مباشر
أين يمكنك متابعتنا

أقسام مهمة

Stories

30 خبر
  • خارج الملعب
  • سوريا بعد الأسد
  • غزة والضفة تحت النيران الإسرائيلية
  • خارج الملعب

    خارج الملعب

  • سوريا بعد الأسد

    سوريا بعد الأسد

  • غزة والضفة تحت النيران الإسرائيلية

    غزة والضفة تحت النيران الإسرائيلية

  • العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

    العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

  • فيديوهات

    فيديوهات

المراسلات السرية المتبادلة بين ستالين وتشيرشل وروزفلت – 3

يتابع الدكتور سامي عمارة حلقته الثالثة والأخيرة من المراسلات السرية بين الزعماء الثلاث: ستالين وتشيرشل وروزفلت في الحرب العالمية الثانية.

المراسلات السرية المتبادلة بين ستالين وتشيرشل وروزفلت – 3
لحظة رفع علم الاتحاد السوفيتي على مبنى الرايستاغ في برلين 2 مايو 1945 / Vladimir Grebnev / Sputnik
  • ستالين يحتد على روزفلت وتشيرشل ويتهمهما بالمماطلة والتسويف
  • مؤتمر طهران ومحاولة إغتيال الزعماء الثلاثة
  • الجدل بين ستالين وتشيرشل بعد فضح "البرافدا" أخبار "صلح منفرد" بين ألمانيا وبريطانيا
    لماذا اعترض تشيرشل على اعتراف ستالين بلجنة ديجول لتحرير فرنسا؟
  • مؤتمر يالطا وتقسيم مناطق النفوذ، وآخر المراسلات حول إعلان استسلام ألمانيا

استكمالا لما تناولناه بين طيات الحلقتين السابقتين، ومن واقع سجلات الخارجية الروسية، وأرشيفها وما يتضمنه من وثائق ومطبوعات، نواصل في هذه الحلقة (الثالثة والأخيرة) استعراض ما تضمنته أضابير المراسلات السرية، من معلومات تبادلها زعماء الاتحاد السوفيتي، ستالين، ورئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشيرشل، والرئيس الأمريكي، فرانكلين روزفلت، الذي وافته المنية قبل الإعلان عن سحق القوات الهتلرية النازية وتوقيع صك الاستسلام في مايو 1945، حول مجريات الحرب ودور كل من هذه البلدان في تحقيق النصر وما أعقب ذلك من لقاءات ومؤتمرات ساهمت في تقسيم مناطق النفوذ في العالم، كانت في حد ذاتها خير دليل على عدم صحة "مزاعم وادعاءات" الرئيس الأمريكي، على حد تعبير وزارة الخارجية الروسية الصادر بهذا الشأن.

وكنا توقفنا في الحلقة الثانية، عند الجدل الذي احتدم حول ما وصفته موسكو بمماطلة الشريكين البريطاني والأمريكي في فتح الجبهة الثانية في غرب أوروبا، وتفضيلهما التركيز على أفضلية فتح الجبهة الجنوبية في منطقة شمال أفريقيا.

وبهذا الصدد كشف "المارشال ستالين" عن رسالته "الخاصة والسرية" التي بعث بها إلى الرئيس الأمريكي، فرانكلين روزفلت، في 11 يونيو 1943، وعاد ليبعث بصورة منها إلى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشيرشل يقول فيها :

تلقيت في الرابع من يونيو رسالتكم التي تبلغونني فيها بما اتخذتموه والسيد تشيرشل من قرارات حول قضايا الاستراتيجية. أشكركم على البلاغ.

وكما يتضح من رسالتكم، فإن هذه القرارات تقف على طرفي نقيض من القرارات التي اتخذتموها والسيد تشيرشل في مطلع هذا العام حول مواعيد فتح الجبهة الثانية في غرب أوروبا.

ولعلكم تذكرون ما أبلغتموني به في رسالتكم والسيد تشيرشل، المؤرخة في 26 يناير من هذا العام، حول القرار الذي اتخذتموه بشأن صرف انظار الجزء الأعظم من القوات الألمانية البرية والجوية بعيدا عن الجبهة الروسية، وبما يمكن معه تركيع ألمانيا في عام 1943.

وكان السيد تشيرشل أبلغني في 12 فبراير بالمواعيد المحددة لعلمية تونس في منطقة البحر الأبيض وكذلك على الجبهة الغربية في أوروبا. وقد أشارت تلك الرسالة إلى أن بريطانيا العظمى والولايات المتحدة تجريان بنشاط التحضيرات اللازمة لعبور القنال (بحر المانش. س.ع) في أغسطس 1943 ، وإذا لم تسمح الظروف الجوية بذلك، فإنكم سوف تقومون بهذه العملية وبقوات أكبر في سبتمبر 1943.

وها أنتما ، بالتعاون مع السيد تشيرشل تتخذان، في مايو 1943، قرار تأجيل الغزو الأنجلو أمريكي في غرب أوروبا حتى ربيع 1944. وذلك يعني أن فتح الجبهة الثانية الذي تأجل من 1942 الى 1943، يتأجل مرة اخرى، وفي هذه المرة حتى ربيع عام 1944.

ومضى ستالين ليقول:

إن قراركما يخلق صعوبات استثنائية للاتحاد السوفيتي الذي يخوض الحرب للعام الثاني على التوالي مع القوات الرئيسية لألمانيا وحلفائها بكل ما تتسم به من حدة، ويقدم الجيش السوفيتي الذي يقاتل العدو الأكثر قوة وخطورة، ليس بالأصالة عن بلاده وحسب، بل وبالنيابة عن حلفائه، منفردا تقريبا

وتوقف ستالين ليشير إلى الانطباعات السلبية التي يمكن أن يتركها مثل هذا القرار، حول تأجيل فتح الجبهة الثانية في الاتحاد السوفيتي لدى الشعب والجيش الذي تكبد خسائر كبيرة، دون أن يتلقي الدعم الجدّي من جانب القوات الأنجلو أمريكية. أما عن الحكومة السوفيتية قال ستالين:

إنها لن تقبل بذلك القرار الذي جرى إتخاذه بدون مشاركتها أو حتى مناقشته معها وهو القرار الذي يمكن أن يكون له تبعات عصيبة وتأثير بالغ على سير الحرب لاحقا

ومن اللافت أن الزعيم البريطاني تشيرشل حرص على تحرير رده على احتجاجات ستالين في رسالته، المؤرخة في 19 يونيو، بالكثير من التفاصيل، ومنها ما قاله حول تفهمه لمشاعر خيبة الأمل التي أصابت الزعيم السوفيتي من جراء اتخاذ قرار تأجيل فتح الجبهة الثانية. وبرر تشيرشل عدم الإقدام على فتح الجبهة الثانية عبر المانش، في توقيت كانت ألمانيا تملك فيه مثل ذلك العدد من القوات الهائلة داخل الأراضي الفرنسية، بأن القوات البريطانية كان يمكن أن تتكبد خسائر فادحة. وتساءل الزعيم البريطاني عما كان يمكن أن يجنيه الاتحاد السوفيتي من مكاسب في حال منيت القوات البريطانية بمثل هذه الهزيمة. وأضاف ان أفضل مساعدة يمكن أن تجنيها القوات السوفيتية، تتلخص فيما أحرزته القوات البريطانية من انتصارات في تونس، وعبر الأطلنطي على مسافة عشرة آلاف ميل امتدت فيها ذراع القوات البحرية البريطانية حتى  رأس الرجاء الصالح، وحيث استطاعت بمساعدة القوات البحرية الأمريكية سحق القوات البرية والجوية لبلدان المحور. وكشف تشيرشل عن الكثير من جوانب تمركز القوات الألمانية ومعها بلدان المحور في منطقة البحر الأبيض المتوسط وفي إيطاليا وجنوب البلقان، فيما أعلن عن توقعاته بأن القوات البريطانية والأمريكية سوف تستطيع إخراج إيطاليا من معادلة الحرب بعيدا عن تحالفها مع ألمانيا، وفرض السيطرة الكاملة على حوض البحر المتوسط من جبل طارق وحتى بورسعيد في شرق المتوسط.

