وأدعو من يرغب في الحصول على مزيد من التفسيرات التفصيلية لأسباب الانهيار إلى متابعة قناتي على تطبيق "تليغرام" من خلال هذا الرابط.
لقد تمت طباعة حوالي 0.9 تريليون دولار أمريكي في العالم قبل اندلاع الأزمة العالمية عام 2008، وكان حوالي 0.3 تريليون من هذه النقود يتم تداولها في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
ومنذ ذلك الحين، وفي كل انهيار، كان الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يطبع دولارات غير مغطاة، ويوزّعها على البنوك والحكومة الأمريكية، التي توزعها بدورها بعد ذلك على جميع نواحي الاقتصاد، لإنقاذ المفلسين.
والآن إلى حجم الكارثة:
في بداية أزمة عام 2008، وفي الأسبوعين الأولين، قام الاحتياطي الفدرالي بطباعة 90 مليار دولار.
في المجموع، وخلال الموجة الأولى من الأزمة، وفي فترة تزيد قليلا عن شهرين من 3 سبتمبر إلى 12 نوفمبر 2008، قام الاحتياطي الفدرالي بطباعة 1.3 تريليون دولار، وهو ما يمثل 14 ضعفا مما قام بطباعته في الأسبوعين الأولين من اندلاع الأزمة. في المجموع، بلغ حجم النقود المطبوعة 1.4 من عدد الدولارات المتداولة في بداية الأزمة.
ثم قام بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بإبطاء طباعة النقود غير المغطاة، إلا أن البنوك المركزية في الاتحاد الأوروبي والدول الغربية الأخرى، والتي تنسق إجراءاتها بإحكام مع الاحتياطي الفدرالي، بدأت هي الأخرى بطباعة نقود غير مغطاة. (ها أنت، بالمناسبة، أمام الحكومة العالمية).
خلال وباء كوفيد، بدأت حملة مسعورة لطباعة النقود بمبلغ 4158 مليار دولار في 26 فبراير 2020، وفي الأسبوعين الأولين، تمت طباعة 153 مليار دولار.
في المجموع، وقبل الذروة المحلية في 10 يونيو 2020، تمت طباعة أكثر من 3 تريليونات دولار في 4 أشهر، وهو ما يزيد 19 ضعفا عن الأسبوعين الأولين.
هذه التريليونات الثلاث تمثل 72% من كمية الدولارات المتداولة في بداية كوفيد. والحقيقة أنه بحلول ربيع عام 2022، عاد بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي ليطبع 1.8 تريليون دولار أخرى، ليصل مبلغ النقود المطبوعة خلال وباء كوفيد إلى ما يقرب من ضعف مبلغ الدولارات مقارنة ببداية الوباء.
بشكل أو بآخر، كان هذا كافيا ليبدأ موجة من التضخم في الغرب والعالم عامي 2021 و2022 ذات أرقام من خانتين.
الآن، وأثناء الانهيار المتسارع للنظام المصرفي الأمريكي، وفي الأسبوع الأول بعد 8 مارس الجاري، طبع الاحتياطي الفدرالي 297 مليار دولار، وفي الأسبوع الثاني حتى 22 مارس، طبع 94 مليار دولار أخرى، أي أنه قام بطباعة 391 مليار دولار في أسبوعين.
وإذا كان الاحتياطي الفدرالي في الموجة الأولى من عمليات الإنقاذ البنكية خلال الأشهر الأربعة المقبلة سيطبع كالمعتاد 20 ضعفا مما كان عليه الأمر في الأسبوعين الأولين، فسيكون مجموع ذلك 8 تريليون دولار من النقود غير المغطاة. أي أنه بحلول نهاية الصيف، قد يتضاعف عدد الدولارات غير المغطاة مقارنة ببداية الأزمة. وفي هذه الحالة، يمكن أن تستمر طباعة تلك الأوراق بنفس الوتيرة. بطبيعة الحال، سيؤدي ذلك إلى استئناف نمو التضخم مرة أخرى، وربما أسرع مما كان عليه في عام 2022.
