ويأتي لقاء الوزيرين في وقت تدخل فيه تركيا بثقلها العسكري المباشر في الأزمة السورية عبر بوابة جرابلس الشمالية.
ومن المقرر أن يبحث الوزيران آليات فك ارتباط ما يعرف غربيا بالمعارضة المعتدلة عن المنظمات المصنفة دوليا بأنها إرهابية. ففي جنيف من يقول إن التوافق بات قريباً، إذ يدور الحديث عن فصلٍ طال انتظاره بين قوى المعارضة السورية عن الجماعات الإرهابية، وذلك تمهيداً لخطوة قادمة مشتركة قد تكون حاسمة في إطار مكافحة الإرهاب.. خطوة تنتظر وضع بعض النقاط على الحروف ووجود إرادة سياسية في هذا الشأن، وذلك وسط خلافات تعصف بواشنطن حول ماهية التعاون مع موسكو.
حلب، التي باتت في صلب المشهد الميداني المعقد في الشمال السوري، حاضرة أيضا بكامل ثقلها في جنيف، المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا استبق لقاء لافروف كيري بالتأكيد على أن القوافل الأممية للمساعدات باتت مستعدة للتوجه إلى عاصمة الشمال السوري بعد موافقة موسكو على تهدئة إنسانية للعمليات القتالية لمدة 48 ساعة أسبوعيا، وأنه، أي دي ميستورا، في انتظار موافقة الطرف الآخر؛ والحديث هنا عن الفصائل المسلحة في حلب الشرقية وداعميها الإقليميين والدوليين، والذين سيعملون، بحسب مراقبين، على استثمار أوراق الحسكة وجرابلس حتى آخر رمق ..
في جنيف دراية شبه تامة بأن لقاء الوزيرين ستكون له تداعيات تتجاوز المستوى السياسي، وذلك في انتظار الجولة الجديدة من المباحثات السورية السورية في العاصمة الأوروبية للأمم المتحدة.. مباحثات لا يزال كثيرون يرون أن انعقادها بعيد المنال.. التداعيات ستكون عسكرية أيضاً، في ظل خلط عملية "درع الفرات" التركية لأوراق المعادلة الميدانية، بداية فيما يتعلق بحجم التمدد الكردي في الجغرافيا السورية واستثماره أمريكيا، مرورا بالمنطقة الآمنة التي تتطلع إليها أنقرة لحماية حلفائها، وليس آخرا ما يرتبط بسؤال أساسي: إلى أين سينسحب داعش من المناطق التي سيدخلها الأتراك؟ هذا فضلاً عن عوامل متعلقة بالاستقطابات التركية الإيرانية، والتركية السعودية، والإيرانية السعودية، وذلك وسط مخاوف من أن الهدف يكمن في كبح جماح تقدم الجيش السوري وحلفائه في معارك الشمال، التي باتت بحسب كثيرين مفصلية في المعادلة السورية، وتحديدا في حلب..
ملفات متداخلة بشكل كبير تؤكد أن أهمية لقاء جنيف تكمن أيضا في أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والتي يمثلها الوزير كيري هنا، باتت قاب قوسين أو أدنى من الإنكفاء داخليا في ظل احتدام السباق الرئاسي بين المرشحين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، ما يعني أن الإدارة الحالية ستصبح قريبا "بطة عرجاء" لن تتخذ قرارات محورية في السياسة الخارجية، في انتظار تسليم الملفات للإدارة الجديدة، أي تأجيل التسوية في سوريا لشهور عديدة وإلى حين أن يتفاهم لافروف مع نظيره الجديد وهو ما قد يستغرق وقتا.
سرجون هدايه