وخلص تشيرشل في هذه الرسالة إلى محاولة تفنيد مبررات ستالين التي ساقها لتفسير سخطه وغضبه من جراء أن الزعيمين البريطاني والأمريكي لم يستشيراه أو يناقشاه في مسالة تأجيل افتتاح الجبهة الثانية بقوله:

إنني أتفهم تماما الأسباب التي حالت دون لقائكم معنا ومع الرئيس (روزفلت) في الخرطوم حيث كان من المقرر أن نسافر إلى هناك في يناير، كما أنني على يقين من أنكم كنتم مصيبين في اتخاذ قرار عدم تخليكم ولو لمدة أسبوع واحد عن قيادة حملتكم الظافرة الهائلة. ومع ذلك فان فائدة وضرورة اللقاء تبدوان بالغتين . ولعلني أكتفي بالقول إننى أستطيع وبغض النظر عن درجة المغامرة، السفر إلى أي مكان تتفقان حوله مع الرئيس. ونحن ومستشارونا نعتقد أن "سكابا فلو" القاعدة الحربية البحرية الرئيسية في شمال اسكتلندا تعتبر مكانا أكثر أمنا، والأكثر سرية إذا قبلتم . وهو ما طرحته على الرئيس.

ولم تقتصر الخلافات بين ستالين وكل من تشيرشل وروزفلت على فتح الجبهة الثانية، حيث تجاوزتها لتشمل ما طرحه ستالين حول أهمية الاعتراف بجبهة التحرير الفرنسية بزعامة الجنرال دي جول، الذي لم يكن تشيرشل يثق فيه، فضلا عن زملائه في قيادة هذه اللجنة، وكان عددهم سبعة أضافوا إليهم سبعة آخرين.

وكان تشيرشل بعث برسالة إلي ستالين في 23 يونيو 1943 يقول فيها إنه علم، بالكثير من القلق، ومن خلال مولوتوف (وزير خارجية ستالين)، باقتراحه حول الاعتراف باللجنة الوطنية الفرنسية للتحرير، التي تأسست في الجزائر. وقال انه من المستحيل أن تعترف الحكومة البريطانية، ومن باب اولي حكومة الولايات المتحدة، بهذه اللجنة في القريب العاجل. وكشف عن عدم ثقة الزعيمين تشيرشل وروزفلت في دي جول، وأشار إلى خطورة ذلك على سرية العمليات الخاصة بإنزال القوات البريطانية والأمريكية على شواطئ جزيرة صقلية.

وتواصلت الرسائل، حتى الاتفاق حول لقاء وزراء خارجية البلدان الثلاثة في موسكو لبحث جدول الأعمال الذي كان من الممكن أن يجتمع حوله لاحقا الزعماء الثلاثة. وفي رسالته التي بعث بها إلى ستالين في 10 سبتمبر 1943، اقترح تشيرشل قمة ثلاثية تجمعه وستالين وروزفلت في قبرص أو الخرطوم في الفترة من 15 نوفمبر وحتى 15 ديسمبر، تاركا للزعيم السوفيتي حق الاختيار. وقال إنه على استعداد للقاء في طهران إذا كان ذلك مناسبا لستالين، وهو اللقاء الذي قال إن علي نتائجه سوف يتوقف التوصل إلى أفضل نهاية للحرب. ولم يمض من الوقت الكثير حتى سارع روزفلت وتشيرشل الى إبلاغ ستالين في رسالتيهما التي تسلمها في 10 سبتمبر 1943، باستسلام إيطاليا دون قيد أو شرط ، بعد نجاح القوات الأمريكية والبريطانية بقيادة الجنرال أيزنهاور في الوصول إلى الشواطئ الإيطالية على مقربة من نابولي.