والآن، إليكم التفسير المبسط الموعود:
حجم النقود المطبوعة في أول أسبوعين خلال أزمات عام 2008 ووباء كوفيد والآن أثناء انهيار البنوك:
90 – 153 – 391 مليار دولار
طباعة النقود إلى الحد المحلي الأقصى خلال كل من هذه الأزمات، خلال 2-4 أشهر:
1.3 – 3 – 8 (فرضا) تريليون دولار
أي أننا إذا حكمنا خلال الأسبوعين الأولين، فإن الأزمة الراهنة هي أسوأ بـ 4.3 مرة مما كانت عليه أزمة عام 2008، وبـ 2.6 مرة مما كانت عليه أزمة وباء كوفيد.
بطبيعة الحال، فإن هذا النهج ليس جادا للغاية، فلا أحد (باستثناء بنك الاحتياطي الفدرالي الأمريكي) يعرف حجم المشكلات في البنوك الأمريكية، لذلك فمن المستحيل التنبؤ بدقة بمسار الأزمة وحجم طباعة الدولارات، لكن ربما، وفي غضون أسبوع من الآن، سينهار واحد من أكبر 5 بنوك في الولايات المتحدة الأمريكية، وسيطبع الاحتياطي الفدرالي، فرضا، ليس 8 تريليون، وإنما 28 تريليون دولار. فليس بإمكان أحد التكهن بالمستقبل.
إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن الوضع الآن أسوأ بكثير مما كان عليه الوضع في أزمات 2008 أو 2020، والبنوك المركزية أصبح لديها أدوات أقل بكثير للتعامل مع الأزمة.
على أي حال، من المفيد مقارنة الأرقام من أجل الحصول على فكرة، كحد أدنى، حول كيفية مرور الأسبوعين الأولين من انهيار النظام المالي الأمريكي والأوروبي.
وبالمرة، هذه ملاحظة أخرى:
كان حجم الدولارات في التداول، قبل أزمة عام 2008، حوالي 0.9 تريليون دولار، والآن أصبح هناك 8.7 تريليون دولار. بمعنى أن الولايات المتحدة طبعت خلال هذه الفترة 7.8 تريليون دولار من فراغ، واشترت بهم سلعا حقيقية من بلدان أخرى. أي أن الولايات المتحدة، في 15 عاما، منذ عام 2008 وحتى اليوم، طبعت المبلغ الذي يمكّنها من شراء كل ما سينتجه الاقتصاد المصري بالكامل، على سبيل المثال، في غضون 20 عاما. إنه النظام الاستعماري الحديث، القائم على سرقة الدول الأخرى، والذي تعيش على حسابه الولايات المتحدة وتحميه، وتقاتل الآن ضد روسيا في أوكرانيا وتحاول إثارة حرب مع الصين من أجله.
إننا نرى الآن أن كل جولة من جولات الأزمة تصبح أكثر تدميرا بعدة أضعاف من سابقتها.
وهذا لأن أمام الولايات المتحدة الأمريكية خيار بسيط: إما أن تنهار في السنوات القليلة المقبلة وتنسحب من المشهد التاريخي كقوة عظمى، أو أن تحاول القضاء على الأعداء بالوسائل العسكرية. وفي السنوات القليلة المقبلة، ننتظر زيادة في حجم الصراع إلى مستوى الحرب العالمية. إلا أن روسيا والصين قوتان نوويتان، فيما لم تنهار روسيا، ويبدو أنها ستتمكن من القتال لفترة طويلة، والصين لم تدخل الحرب بعد. لهذا تبدو فرص الولايات المتحدة الأمريكية في الفوز ضئيلة للغاية، لهذا أخشى أن يكون احتمال التصعيد السريع نحو السيناريو النووي مرجحا للغاية.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف