ويبدو أن هذه الميزات الغريبة في المنطقة التي كان يعتقد سابقا أنها عادية، ناجمة عن موجات الجاذبية الجوية القوية.
وتعد البقعة الحمراء العظيمة أكبر عاصفة في النظام الشمسي، حيث يبلغ حجمها ضعف حجم الأرض، ويعتقد أنها كانت مستعرة منذ 300 عام على الأقل، وفقا لوكالة ناسا.
وتبلغ سرعة رياح البقعة الحمراء العظيمة نحو 430 إلى 680 كم في الساعة (270 إلى 425 ميلا في الساعة)، أي ما يصل إلى 3.5 أضعاف سرعة الإعصار هنا على الأرض.
وعلى الرغم من عمر العاصفة وحجمها وقوتها، فقد اشتبه العلماء في أن الغلاف الجوي لكوكب المشتري فوق البقعة الحمراء العظيمة لم يكن مثيرا للاهتمام على الإطلاق. ومع ذلك، فإن الملاحظات الجديدة التي قدمتها أداة مطياف الأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRSpec) التابعة لجيمس ويب، والتي رصدت العاصفة الضخمة في يوليو 2022، تظهر أن هذا الافتراض كان خاطئا للغاية.
ووجدت عمليات الرصد الجديدة للبقعة الحمراء العظيمة على كوكب المشتري أن الغلاف الجوي للكوكب فوق وحول العاصفة مثير للاهتمام ونشط بشكل مدهش.
وقال قائد الفريق هنريك ميلين من جامعة ليستر في بيان: "كوكب المشتري لا يتوقف أبدا عن المفاجأة".
الأسرار التي كانت البقعة الحمراء العظيمة تخفيها
الغلاف الجوي العلوي لكوكب المشتري هو النقطة التي يلتقي عندها الغلاف الجوي السفلي للكوكب مع مجاله المغناطيسي. ويؤدي هذا إلى أضواء شمالية وجنوبية ساطعة، مدعومة بقصف الجسيمات المشحونة من الشمس ويغذيها رذاذ المواد البركانية المنفجرة من قمر آيو، وهو الجسم البركاني الأكثر نشاطا في النظام الشمسي.
وعلى الرغم من أن كوكب المشتري هو أحد أكثر الأجسام سطوعا في سماء الليل فوق الأرض، ويمكن رؤيته بسهولة في السماء الصافية، إلا أن غلافه الجوي يتوهج بشكل ضعيف لدرجة أنه من الصعب على التلسكوبات الأرضية رصده بالتفصيل بسبب الغلاف الجوي الأرضي.
ومن موقع تلسكوب جيمس ويب الفضائي على بعد مليون ميل من الأرض، لا يشكل الغلاف الجوي لكوكبنا عائقا أمام هذا التلسكوب الفضائي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن حساسية تلسكوب جيمس ويب الفضائي في طيف الأشعة تحت الحمراء تسمح له برؤية الغلاف الجوي للعملاق الغازي بتفاصيل معقدة، بما في ذلك المنطقة الواقعة فوق البقعة الحمراء العظيمة.
وبالتركيز على هذه المنطقة الواقعة فوق البقعة الحمراء العظيمة، باستخدام NIRSpec، الأداة الرئيسية في تلسكوب جيمس ويب الفضائي، تمكن العلماء من اكتشاف مجموعة متنوعة من الهياكل المعقدة عبر مجال رؤية التلسكوب، بما في ذلك الأقواس المظلمة (dark arcs) والبقع المضيئة (bright spots).
وعلى الرغم من أن ضوء الشمس هو المسؤول عن غالبية الضوء الذي يُرى من الغلاف الجوي لكوكب المشتري، إلا أن الفريق يعتقد أنه لا بد من وجود ضوء آخر يؤدي إلى تغييرات في شكل وبنية الغلاف الجوي العلوي لكوكب المشتري.
وأوضح ميلين: "إحدى الطرق التي يمكن من خلالها تغيير هذا الهيكل هي موجات الجاذبية الشبيهة بالأمواج التي تتحطم على الشاطئ، ما يخلق تموجات في الرمال. وتتولد هذه الموجات في أعماق الغلاف الجوي السفلي المضطرب، في جميع أنحاء البقعة الحمراء العظيمة، ويمكنها الانتقال إلى الارتفاع، وتغيير بنية وانبعاثات الغلاف الجوي العلوي".
وتُرى موجات الجاذبية الجوية هذه على الأرض من حين لآخر، لكن هذه الموجات الأرضية أقل كثافة وقوة بكثير من نفس الظاهرة التي تحدث فوق كوكب المشتري.
ويأمل الفريق الآن في متابعة اكتشاف الميزات المحددة حديثا في البقعة الحمراء العظيمة وأنماط الموجات المعقدة التي شكلتها باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
ويمكن أن يكشف هذا البحث المستقبلي عن كيفية تدفق الموجات عبر الغلاف الجوي العلوي للعملاق الغازي وكيف يتسبب ذلك في تحرك الهياكل المرصودة.
نشرت نتائج الدراسة مفصلة في مجلة Nature Astronomy.
المصدر: سبيس