وعلى ضوء النتائج التي توصل إليها وزراء خارجية البلدان الثلاثة في اجتماعهم الذي عقد في موسكو في أكتوبر1943، تقرر لقاء القمة التي جمعت ستالين وتشيرشل وروزفلت في مقر السفارة السوفيتية في طهران، خلال الفترة 28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1943.

وكان الزعيمان ستالين وتشيرشل استبقا مؤتمر طهران بعدد من الرسائل، استهلها تشيرشل برسالته "السرية والخاصة"، في 12 نوفمبر 1943، التي أعرب فيها عن شكره لستالين على "الهدية" التي تلقاها منه وحسن استقباله لوزير خارجيته أنطوني إيدن في موسكو خلال لقاء وزراء خارجية البلدان الثلاثة في 19-30 أكتوبر 1943. وقال تشيرشل إن رئيسي أركان القوات البريطانية والأمريكية يجب أن يلتقيا في القاهرة في 22 نوفمبر لمناقشة مجريات العمليات العسكرية، وما سوف يعقبها من حرب ضد اليابان. وبهذا الصدد أشار تشيرشل إلى المؤتمر المرتقب لرؤساء أركان القوات المسلحة للبلدان الثلاثة والذي أعرب عن أمله في انعقاده في 25 أو 26 نوفمبر. وكشف عن نجاحه في إقناع الرئيس الأمريكي روزفلت للمشاركة في مؤتمر طهران الذي سوف يضم زعماء البلدان الثلاثة. وفي رده على هذه الرسالة ورسالة مماثلة للرئيس الأمريكي، كشف تشيرشل في "رسالته السرية، الخاصة" عن اعتذاره عن إيفاد وزير خارجيته مولوتوف إلى القاهرة رغم أنه كان وعد الرئيس الأمريكي بذلك. وقال إنه سوف يكون موجودا في طهران مصحوبا بعدد من العسكريين في رحلته الى هناك. ورد تشيرشل على هذه الرسالة بأخرى مماثله في 15 نوفمبر، أعرب فيها عن موافقته على اقتراحات ستالين، فيما توجه بالتهنئة إليه بمناسبة "عمليات الهجوم الباهرة المتتالية التي تحرزها القوات السوفيتية".

وفي  23 نوفمبر 1943 أرسل تشيرشل رسالة "خاصة، وسرية للغاية " أخرى إلى ستالين يقول فيها إنه علم بأنه يريد أن تقيم البعثة السوفيتية في مقر سفارة الاتحاد السوفيتي. وأضاف أن الرئيس الأمريكي يفضل "على ما يبدو"، الإقامة في مقر البعثة البريطانية التي تقع على مقربة، ومن ثم يمكن تأمين الحراسة حول مقر البعثتين المتجاورتين". وقد رد ستالين على هذه الرسالة في 25 نوفمبر بأخرى أيضا "سرية للغاية وخاصة"، قال فيها إنه سيكون على استعداد للقائه في 28 نوفمبر في طهران عقب وصوله من القاهرة.

وتقول الوثائق إن هذا المؤتمر كان مدعوا إلى تقرير قضايا الحرب والسلام ومنها فتح الجبهة الثانية في غرب أوروبا في مايو 1944، وهو التاريخ الذي تأجل حتى السادس من يونيو في نفس العام وشهد إنزال قوات الحلفاء على شاطئ نورماندي، وتحديد موعد العمليات العسكرية ضد اليابان والتي جرت في سبتمبر 1945، ووضع استراتيجية ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وكانت الخلافات قد احتدمت في هذا المؤتمر حول موعد وموقع فتح الجبهة الثانية، فضلا عن مصير ألمانيا، وإن تبدت مؤشرات تقول بموافقة الزعيمين روزفلت وتشيرشل على مناطق النفوذ السوفيتية في كل من بولندا ورومانيا ومنطقة شرق أوروبا.

