جاء ذلك في مقال المقدم السابق دانيال ديفيس والزميل الأول في أولويات الدفاع، والذي انتشر في مناطق القتال 4 مرات، وله كتاب "الساعة الحادية عشرة في الولايات المتحدة عام 2020"، حيث كتب أنه من الحكمة الآن الرضا بما حققته الولايات المتحدة من "هدف استراتيجي" باستنزاف روسيا، وعدم الجشع بمحاولة الضغط من أجل "هزيمة عسكرية صريحة لبوتين وقواته".
ويؤكد الكاتب على أن "التحليل غير العاطفي والمتوازن لأساسيات القتال في اللعبة يكشف عن إمكانات متزايدة بأن أوكرانيا ستكون قادرة فقط على "الاحتفاظ بما لديها" وليس هزيمة روسيا، مشيرا إلى أنه يتعين على القادة الغربيين البدء في "إعادة ضبط توقعاتهم في ضوء المسارات الحالية، حيث أن الإصرار على وجهة النظر بأن روسيا سوف تخسر الحرب، قد يترك الغرب على حين غرة إذا فشل الهجوم الأوكراني في إضعاف المواقف الروسية ماديا".
ويتابع الكاتب بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يشعر بالقلق مما قد يفعله بوتين حال "تعرضت روسيا للإذلال نتيجة الخسارة" على حد تعبيره، فيما يعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الحرب "أكثر بكثير من مجرد حرب بين روسيا وأوكرانيا، وإنما هي (معركة أساسية حول القيم التي نؤمن بها حول الديمقراطية، وحكم القانون، وسلامة الأراضي، والحرية)"، ويرى الكاتب أن سوناك ليس مصيبا بالأساس، حيث أن القيم الديمقراطية وسيادة القانون، وعلى الرغم من كونها مفاهيم بالغة الأهمية، إلا أن الانتصار في الحرب، لا يتصل بها بصلة مباشرة، حيث أن أساسيات القتال والقوة العسكرية هي ما يسود على أرض المعركة، و"إذا لم يكن هناك طريق عسكري قابل للتطبيق بنجاح، فإن القيم تصبح غير مهمة".
وشدد الكاتب على أن لدى روسيا ميزة في ساحة المعركة وهي القدرة الصناعية وعدد القوات المحتمل توافره.
وفي إشارة إلى الجدل الدائر حول كيفية شن الحرب، فهناك اعتقاد غريب في كييف وعواصم معظم الدول الغربية بأن القوات التقليدية وحدها تمثل بطاقات اللعب، و"سواء تم ذكر ذلك أم لا، فإن تصرفات وتصريحات القادة الغربيين المختلفين تكشف اعتقادهم أنه إذا تم العثور على الاستراتيجية الصحيحة فقط، وإذا أمكن تسليم ما يكفي من معدات (الناتو) الحديثة، وإذا كان بالإمكان إنتاج ما يكفي من الذخيرة، حينها يمكن لأوكرانيا هزيمة روسيا وطرد قوات بوتين من أوكرانيا".
إلا أن الكاتب يؤكد على أن "مثل هذا التفكير يمثل تناقضا صارخا مع الواقع. وقد يؤدي الاستمرار في تجاهل الفيل الذي يبلغ وزنه عدة ميغات من الأطنان في الغرفة إلى نتيجة مظلمة وربما كارثية بالنسبة للغرب. حيث خطا بوتين يوم السبت الماضي خطوة إلى الأمام على سلم التصعيد بإعلانه نشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي بيلاروس".
ويتابع ديفيس: "تعتقد النخب السياسية أن الأمور لا زالت كما كانت عليه منذ أوائل التسعينيات، وأنه يمكننا التعامل مع روسيا كما تعاملنا مع الخصوم على مدار الثلاثين عاما الماضية.. حينما كان علينا القلق قليلا بشأن ما يمكن أن يفعله أي خصم معين ردا على الإجراءات أو العمليات العسكرية التي نقوم بها، لأننا كنا نعلم أنه بغض النظر عن ردهم، يمكننا التغلب عليه. نصت القواعد على أنه بغض النظر عن صواب أو خطأ أي تبرير، وبغض النظر عما إذا كانت (الديمقراطية) أو غيرها من القيم تلعب دورا، يمكننا التصرف مع الإفلات من العقاب تقريبا. وكنا على حق: فلم يكن لدى هذه الخصوم (الدول) ما تستطيع أن تفعله ولا يمكننا سحقه".
أما مع روسيا فيؤكد الكاتب على أن الوضع مختلف ولا تنطبق هذه القواعد.
ويكتب ديفيس: "ليس لدينا ورقة رابحة لهزيمة الخصم الروسي، فلكل ورقة نووية في مجموعتنا، لدى بوتين الورقة النووية المقابلة. وهو ما يتطلب التعامل مع موسكو وفقا لمجموعة مختلفة من القواعد. والاعتراف بأن الواقع لا يعني أن نمنح روسيا كل شيء، وإنما يعني أنه لا يمكننا دائما القيام بما نراه مناسبا دون التفكير في الرد، كما كنا نفعل منذ عام 1991".
ويشير الكاتب إلى أن ذلك يبرز بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالحرب، فهناك "قيود على حريتنا في العمل فيما يتعلق بكل من روسيا والصين"، حيث "يمتلك بوتين أسلحة نووية، وفي ظل مجموعة من الظروف اليائسة، فهو قادر تماما على استخدامها".
ونوه ديفيس إلى تصريح أمين مجلس الأمن القومي الروسي نيقولاي باتروشيف بأن "لدى روسيا سلاح قادر على تدمير أي عدو بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية"، ويرى أن هذا البيان لا يمكن "رفضه والتعامل معه بلا مبالاة".
وينتهي الكاتب إلى استنتاج أنه يتعين "إنهاء حرب أوكرانيا الآن" و"عدم المخاطرة بتصعيد نووي يمكن في أسوأ الأحوال أن يحكم على ملايين الأمريكيين بالموت. حان الوقت لتحقيق النصر وإنهاء الحرب".
المصدر: 19 Fortyfive