وبعد يوم من أداء اليمين الدستورية أمام البرلمان، تسلَّم صالح الصماد، القيادي في جماعة الحوثيين، والذي اختير رئيسا لمجلس الحكم، مقاليد الأمور في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. ودعا الصماد دول العالم إلى الاعتراف بشرعية هذا المجلس وإعادة فتح سفاراتها في صنعاء، فيما واصلت طائرات التحالف قصف مواقع عسكرية للجماعة وحلفائها في صنعاء والحديدة وتعز ومأرب، كما أوقفت حركة الملاحة الجوية إلى مطار صنعاء باستثناء رحلات الإغاثة.
ولأن المتوقع هو أن يتجه مجلس الحكم الجديد نحو تشكيل حكومة موازية للحكومة المعترف بها دوليا، فإن المؤكد أن اليمن دخلت عهد الانقسامات، وسيصبح لها حكومتان: الأولى تتخذ من عدن مركزا لها وتبسط سيطرتها على محافظات الجنوب والشرق، فيما يسيطر تحالف الحوثيين وصالح على محافظات الشمال، وتحولت محافظات الوسط ابتداء من تعز ومرورا بمحافظتي إب والضالع وصولا إلى البيضاء ساحة لمواجهات مستمرة تأخذ طابعا جهويا حينا، وطائفيا أحيانا أخرى.
وبالتزامن مع هذا، تتركز المواجهات الرئيسة بين القوات التابعة للحكومة المعترف بها دوليا وقوات الحوثيين والرئيس السابق في محافظتي صنعاء وحجة؛ لأن الأولى تؤدي إلى العاصمة ومركز حكم الطرف المنافس، والثانية في محافظة حجة؛ لأنها تؤدي إلى ميناء الحديدة، وهو أهم موانئ البلاد والمنفذ الأساس لاستيراد المواد الغذائية والبضائع لغالبية سكان شمال البلاد ووسطها، وهو مورد مهم للأموال، وبالقرب منه يوجد واحد من أهم موانئ تصدير النفط الخام الذي يمر عبره نصف إنتاج البلاد من هذه المادة.
وبالتزامن مع هذه الخطوة، التي تعرضت للنقد من الجانب الدولي، وتصاعد القتال وعودة الغارات؛ زار نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر جبهات القتال في نهم شرق صنعاء وفي الجوف ومأرب، وبدا أن الحكومة المعترف بها دوليا ومن خلفها السعودية تريد خوض جولة جديدة من القتال، لعلها تجبر تحالف صنعاء على القبول بخطة السلام، التي اقترحها المبعوث الدولي الخاص باليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، رغم أن عاما ونصف عام من القتال لم يتمكن من إجبار هؤلاء على الاستسلام، ولا يُعتقد أن مواصلة الخراب ستؤدي إلى نتيجة مختلفة.
وتأكيدا لهذه النوايا، قال رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، الموجود في القاهرة للبحث عن مزيد من الدعم المصري، إن "الدولة ماضية في تحرير العاصمة صنعاء وبقية المناطق من المليشيا الانقلابية، وإن الأوضاع السياسية والاقتصادية بدأت في التحسن"؛ مشيرا إلى أن الحرب تسببت في ازدياد معاناة المواطنين في الداخل والخارج بسيطرة الحوثيين وأتباع الرئيس السابق على مؤسسات الدولة والتسبب بانهيار الاقتصاد اليمني.
وفي محاولة لتأكيد أن الحكومة بدأت تمسك بزمام الأمور في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والتي تشكل نحو 80% من مساحة البلاد، تحدث رئيس الوزراء اليمني عن البدء بتصدير النفط "بعد جهود شاقة بُذلت وبتعاون كبير مع دول التحالف العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة".
ومع انسداد أفق الحل السياسي وتشبث الطرفين برفض رؤية الآخر للحل السياسي ووجود حكومتين وجيشين، ستنمو الجماعات المتطرفة وتتوسع تحت غطاء من الانتماء القبلي أو المناطقي أو الهوية الطائفية، فيما تزداد معاناة المدنيين ويضاف ألوف منهم إلى قائمة الباحثين عن لقمة العيش والفارين من الموت وجحيم القتال.
محمد الأحمد