على أن الأكثر إثارة فيما يتعلق بطهران، تداولته الألسنة في إطار ما تردد حول نجاح المخابرات السوفيتية في درء عملية إرهابية كانت دبرتها ألمانيا الهتلرية، بهدف اغتيال الزعماء الثلاثة في العاصمة الإيرانية. وتقول المصادر الروسية على موقع قناة "روسيا اليوم":

إن المخابرات السوفيتية تولت مهمة ضمان سلامة انعقاد مؤتمر طهران وحماية زعماء التحالف المعادي لهتلر. كما أفلح رجال الاستخبارات من مجموعة جيفورك فارتانيان في إحباط محاولة اغتيال ونستون تشيرشل رئيس الوزراء البريطاني

ونعود إلى المراسلات المتبادلة بين الزعماء الثلاثة ومنها ما احتدم من جدل حول ما نشرته صحيفة "البرافدا" (الجريدة الرسمية، ولسان حال الحزب الشيوعي السوفيتي)، عن مراسلها في القاهرة حول لقاءات سرية بين روبنتروب وزير خارجية ألمانيا ومسؤولين بريطانيين، تمهيدا لعقد صلح منفرد بعد استيضاح شروط عقد هذا الاتفاق المنفرد، إلى جانب ما تعلّق بفتح الجبهة الثانية وعملية الإنزال التي قامت بها قوات الحلفاء علي شواطئ نورماندى في السادس من يونيو 1944.

وفي تعليقها حول هذه الحقبة التاريخية أشارت المصادر الغربية ومنها الموقع الإلكتروني لـ"بي بي سي" البريطانية إلى أن:

"جوزيف ستالين كان على يقين من ضرورة تقسيم ألمانيا لضمان عدم تحولها لاحقا إلى مصدر تهديد مستقبلي على بلاده، وللحصول على تعويضات ضخمة، من مال وآليات وحتى رجال، للمساعدة في إحياء أمته المحطمة. كان ستالين يدرك تماما أنه يحتاج لموافقة القوى الغربية لتحقيق ذلك. وهذا ما أدركه ونستون تشرشل. والتقى الاثنان في موسكو، في أكتوبر عام 1944، وناقشا فكرة تقسيم أوروبا إلى مناطق نفوذ بين الاتحاد السوفيتي والقوى الغربية، من منظور ما أدركه الزعيم البريطاني تشيرشل حول أن ملايين الجنود السوفيت الذين طردوا ألمانيا من وسط وشرق أوروبا يفوق عددهم الجنود الغربيين الحلفاء في الغرب، ما يعني أن بريطانيا لن تستطيع ان تفعل شيئا، إذا أراد ستالين الإبقاء على قواته هناك". 

ومن هنا يستمد أهميته مؤتمر يالطا الذي جمع الزعماء الثلاثة ستالين وتشيرشل وروزفلت في 4-11فبراير 1945 في توقيت مواكب لترنح القوات الألمانية تحت الضربات السوفيتية في شرق أوروبا والتي استطاعت مع حلول شهر أبريل 1945، تطويق برلين ودخولها لتغرس راية النصر السوفيتية ذات المنجل والمطرقة فوق قبة الرايخستاج في قلب عاصمة ألمانيا الهتلرية، قبل أن تصل إليها قوات الحلفاء التي كانت تعثرت في وقت سابق عند الحدود الغربية لألمانيا الهتلرية. وفي يالطا وفي قصر ليفاديا المنتجع الصيفي لآخر قياصرة روسيا الإمبراطورية نيكولاي الثاني، اجتمع الزعماء الثلاثة حيث توصلوا، وحسب ما نشرته المصادر الغربية وفي مقدمتها "بي بي سي" البريطانية، إلى اتفاق حول تقسيم مناطق النفوذ في القارة الأوروبية. 

