يوصف الشتات العربي في البرازيل بأنه جاء في إطار حركة هجرة أكبر لسكان منطقة الشام إلى الأمريكتين، وكانت الولايات المتحدة والأرجنتين والبرازيل، تتمتع بالأولوية بالترتيب، وكانت الأكثر شعبية في الأوساط العربية المشرقية.
الدراسات التي تتناول موضوع الهجرة العربية إلى الأمريكتين تشير إلى صعوبة العثور على تقديرات موثوقة لعدد العرب الذين هاجروا إلى البرازيل، بسبب قلة السجلات التي حفظت، وأيضا بسبب الافتقار إلى توحيد وثائق السفر وكذلك التصنيفات الديموغرافية.
كان عرب الشتات في البرازيل ودول أمريكا اللاتينية يطلق عليهم اسم "سفريوس" أي سوريون، وأيضا "سوريون لبنانيون" وأيضا يدعون باسم "تركوس" أي أتراك، لأن المنطقة كانت خاضعة حينها للدولة العثمانية.
الباحثة والأكاديمية البرازيلية سيلفيا فيرابولي لفتت في محاضرة في عام 2023 إلى ان الهجرة العربية إلى البرازيل بدأت في القرن التاسع عشر، وتحديدا في أعقاب زيارة إمبراطور البرازيل دوم بيدرو الثاني إلى بلاد الشام في عام 1870، حيث شجع حينها العرب المسيحيين على الهجرة إلى بلاده.
من جهته، يشير الصحفي والباحث البرازيلي ديوغو بيرسيتو في دراسة صدرت عام 2021، إلى أن "حوالي 150 ألف شخص من شرق البحر المتوسط هاجروا إلى البرازيل ابتداء من أواخر 1870. جاء معظمهم من المناطق التي أصبحت فيما بعد أجزاء من لبنان المعاصر وسوريا. الآن قد يعد أحفادهم بالملايين. في العام الماضي (2020)، أصدرت غرفة التجارة العربية البرازيلية أول تعداد على الإطلاق لهذا المجتمع، مدعية وجود 12 مليون شخص من أصل عربي يعيشون في البرازيل. وبحسب وزارة الخارجية البرازيلية، يعيش في البلاد ما بين 7 ملايين و 10 ملايين شخص من أصل لبناني، على وجه التحديد".
الباحث البرازيلي يذكر أن "أحد الأمثلة الأكثر وضوحا على هذه التشابكات هو العدد الكبير من السياسيين البرازيليين من أصل لبناني. ومن بين هؤلاء الرئيس السابق ميشال تامر، وحاكم شيمو باولو السابق باولو معلوف، ورئيس بلدية شيمو باولو السابق فرناندو حداد... خلال بعض الفترات، وصلت نسبة الممثلين من أصل لبناني في الكونغرس البرازيلي إلى عشرة بالمائة".
ديوغو بيرسيتو يرصد مفارقة تتمثل في أن "لبنان قضى فترات طويلة من دون رئيس بينما كان المنحدرون من أصل لبناني يحكمون البرازيل في كثير من الأحيان".
أحفاد المهاجرين العرب من لبنان لم يقتصر دورهم على المجال السياسي، "على سبيل المثال، نشر المهاجرون اللبنانيون وذريتهم مجموعة من الصحف باللغة العربية في البرازيل، ما ساهم في النهضة الثقافية. بين عامي 1880 - 1929، كان هناك 82 صحيفة ومجلة عربية منشورة في فلسطين، في حين بلغ العدد 95 في البرازيل. بحلول عام 1944، نشر العرب في البرازيل وأحفادهم، معظمهم من اللبنانيين، ما لا يقل عن 156 كتابا باللغة العربية".
الباحث والصحفي البرازيلي يشير أيضا إلى تأثير المهاجرين اللبنانيين على طرق الطعام البرازيلية، لافتا إلى أن هؤلاء وأحفادهم "منذ أواخر القرن التاسع عشر، كانوا يعدون أطباقهم في مدينتي مثل ساو باولو وريو. الكبة التي أصبحت فيما بعد واحدة من الأطباق الوطنية في لبنان، منتشرة على نطاق واسع في أجزاء من البرازيل لدرجة أنها تؤكل جنبا إلى جنب مع المواد الغذائية المحلية مثل خبز الجبن".
المصدر: RT