تلك السابقة التي تعد أشهر فضيحة في تاريخ الملاكمة جرت في 28 يونيو 1997، وذلك خلال نزال بين اثنين من المحترفين في الوزن الثقيل هما مايك تايسون وإيفاندر هوليفيلد في لاس فيغاس.
النزال دخل التاريخ باعتبارها الأغلى حينها من حيث رسوم الدخول، علاوة على دخول الأسنان إلى جانب القبضات في حلبة الملاكمة بشكل غير متوقع وصادم.
مشجعو رياضة الملاكمة كانوا ينتظرون بفارغ الصبر لقاء تايسون مع هوليفيلد، وكان الملاكمان الثقيلان قد التقيا بالفعل في نوفمبر 1996، وحينها تعرض تايسون في الجولة الحادية عشرة إلى سلسلة متواصلة من الضربات على الرأس. أوقف الحكم النزال، وأعلن فوز إيفاندر هوليفيلد في المعركة.
خسر في ذلك الوقت تايسون اللقب العالمي لرابطة الملاكمة العالمية، إلا أنه حصل في تلك المعركة على 30 مليون دولار، فيما كان نصيب غريمه هوليفيلد، أقل ست مرات.
مباراة العضة الشهيرة:
عقب الهزيمة ببضعة أشهر، جرت مباراة العودة بين تايسون وهوليفيلد، ودخل تايسون حلبة النزال بعد أن حصل على 20 مليون دولار، فيما استلنن خصمه 15 مليون دولار، وهي أرقام تعد فلكية.
الملاكمان لم يكونا شابين صغيرين في ذلك الوقت، فقد أكمل تايسون 31 عاما بعد يومين من هذه المعركة الحامية التي دخلت التاريخ بسابقة فظيعة، فيما كان خصمه هوليفيلد أكبر منه بحوالي أربع سنوات.
قبل عامين من ذلك النزال، جرى إطلاق سراح مايك تايسون من السجن، حيث كان يقضي عقوبة بتهمة الاغتصاب. علاوة على ذلك، كان خضع للعلاج على إدمان الكحول. بالمقابل ترددت شائعات بأن خصمه هوليفيلد يعاني من مشاكل في القلب.
مع ذلك كان ترقب المعركة المقبلة مذهلا، حيث تم بيع 16000 تذكرة للمباراة في لاس فيغاس في يوم واحد فقط، كما اشترك أكثر من مليوني مشاهد في البث المدفوع، وحصل البرنامج التلفزيوني " شوتايم" ما يصل إلى 112 مليون دولار ، وجرى بث مجريات النزال إلى 97 دولة في العالم.
الخبراء أجمعوا في توقعاتهم بشأن نتائج المعركة، حيث ذكر 48 من أصل 49 خبيرا شملهم الاستطلاع إن مايك تايسون سينتصر في مباراة افترض أن تنتهي في الجولة الرابعة.
حتى أكثر الخبراء كفاءة يمكن أن يخطئ بالطبع، كما تبين ذلك من نتيجة هذا النزال غير المتوقعة. حان الوقت ودخل الخضمان حلية الملاكمة. كان يايسون أقل طولا من خصمه بثمانية سنتميترات، فيما كانا متساويين في الوزن، 99 كيلوغراما.
الجولة الأولى من النزال انتهت بالتعادل تقريبا، حيث كان تايسون مبادرا باستمرار في الهجوم، فيما دافع هوليفيلد عن نفسه ورد ضربات الخصم بكفاءة. ضرباته كانت أقل لكنها موجعة.
في الجولة الثانية أصيب تايسون بجرح في رأسه بعد لكمة من هوليفيلد. الذروة في هذا النزال أتت في الجولة الثالثة. تايسون الذي يوصف بأنه لم يتميز ابدا في حلبة الملاكمة بسلوك نبيل، تجاوز هذه المرة كل الخطوط الحمر والقواعد، وقطع في لحظة التحام وبعضة من أسنانه قسما من أذن هوليفيلد اليمنى.
صرخ إيفاندر من الألم، وتناضر الدم في الحلبة، وتوقف القتال بالطبع. جرى فحص هوليفيلد من قبل طبيب واتخذ قرارا غير متوقع مفاده أنه يستطيع مواصلة النزال. بمجرد استئناف القتال، عض تايسون خصمه مرة أخرى، بطريقة أخف هذه المرة!
الجولة الرابعة لم تبدأ يتقدم هوليفيلد على النزال. انفعل تايسون وانهكك مثل ثور هائج في الشجار وهو يغلي من الغضب. تم إيقاف المباراة أخيرا، علاوة على إعلان هزيمته فرضت على تايسون غرامة كبيرة قدرها 3 ملايين دولار، كما قررت لجنة ولاية "نيفادا" الرياضية حرمان تايسون من رخصة الملاكمة المحترفة.
هوليفيلد دفع في مقابلة صحفية بروايته عما حدث، ورأى أن تايسون كان يخشى أن يخسر هذه المعركة بالضربة القاضية، لذلك قرر إنهاءها بطريقة غير عادية، بقضمه جزءا من أذن غريمه.
أما تايسون نفسه فقد اتهم هوليفيلد بأنه دخل ضده في معركة قذرة، وضربه باستمرار برأسه، الامر الذي دفع ثمنه! من جهة أخرى أقر تايسون أنه كان حانقا خلال النزال على خصمه إلى درجة أنه كان مستعدا لقتله!
أعيدت خياطة القسم الذي اقتطعه تايسون بأسنانه من أذن هوليفيلد، ووانتظر المشجعون والمهتمون بفارغ الصبر ما سيستجد من تطورات في علاقة الملاكمين الثقيلين.
بعد أسبوعين من الحادثة، التقى تايسون وهوليفيلد خلال مباراة في كرة السلة، ومرى اللقاء بسلام ولم يلتحم الخصمان في معركة جديدة خارج الحلبة.
المصالحة النهائية بين الملاكمين تمت بعد 12 عاما، في برنامج تلفزيوني شهير، اعتذر تايسون علنا لهوليفيلد، فيما صرّح هوليفيلد نفسه بأنه لا يحمل أي ضغينة ضد تايسون.
تايسون بعد تقاعده من الملاكمة المحترفة، تعرض لمتاعب صحية، وتضاعف وزن البطل السابق إلى 140 كيلوغراما. لذلك قرر اتباع حمية شديدة تقتصر على الأكلات النباتية. وبما أن تايسون أصبح نباتيا، ربما من المستبعد بعد الآن أن يعض أي أذن أخرى قد تعترض طريقه وهو في حالة من الغضب الشديد!
المصدر: RT