذلك اليوم مكالمة هاتفية وشت برجل دفع ثمن علبة سجائر بورقة نقدية مزيفة من فئة العشرين دولار.
بعد مرور 17 دقيقة اثناء محاولة اعتقال فلويد من قبل دورية للشرطة، سحب أحد رجال الشرطة مسدسا، كما شارك اثنان من الضباط أحدهم لديه سابقة اعتداء بالضرب، والثاني كان فتح النار بطريقة غير مشروعة 3 مرات.
ألصق وجه المواطن الأمريكي من أصل إفريقي بالإسفلت حتى الموت. فقد أربعة رجال شرطة وظائفهم إثر ذلك، وجرى اعتقال أحدهم وهو ديريك شوفين، وحكم عليه بالسجن 20 عاما بعد إدانته بتهمة القتل غير المتعمد.
فجر مقتل فلويد المأساوي احتجاجات عارمة في جميع أنحاء الولايات المتحدة تحول بعضها إلى أعمال شغب وتدميرـ وانتقلت الاحتجاجات خارج حدود الولايات المتحدة، وظهرت مجددا مشكلة العنصرية التي لا تزال تخنق الولايات المتحدة.
الموت بعنصرية خانقة:
عبارة "لا أستطيع التنفس" المفجعة تحولت إلى شعار للمتظاهرين، وتذكر الأمريكيون من جديد أن "حياة السود مهمة"، إلا أن المشكلة مستفحلة بشكل سرطاني، ولا يمكن للتعاطف وجده أن يجتث جذورها.
أما هاشتاغ "حياة السود مهمة" الذي انتشر كالنار في الهشيم في شبكات التواصل الاجتماعي، فقد خرج من قبل في يوليو من عام 2013 حين تمت تبرئة الحارس الأمني جورج زيمرمان من جريمة قتل المراهق الأسود الأعزل ترايفون مارتن.
نشطاء حركة "حياة السود مهمة" يشددون على أن الشعار القائل "كل الأرواح مهمة" ليس دقيقا تماما، لأن الأمريكيين السود في خطر دائم بسبب الموقف المتحيز للدولة والشرطة، وأن ذلك الشعار والواسع، يحاول تشتيت الانتباه عن المشكلة المزمنة التي يعاني منها الأمريكيون الافارقة.
حركة حياة السود مهمة أصبح معروفا على نطاق واسع في عام 2014، بعد وفاة إريك غارنر وهو أمريكي من أصول إفريقية يبلغ من العمر 43 عاما، وفقد حياته مثل فلويد بركبة بوليسية كتمت أنفاسه حتى الموت.
المصدر: RT