لكن بالنسبة لمصر القديمة، فإن الأمر يكون مختلفا، نظرا للمجموعة الكبيرة من التسجيلات التصويرية إلى جانب المنحوتات والتماثيل، المدفونة مع المتوفى حتى يتمكن من الحصول على العمل في الحياة الآخرة.
وهذه الصور قد تكون مثالية أو بعيدة بعض الشيء عن الواقع، لكن العظام لا يمكنها أن تكذب، حيث كشفت أسنان امرأة مصرية عاشت قبل أكثر من 4 آلاف سنة، أن حياة النساء في ذلك الوقت ربما كانت أكثر تنوعا مما تشير إليه بعض السجلات.
وأظهر نمطان من التآكل في 16 سنا من بين أسنانها الـ 24، أنهما لم ينتجا بسبب الأكل، بل كانت المرأة تستخدم أسنانها لشيء آخر، وأشارت التحاليل المكثفة إلى أن المرأة ربما كانت حرفية، وهذا ما كان أمرا مفاجئا لفريق البحث من جامعة ألبرتا.
وكتب الفريق في الورقة البحثية: "بناء على لوحات المقابر والنصوص المسترجعة، يؤكد العلماء أنه لم تكن هناك سوى سبع مهن مفتوحة للنساء في تاريخ الثقافة المصرية القديمة، حيث كن يعملن ككاهنات في معابد مخصصة للآلهة (للنساء ذوات المكانة الرفيعة والتواصل الجيد)، أو كمغنيات وموسيقيات وراقصات (للنساء ذوات المواهب والمهارات)، أو كمشيعات، أو في نسج قماش في ورش العمل الأرستقراطية، أو كقابلات".
وعثر الباحثون على بقايا هذه المرأة خلال عمليات تنقيب في سبعينيات القرن الماضي، في مقبرة في منديس (تل الربع)، التي كانت ذات يوم عاصمة مصر القديمة. وعاشت المرأة في فترة 2181-2055 قبل الميلاد تقريبا، وتوفيت بعد سن الخمسين.
ويبدو أنها تتمتع بمكانة جيدة، مقارنة بما تدل عليه البقايا الأخرى التي تعود للحقبة الزمنية نفسها، حيث وضعت في تابوت خشبي محاط بالقصب، مع متعلقات جنائزية تحتوي على أوعية من المرمر ومرآة برونزية ومواد تجميل وورقة ذهبية.
وتم استخدام المسح المجهري و المجهر الإلكتروني النافذ لفحص الأسنان بالتفصيل، وكشفت النتائج أنه كانت لدى قواطعها الفكية المركزية أنماط تآكل شديدة في شكل إسفين، وحملت 14 من الأسنان تآكلا مسطحا.
ويعتقد الباحثون أن شكل الإسفين يتماشى مع التآكل الذي شوهد في الأسنان في ثقافات أخرى حول العالم، حيث يقوم الحرفيون بتقسيم المواد النباتية مثل القصب باستخدام أسنانهم.
ويشير الباحثون إلى أن هذا التآكل ناتج عن التعامل مع نبات "السعد البردي" الذي ينمو في المستنقعات، وكان المصدر الأساس لورق البردي، واستخدم في صنع صناديق تخزين البضائع ونقلها، وصنع الصنادل والستائر وحصر الأرضيات.
المصدر: ساينس ألرت