وقال بيتر كوك الناطق باسم البنتاغون في بيان أصدره إن الجيش الأمريكي شن غارات جوية محددة على أهداف لتنظيم "داعش" في سرت لدعم قوات الحكومة الوطنية في مسعاها لهزم التنظيم في معقله الأساسي بليبيا.
تدخل محدود
وتأتي الغارات العسكرية الأمريكية بعد أن تقدم رئيس حكومة الوفاق الوطني بطلب رسمي إلى الحكومة الأمريكية يطلب التدخل للمساعدة في القضاء على التنظيم الإرهابي بسبب ضراوة المعارك التي يخوضها الجيش الليبي ضد "داعش" في سرت منذ أزيد من ثلاثة أشهر.
وأعلن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في كلمة نقلها التلفزيون الليبي الرسمي انضمام بلاده للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، مؤكدا أنه وبالتنسيق مع غرفة عمليات "البنيان المرصوص" طلب من الولايات المتحدة المساعدة العسكرية بشكل محدود ودون وجود قوات مقاتلة على الأرض.
ولئن شدد السراج على أن التدخل العسكري الأمريكي سيكون محدودا في الزمان والمكان فإن الليبيين يخشون من أن يكون بداية تدخل أكبر في بلادهم التي غاب عنها الاستقرار الأمني منذ الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي عام 2011.
وحاول فايز السراج التركيز على أن حكومته هي المخولة وحدها بمنح الموافقة على أي عمل عسكري أجنبي في ليبيا، معتبرا أي تدخل خارج موافقتها بمثابة انتهاك للسيادة الليبية، في إشارة إلى تدخل فرنسي في شرق ليبيا لصالح الفريق المتقاعد خليفة حفتر، كُشف النقاب عنه مؤخرا.
نتائج ملموسة
وتعد هذه المرة الأولى التي يطلب فيها مسؤول ليبي رفيع المستوى تدخلا عسكريا أجنبيا في مدينة سرت مسقط رأس الزعيم الراحل معمر القذافي والتي ما تزال أحياء منها تحت قبضة مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي.
ويقول المسؤولون الليبيون والأمريكيون إن الغارات الجوية التي بدأت الإثنين؛ أعطت نتائج هامة تمثلت في قتل العشرات من مقاتلي التنظيم وتحرير أحياء من سرت التي توقف تقدم الجيش الليبي فيها منذ دخوله وسط المدينة في التاسع من يونيو/حزيران الماضي.
ونشر المركز الإعلامي لغرفة عمليات "البنيان المرصوص" صورا تظهر سيطرة الجيش على حي الدولار بعد تحريره من الإرهابيين خلال اليومين الماضيين إثر مواجهات عنيفة؛ كما تظهر الصور آثار دمار واسع وألغاما زرعها مقاتلوا التنظيم. وقال المتحدث باسم غرفة عمليات مصراتة - سرات محمد الغصري إن قواته تتقدم على الأرض نحو "قصور الضيافة الفندقية" بالمدينة مدعومة بسلاح الجو الذي يستهدف تمركز العدو قرب مستشفى ابن سيناء والحي رقم 3.
وعلى الرغم من التقدم المعلن؛ إلا أن تنظيم "داعش" ما زال يسيطر على مناطق استراتيجية في وسط المدينة، بينها الجامعة والمستشفى الرئيسي ومركز واغادغو للمؤتمرات؛ ويعتقد أن بحوزتهم كميات كبيرة من الذخائر والمؤن تسمح لهم بمقاومة الكتائب المسلحة التابعة للجيش الليبي.
إشادة دولية
وسبق للولايات المتحدة أن شنت عدة غارات ضد أهداف في سرت على غرار بعض المدن الليبية الأخرى التي اغتال فيها الجيش الأمريكي قادة بارزين في تنظيم "داعش"، حيث أغار الطيران الأمريكي على سرت في نوفمبر الماضي وقتل القيادي أبو نبيل العراقي الذي الذي تصفه واشنطن بأنه أبرز قيادي في التنظيم الإرهابي.
وتعتبر ليبيا أكبر معقل لتنظيم "داعش" خارج موطنه الأصلي في سوريا والعراق، فقد قدر تقرير للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمام مجلس الأمن الشهر الماضي عدد مقاتلي التنظيم في ليبيا بأنه يتراوح بين 2000 و 5000 مقاتل، يوجد معظمهم في سرت.
ولا توجد إحصاءات دقيقة حول أعداد مقاتلي "داعش" في سرت بعد العمليات العسكرية؛ لكن وزيرة الدفاع الإيطالية روبيرتا بينوتي أشادت في تصريحات صحفية بعملية "البنيان المرصوص" التي تقودها حكومة الوفاق الوطني، مشيرة إلى أنها نجحت في تقليص أعداد مقاتلي التنظيم من 6000 إلى 600 فقط.
وستشكل استعادة مدينة سرت إنجازا نوعيا لحكومة الوفاق الوطني، حيث ستفتح الطريق الرابط بين مختلف مناطق ليبيا، بالإضافة إلى أنها ستعزز ثقة المجتمع الدولي في الحكومة الشرعية؛ وهي مع ذلك تعني عمليا هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي.
سيد المختار