بدأت الصين بناء أول حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية في أحواض بناء السفن الشهيرة في داليان، شمال شرق الصين. ويرى المعهد الوطني لأبحاث السياسات الأساسية (NIPPR)، وهو مركز أبحاث، أن صور الأقمار الصناعية الحديثة للأعمال الجارية في حوض بناء السفن في داليان تتوافق مع طبيعة العمل الذي يُجرى عند بدء بناء سفينة كبيرة ومعقدة تقنيًا تعمل بالطاقة النووية.
والحقيقة أنه ليس لدينا معلومات كافية عن مشروع حاملة الطائرات الصينية الجديدة، ويشير أحد التحليلات إلى أنه في فبراير من هذا العام، ظهرت دعامات خشبية ضخمة تُستخدم في بناء السفن الكبيرة - كتل العارضة - بطول يزيد عن 270 مترًا. وقد دلّ ذلك على بناء سفينة جديدة ضخمة في هذا الموقع.
وفي وقت لاحق، في 10 نوفمبر من هذا العام، ظهر هيكل في الحوض بأبعاد 150 مترًا × 43 مترًا. وذكر موقع "ديفنس بلوغ"، وهو موقع إلكتروني متخصص في الشؤون الدفاعية، أنه "يمكن رؤية إطارين مستطيلين داخل الهيكل، يبلغ قياس كل منهما حوالي 150 مترًا × 130 مترًا".
ويوضح تقرير المعهد الوطني لأبحاث السياسات العامة (NIPPR) أن هياكل مماثلة لم تكن موجودة عند بناء حاملة الطائرات "شاندونغ"، آخر حاملة طائرات صينية تم بناؤها في المنشأة، من قبل شركة داليان لصناعة السفن المحدودة.
كما يشير التناوب الحالي لحاملات الطائرات الصينية التقليدية إلى استراتيجية واضحة من جانب البحرية الصينية لاستخدام هذه الحاملات ضمن سلسلة الجزر الأولى (المنطقة الممتدة من شبه جزيرة كامتشاتكا عبر اليابان وتايوان وصولاً إلى الفلبين). وتحت حماية الدرع الصيني الضخم المضاد للوصول/الحرمان من المنطقة (A2/AD) الذي يمتد عبر معظم سلسلة الجزر الأولى، تستطيع البحرية الصينية إعاقة أي محاولة لبسط النفوذ البحري الأمريكي بفضل قدراتها في مجال A2/AD، بينما تنتشر حاملات طائراتها قبالة سواحل تايوان.
وتفيد وزارة الدفاع اليابانية بأن معلوماتها الاستخباراتية تشير إلى توسع هائل يجري في قاعدة البحرية الصينية في تشينغداو. وتُعد هذه القاعدة الميناء الرئيسي الحالي لحاملة الطائرات "لياونينغ"، أول حاملة طائرات صينية.
وتقدر وزارة الدفاع اليابانية أنه يجري توسيع الأرصفة البحرية، وتركيب مرافق إزالة المغناطيسية (لتقليل البصمة المغناطيسية للسفينة)، وبناء مطار بحري جديد لمرافق التدريب على هبوط حاملات الطائرات وحظائر الطائرات المقاتلة.
حاملات الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية ستشكل تحولاً استراتيجياً حقيقياً للصين
من المرجح أن حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية والتي تبنيها الصين لن تكون جاهزة قبل ثلاثينيات القرن الحالي. وستتمكّن حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية من بسط نفوذها خارج نطاق الجزر. وبالطبع ستكون عرضة لأنظمة منع الوصول/الحرمان من المنطقة نفسها التي تتعرض لها حاملات الطائرات الأمريكية. ومع ذلك، من حيث إظهار القوة، تظل حاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية بمثابة رسالة قوية.
وعلى عكس الولايات المتحدة، التي تكافح لبناء سفينة واحدة في أقل من 6 سنوات، تُعد أحواض بناء السفن الصينية من بين الأقوى والأكثر كفاءة في العالم. ولا ينبغي الاستهانة بقدرة الصين على إنتاج حاملات طائرات تعمل بالطاقة النووية بكميات كبيرة وبتكلفة منخفضة وموثوقية عالية. هذا يعني أن حتى حاملات الطائرات الصينية التي تعمل بالطاقة النووية ستكون قابلة للاستبدال والاستهلاك.
يشير كل هذا إلى أن الصين باقية، وليست في حالة تراجع. فقادتها، مهما كانت التحديات الاقتصادية أو السياسية التي قد يواجهونها، يخططون لتوسيع نفوذ الصين في أعماق المحيط الهادئ باستخدام حاملات طائرات تعمل بالطاقة النووية. وعلى عكس أمريكا، تمتلك الصين الوسائل والإرادة اللازمة لإنتاج الأنظمة التي تحتاجها بكميات كبيرة لتحقيق هذه الرؤية.
المصدر: ناشيونال إنترست