وبهذا الصدد قالت "بي بي سي":

إن الغلبة كانت في أوروبا الشرقية للاتحاد السوفيتي الذي كسر جيوش ألمانيا، بعد أربع سنوات من الحرب الطاحنة. ولكن بينما كان الاتحاد السوفيتي يعيش نشوة الانتصار العسكري، كانت البلاد تعاني من دمار شديد، إذ قتل ثلاثة أرباع مجمل الجنود الألمان الذين سقطوا في المعارك على الجبهة الشرقية

 وأضافت

إن التقديرات أشارت إلى أن واحدا من بين كل سبعة مواطنين سوفيت لقي حتفه جراء الحرب، ووصل مجموع من لقوا حتفهم من السوفيت إلى 27 مليون شخص، ثلثاهم من المدنيين ويعتقد بعض الأكاديميين أن الرقم أكبر من ذلك بكثير.

ودمرت الحرب مدن البلاد وأغنى أراضيها، كما أدت الحرب إلى محو الصناعات والمزارع والمنازل وحتى طرق برمتها.

أما عن الأهداف الحقيقية للزعماء الثلاثة فقد أشارت إليها "بي بي سي":

كان جوزيف ستالين مصمما على النهوض ببلاده بعد الحرب. وقد جاء إلى يالطا بحثا عن منطقة نفوذ في أوروبا الشرقية لتمثل منطقة عازلة لحماية الاتحاد السوفيتي.

كما أراد تقسيم ألمانيا لضمان عدم تشكيلها مصدر تهديد مستقبلي على بلاده، وللحصول على تعويضات ضخمة، من مال وآليات وحتى رجال، للمساعدة في إحياء أمته المحطمة. كان ستالين يدرك تماما أنه يحتاج لموافقة القوى الغربية لتحقيق ذلك.

وفهم ونستون تشرشل أهداف ستالين. والتقى الاثنان في موسكو، في أكتوبر عام 1944، وناقشا فكرة تقسيم أوروبا إلى مناطق نفوذ بين الاتحاد السوفيتي والقوى الغربية.

وأدرك تشيرشل، أيضا، أن ملايين الجنود السوفيت الذين طردوا ألمانيا من وسط وشرق أوروبا يفوق عددهم الجنود الغربيين الحلفاء في الغرب، ولم يكن ثمة شيء يمكن أن تفعله بريطانيا إذا أراد ستالين الإبقاء على قواته هناك."و"بعد أسبوع من المحادثات، أعلن الزعماء الكبار الثلاثة قراراتهم للعالم. فبعد استسلامها غير المشروط، تم الاتفاق على تقسيم ألمانيا وبرلين إلى أربع مناطق سيطرة، واحدة لكل دولة من الدول المشاركة في يالطا، والرابعة حظيت بها فرنسا.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن إلزام ألمانيا بدفع أقصى قدر ممكن من التعويضات، وشُكِّلت لجنة في موسكو لتحديد المبلغ المستحق عليها. 

ونختتم هذه الحلقات بالرسائل التي احتدم فيها النقاش بين الزعماء السوفيتي ستالين والبريطاني تشيرشل والأمريكي ترومان الذي خلف روزفلت، الذي وافته المنية إثر إصابته بأزمة قلبية في أبريل 1945، حول الموعد المقترح لإعلان استسلام ألمانيا النازية.  

وكان السيد تشيرشل بعث في 5 مايو، برسالة "شخصية وخاصة" الى المارشال ستالين يقول فيها:

1- أبلغني الرئيس ترومان أنه بعث إليكم برسالة يرجو فيها التنسيق بيننا في تحديد يوم واحد مشترك، لإعلان نبأ الإنتصار في أوروبا.

2- وأعتقد بالنسبة لي أن الوقت الأمثل للبيان المشترك حول إعلان يوم النصر هو منتصف النهار، وأن إعلان البيان لن يستغرق أكثر من ثلاث-أربع دقائق، مع الاخذ في الاعتبار التوقيت الصيفي في بريطانيا أي بعد ساعة من توقيتكم، وما يعني أن إعلان الرئيس ترومان سيكون في واشنطن الساعة السادسة صباحا، وهو ما لن يكون مناسبا لشعب الولايات المتحدة. ولذا أقترح الموافقة على الرأي الأمريكي، بما يعني تحديد الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت الصيفي في بريطانيا أي الرابعة بعد الظهر بتوقيتكم، وذلك سوف يسمح بأن يعلن الرئيس ترومان بيانه في التاسعة صباحا بتوقيت واشنطن.

3- أرجو إبلاغ الرئيس وإبلاغي في أسرع وقت ممكن عما اذا كنتم توافقون على ذلك 

وذلك ما وافق عليه ستالين في السادس من مايو، وأبلغ رئيس الوزراء البريطاني تشيرشل بهذه الموافقة.

لكن رئيس الوزراء البريطاني عاد ليبعث برسالته إلى المارشال ستالين يقول فيها إن الجنرال أيزنهاور يقول بصعوبة الإبقاء على خبر إستسلام ألمانيا طي الكتمان، ولذا فهو يقترح تغيير توقيت الإعلان إلى اليوم 7 مايو في تمام الساعة السادسة بتوقيت بريطانيا، أي السابعة بتوقيت موسكو والثانية عشرة ظهرا بتوقيت واشنطن.

ولم يمض من الوقت الكثير حتى عاد تشيرشل ليبعث إلى المارشال ستالين "برسالته السرية للغاية والخاصة" يقول فيها إنه تلقي رسالة ستالين وكذلك خطاب الجنرال أنطونوف إلي الجنرال أيزنهاور الذي يقترح فيه تأجيل الإعلان عن استسلام ألمانيا حتى التاسع من مايو 1945، وهو ما قال تشيرشل في رسالته إنه لا يناسبه لأن البرلمان سوف يطالبه بالمعلومات حول ما جرى توقيعه بالأمس في ريمس (وهو البروتوكول التمهيدى لإعلان إستسلام ألمانيا).

وكان ممثلو القيادة الألمانية قاموا بتوقيع الصك النهائي لاستسلام ألمانيا في برلين في الثامن مايو، فيما قام الرئيس ترومان بإعلان ذلك في التاسعة صباحا بتوقيت واشنطن، وهو ما قال تشيرشل إنه يتوقع من المارشال ستالين ان يفعله حسب الاتفاق في الثامن من مايو.

ومع ذلك فلم يتراجع المارشال ستالين في إعلانه عن بيان النصر في التاسع من مايو لأسباب ثمة من يقول إنها تتعلق بتأجيل الإعلان حتى الانتهاء تماما من إخماد جيوب المقاومة في شرق برلين والتي كانت رفضت الاعتراف باستسلام قياداتها، وهو ما سجله في احتفالاته الكبري في الميدان الأحمر حيث استعرض بعض من قوات النصر، مستعرضا ما راح يقذف به العديد من أبطال هذا النصر برايات الرايخ والقوات الالمانية تحت أقدام وجنود القوات السوفيتية على مقربة من جدران الكرملين.

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

التعليقات

القيادة العامة في سوريا تكلف مرهف أبو قصرة بحقيبة وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة

برلماني إيراني يكشف عن رسائل غير مباشرة من إيران إلى إدارة العمليات العسكرية في سوريا

"على صوت عبد الباسط الساروت".. السفارة السورية لدى السعودية تحتفل بسقوط نظام بشار الأسد (فيديو)

سوريا.. "القيادة العامة" تكشف ما دار في اجتماع الشرع مع وفد الخارجية الأمريكي

كيف رد أحمد الشرع على سؤال حول تعليم النساء والسماح بشرب الكحول في سوريا مستقبلا؟ (فيديو)

عبد الرحمن: استقبال عناصر النظام البائد وتسوية أوضاعهم ممن لم يرتكبوا جرائم حرب ضد شعب سوريا مستمر

الكرملين: الصواريخ التي تستهدف أراضينا يوجهها متخصصون أمريكيون