فقد روجت بعض الماركات العالمية لأزياء الملابس الداخلية لمنتجاتها على أنها تحمي الخصيتين من الآثار الضارة لموجات الراديو المنبعثة من الهواتف المحمولة، وبالتالي تساعد على الحفاظ على عدد الحيوانات المنوية وارتفاع معدلات الخصوبة.
وقد تحمي بالفعل هذه السراويل الداخلية الأعضاء التناسلية للرجال من الإشعاع، ولكن هل يواجه الرجال الذين يضعون هواتفهم المحمولة في جيوبهم، فعلا خطر العُقم؟
إذ شهدت فكرة أن الإشعاع الكهرومغناطيسي في نطاق تردد موجات الراديو يمكن أن يسبب العقم لدى الرجال إما بشكل مؤقت أو دائم، انتشارا كبيرا لفترة طويلة.
وذكر كتاب "وهج غريب: قصة الإشعاع" (Strange Glow: The Story of Radiation)أنه "أثناء الحرب العالمية الثانية تطوع بعض المجندين وبشكل غير مفهوم للعمل بمهام بالقرب من الرادار فقط قبل أيام الإجازة المقررة لهم، واتضح أن هناك شائعات كانت متداولة تقول بأن التعرض لموجات الراديو الصادرة عن معدات الرادار تؤدي إلى العقم المؤقت، وهو ما رآه بعض الجنود ذا فائدة في عملهم، فدفع ذلك الجيش إلى محاولة معرفة ما إذا كان هناك مادة إشعاعية تصيب بالعقم، إلا أن البحث توصل إلى أن موجات الراديو لا تسبب العقم".
وطُلب وقتها من هيرمان مولر، الحاصل على جائز نوبل في الطب عام 1946 لأبحاثه عن الآثار الفسيولوجية والوراثية للإشعاع، تقييم الآثار المترتبة عن موجات الراديو على ذبابة الفاكهة، التي كانت النموذج التجريبي المستخدم لإظهار مدى أضرار الأشعة السينية على تكاثر الإنسان.
وخلص مولر إلى أن موجات الراديو لا تشكل تهديدا للخصوبة، إلا أن الأشعة السينية قادرة على تدمير الخلايا والأنسجة، والسبب في ذلك هو اختلاف أطوال الموجات.
وأظهرت البحوث أن الطول الموجي يحدد آثار الإشعاع، فالموجات الأقصر تحمل كميات أكبر من الطاقة من الموجات الأطول، والأشعة السينية قادرة على تدمير الخلايا والأنسجة بسبب موجاتها القصيرة للغاية، وبالتالي فهي حيوية للغاية وضارة جدا للخلايا، أما موجات الراديو فتحمل القليل من الطاقة بسبب موجاتها الطويلة جدا، وهذه الإشعاعات ذات الطول الموجي الطويل لديها طاقات منخفضة جدا لا يمكنها أن تتلف الخلايا.
وبذلك تسبب الأشعة السينية، وغيرها من الموجات عالية الطاقة، العقم وذلك بالقضاء على خلايا الخصية التي تنتج الحيوانات المنوية، ويجب أن تكون جرعات الأشعة السينية عالية للغاية لقتل خلايا تكفي للإصابة بالعقم، وحتى في حال كانت الجرعات عالية فإن تأثيرها المؤدي للعقم يكون بشكل مؤقت لأن المني يبقى على قيد الحياة، وقادر على تفريخ بدائل للحيوانات الميتة، وعادة ما تعود أعداد الحيوانات المنوية إلى معدلاتها الطبيعية في غضون بضعة أشهر.
والجدير بالذكر أن مجمل التقارير العلمية التي تبحث في مسألة العقم الناجم عن الهواتف المحمولة تفتقد إلى الأدلة المثبتة في المختبرات، وهي غالبا استنتاجات فردية تعتمد على بيانات تجريبية محدودة، وكثيرا ما يتم نشرها في المواقع والمجلات المشكوك في صحة أخبارها العلمية.
وبذلك تكثف جميع هذه الأدلة بأنه لا علاقة للهواتف المحمولة بالعقم والخصوبة عند الرجال، بل إن هناك عوامل مختلفة أخرى تؤثّر على عدد الحيوانات المنوية، خاصة وأن موجات الراديو لا يقتصر وجودها فقط على الهواتف المحمولة، إذ أن موظفي الإذاعة يتعرضون لجرعات هائلة من موجات الراديو، ولكن ليس هناك ما يدل أن لديهم أي مشاكل مع خصوبتهم، فإذا لم تواجهم مشاكل في الخصوبة مع تلك الجرعات العالية، كيف يمكن للجرعات المنخفضة نسبيا الصادرة عن الهواتف المحمولة أن يكون لها مثل هذا التأثير؟.
المصدر: ديلي ميل
فادية سنداسني