جاء في مقال الصحيفة:
استقبل خبراء كوريا الجنوبية إعلان واشنطن عن إمكانية استخدام القوة ضد كوريا الشمالية بقلق شديد. لأنهم يعرفون جيدا بأنها ستؤدي إلى نزاع حقيقي ووقوع ضحايا من شطري البلاد الشمالي والجنوبي على حد سواء.
ويذكر أن صحيفة وول ستريت جورنال أعلنت عن احتمال استخدام الولايات المتحدة القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية أو محاولة تغيير النظام هناك بالقوة. واستندت الصحيفة في ذلك إلى اشخاص "ضالعين في العملية"، اعترفوا بأن النظرة إلى بيونغ يانغ أصبحت أكثر قساوة منذ استلام ترامب السلطة في الولايات المتحدة، حتى لقد تمت قبل فترة مناقشة مسألة استخدام القوة العسكرية مع بعض الحلفاء.
أما سيئول، فاتخذت رسميا موقفا مراوغا من هذه المسألة. إذ إن وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أكدت أنه في حال حدوث أي استفزاز من جانب كوريا الشمالية فإن قوات الجنوب "ستوجه ضربة قوية إلى المعتدي". كما أن المسؤولين لم يتخلوا عن تصريحاتهم وتهديداتهم السابقة بأنهم بالاشتراك مع الولايات المتحدة يستطيعون توجيه ضربة تحذيرية إلى كوريا الشمالية في حال اكتشاف تحضيرها لمهاجمة الجنوب.
وإضافة إلى هذا، نشرت وسائل الإعلام اليابانية، استنادا إلى مصادر مختلفة في الحكومة، أنه خلال المناورات العسكرية اليابانية–الأمريكية "فرخ النسر"، التي انطلقت يوم 1 مارس/آذار الجاري، سوف تدرب الطائرة الشبح "إف-35" على توجيه "ضربات جراحية" إلى مواقع في كوريا الشمالية. وسوف تنطلق الطائرات من حاملة الطائرات كارل فينسون، التي تشارك في المناورات، وكذلك بمساعدة الطائرات المسيرة باستخدام قنابل فائقة الدقة من طراز "جو–أرض" لإصابة اهداف مثبتة في الميادين العسكرية الأمريكية المنتشرة في كوريا الجنوبية. وليس مستبعدا أن يكون هذا أحد السيناريوهات لمهاجمة كوريا الشمالية.
عموما، أعرب الخبراء المدنيون في كوريا الجنوبية عن قلقهم ومخاوفهم من وقوع النزاع. فقد قال الخبير في العلاقات الدولية في جامعة سيئول سوغان كيم ين مين: "إذا بدأت الولايات المتحدة بقصف كوريا الشمالية، فإن بيونغ يانغ ستحاول الرد بالمثل، وبما أن الولايات المتحدة بعيدة، لذلك فإن الرد سيشمل القواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية أو حتى المدن. وهذا سيؤدي إلى وقوع كارثة وسقوط ضحايا كبيرة، ونشوب حرب واسعة النطاق. لذلك لا أعتقد أن هذا سيناريو مثالي لتسوية مشكلة كوريا الشمالية".
والمثير في الأمر أن وجهة نظر نائب سفير كوريا الشمالية لدى بريطانيا تاي يونغ هو، الذي هرب إلى سيئول قبل فترة قصيرة، تتطابق وهذا الموقف، فقد قال: "إذا وجهت ضربة إلى كيم جين أون، فإن رده سيكون ضربة نووية ضد سيئول. لأن نظرية تدمير كوريا الجنوبية نوويا أصبحت أساسية لدى لقوات الكورية الشمالية. وهذا سيؤدي إلى سقوط عدد هائل من الضحايا". وأضاف أنه يشك في أن تقوم الولايات المتحدة بهذه المغامرة.
بيد أن بروفيسور جامعة كوكمين الزراعية في سيئول أندريه لانكوف يؤكد أن مسألة "الخيار العسكري" لحل القضية الكورية هي موضع بحث في الولايات المتحدة فعلا. وقال: "لم تدرس هذه المسألة بجدية في عهد أوباما، لأن الجميع كانوا يدركون حجم عواقبها السلبية. صحيح قد يكون هناك جنرالا ما تحدث عن الموضوع خلف الكواليس، لكن المسألة في جميع الأحوال لم تؤخذ على محمل الجد وكخيار محتمل.
أما الآن فأنا مضطر إلى القول إن الموقف في واشنطن قد تغير. ومع ذلك لا يمكنني القول إن "الضربة العسكرية" هي السيناريو الرئيس، لكنه ضمن الخيارات التي تناقش بجدية. أي أن الخيار العسكري يناقش حاليا وبجدية في البيت الأبيض كخيار يمكن استخدامه". وأضاف معترفا "هذا الوضع يثير القلق".
هذا، وتكمن المشكلة حاليا في أن الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تستفزان كوريا الشمالية أكثر مما تفعله هي، حيث بدأتا مناورات بحرية واسعة، تثير أعصاب كوريا الشمالية. وتدرك سيئول وواشنطن أن بيون يانغ المطوقة بحاملات الطائرات وقاذفات القنابل الاستراتيجية الأمريكية تشعر بضعفها، وقد ترد بتجارب نووية وصاروخية. ومع ذلك هما تجريان المناورات، وتطلقان التصريحات والتهديدات ضد بيونغ يانغ. ويضيف: "قد تخرج الأمور عن السيطرة بسبب استفزاز بسيط أو حتى عفوي ويتحول إلى نزاع عسكري حقيقي. بالطبع الجانبان يدركان هذا الأمر، ولكنهما لا يريدان تقديم تنازلات وهذا لا يزيد من استقرار المنطقة".