مباشر

خبير يعلق على جولة لافروف الآسيوية والإفريقية الطويلة

تابعوا RT على
وصف أستاذ التاريخ المعاصر، أحمد الصاوي، وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بأنه "شعلة نشاط متّقدة وواعية"، مشيرا إلى أنه يسير على خطى وزير الخارجية السوفيتي العتيد أندريه غروميكو.

وفي حديث لـ"RT"، قال القيادي الناصري: "يتحرك وزير الخارجية الروسي حركة دائبة متنقلا من أوراسيا إلى أفريقيا، في حركة لا تهدأ منذ بدأ العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا."

ولفت الصاوي إلى أن لافروف يقود منظومة السياسة الخارجية الروسية لاستعادة المجال الحيوي الذي كانت تتحرك فيه الخارجية السوفيتية في عهد جروميكو (1957_1985).

مسار نشط منذ تولى بوتين الرئاسة

وأضاف: "إذا كان من المنطقي أن تركز السياسة الخارجية لروسيا على دول الجوار التي كانت تلتئم معها تحت الراية السوفيتية فإنه من الملاحظ أن تلك الجهود دخلت في مسار نشط منذ تولى بوتين رئاسة روسيا الاتحادية، ولم يقف عند حدود تحسين العلاقات الثنائية ومحاولة تخفيف التوترات بين بعض الجيران وإنما تجاوز ذلك إلى إنشاء اتحاد اقتصادي بين روسيا وعدة جمهوريات سوفيتية سابقة وتدشين صيغ للتعاون العسكري."

واعتبر الصاوي أنه انطلاقا من قناعة موسكو بأن الوقت قد حان لدفن "حقبة القطب الأوحد"، التي بدأت عقب حل غورباتشوف للاتحاد السوفيتي، أخذت الخارجية الروسية تحت قيادة لافروف تلميذ بريماكوف في استعادة علاقاتها السوفيتية القديمة بل وتجاوزها إلى أفق أكثر رحابة وأقوى براغماتية.

العودة إلى الشرق الأوسط والتنسيق مع "أوبك"

وأردف قائلا: "عادت روسيا إلى الشرق الأوسط عبر توريدات السلاح التي ضربت القيود المفروضة عليها من الناتو لحفظ ميزان يميل بشدة لصالح تل أبيب، ثم اتّسعت مجالات التعاون لتشمل جوانب شتى من التعاون الاقتصادي والتقني وصولا لمحطتين كبيرتين أولهما التدخل العسكري المباشر على خط الأزمة السورية لتحول دون سقوط الحكومة السورية، وثانيهما هو التنسيق مع دول أوبك المصدرة للنفط فيما يعرف بصيغة (أوبك+) وهو الأمر الذي غلّ إلى حد كبير من سطوة واشنطن على أسواق الطاقة."

وعرّج الصاوي على السياسة الخارجية الروسية باتجاه الصين والهند "بحكم أنها لم تبلغ هذا الأوج من التعاون والتآزر برغبة أحادية من موسكو، وإنما بتخطيط استراتيجي من كل من بكين ونيودلهي بنفس القدر".

أمريكا اللاتينية وإفريقيا

واستدرك في هذا الجانب إلى أن ذلك يقودنا إلى السياسة الخارجية الروسية في أفريقيا التي انطلقت من فرضية أن "روسيا ستواجه الناتو حتما"، وأنها تسعى لإنهاء حقبة القطب الأوحد والتبشير بنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، ومن ثم ذهبت خارجية لافروف للحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية لتؤسس علاقات تزيح النفوذ الاستعماري الكولونيالي والأمبريالي معا ولاسيما في أمريكا اللاتينية وأفريقيا.

كما توقف أستاذ التاريخ أيضا عند ما وصفه "موسم الحصاد" الذي بدأ في أفريقيا حيث بدا واضحا أن موسكو تحصد مازرعت من آليات التعاون مع دول بعضها كان على علاقات قوية مع السوفيت خلال حقبة التحرر الوطني، وبعضها الآخر لم يكن قد تحرر من آخر قيود الهيمنة الكولونيالية عندما انهار الاتحاد السوفيتي.

فرنسا الخاسر الأكبر

وفي الحديث عن الدول المتضررة من هذه الدبلوماسية الروسية، أكد الصاوي أن فرنسا تبدو الخاسر الأكبر من سير لافروف على خطى جروميكو حيث طردت القوات الفرنسية وقبلها هيمنة باريس على النخب الحاكمة من أفريقيا الوسطى وبوركينافاسو ومالي وحل السلاح الروسي سريعا مكان التسليح الغربي، واستغنت عواصم عدة من دول الساحل والصحراء عن القوات الفرنسية التي اتّضح أنّها لم تكن تقاوم تمدد المنظمات الإرهابية وإنما تضمن بقاء فاعليتها كعصا تروّض بها فرنسا مستعمراتها السابقة، وحلّت محلها سريعا بعثات الخبراء العسكريين الروس وأيضا قوات "فاغنر".

موريتانيا والأطلسي

وخلص الصاوي إلى أن لافروف لم يكتف بذلك، بل وجد موطئ قدم لروسيا في موريتانيا مطلا على الأطلسي ودوله ومعلنا عن مساندة موسكو لجهود نواكشوط لتطوير الخدمات الطبية عبر إرسال فرق من الأطباء الروس وكذلك دعمها لخطط موريتانيا للاستفادة من ثرواتها السمكية التي تتعرض لقرصنة سفن الدول الأوربية التي تنتهك المياه الاقتصادية للبلاد وتنهب الثروة السمكية بصيد جائر.

وفي ردّه على سؤال حول ما إذا توقّف لافروف عند هذا الحد؟، أكد الصاوي: "أبدا لم يفعل، لقد زار الخرطوم التي تمرح فيها الولايات المتحدة وبريطانيا ومؤخرا إسرائيل ليعلن لأطراف الصراع الداخلي التي تقاوم خطط لندن الاستعمارية أن لها حليفا لم يغب عن المنطقة."

محاربة أزمة الغذاء

وتابع الصاوي حديثه بالتأكيد أن وراء لافروف يلهث كل مسؤولي المخابرات والشؤون الخارجية محاولين إثناء العواصم الأفريقية التي زارها عن تطوير تعاونها مع موسكو، مبينا أنه حتى اللحظة لم تؤت جهودهم ثمارها المرجوة بل لعلها تأتي بنتائج عكسية على وقع أزمة غذاء تلوح في الأفق مع عرقلة الناتو لصادرات الحبوب والأسمدة الروسية باتجاه دول القارة الأفريقية بما في ذلك الهبات والمساعدات المجانية.

واختتم قائلا: "لافروف لا يكل ولا يمل .. لايتوقف عن الحركة والتصريحات".

ناصر حاتم - القاهرة

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا