يشير هذا التقرير إلى أن اجتياح العراق تم بناء على معلومات "مغلوطة"، وأن صدام حسين لم يكن يشكل تهديدا على الأمن البريطاني، ما دفع جهات داخلية في المملكة للمطالبة بمحاكمة رئيس وزراء البلاد في حينه توني بلير، الذي أعرب عن أسفه إزاء التدخل العسكري في العراق، مشيرا إلى أن "العواقب كانت تحمل طابعا أكثر عدائية ودموية وأطول مدة مما كنا نتصوره"، دون أن يغفل عن التنويه بأن "العالم بلا صدام حسين أصبح ولا يزال أفضل"، ومشددا على أن قرار التدخل العسكري اتخذ "بحسن نية".
يبدو توني بلير وكأنه يسعى للظهور أمام البريطانيين والعالم بأنه الأبله الصادق، الذي وقع في فخ الخديعة من جهة، وبأنه اتخذ قرار المشاركة في اجتياح العراق بنية صافية بناء على المعلومات المغلوطة التي استند إليها.
بعيدا عن تداعيات هذا الملف وما إذا كان سيقدم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق للمحاكمة، هناك حقيقة ثابتة وهي أنه لن يتعهد أي مسؤول بريطاني أمام العالم، أو لشعبه على الأقل، بأن بريطانيا لم تقع في "فخ" يتم إعداده الآن بناء على معلومات "مغلوطة" جديدة، هذا في حال سلمنا أن بريطانيا لم تشارك في تلفيق التهم لصدام حسين.. دون الخوض في الجرائم التي ارتكبها الرئيس "الديكتاتور" في حق شعبه وفي حق العرب ككل.
ما الهدف من تقرير "شيلكوت" الآن ؟ هل بريطانيا أو أي من دول "العالم المتحضر" ممن شاركوا في تدمير العراق على استعداد لتحمل المسؤولية كاملة.. سواء باتخاذ خطوات حقيقية من شأنها الحد من تقسيم البلاد أو بتعويض العراقيين عما عانوه ابتداء من 2003؟
وهل العالم معني بتقرير بريطاني يؤدي فيه توني بلير دور كبش الفداء، كي تظهر بريطانيا أمام العالم بوجه حضاري.. علما أنها تمارس سياسات لا تجعلها تختلف في شيء عن أي عصابة؟
النخبة الحاكمة في بريطانيا لا تختلف عن نظيرتها على الجانب الآخر من المحيط.. إنها عصابات حقيقية لا تتورع عن خداع شعوبها.. وها هي أخبار الساعات الأخيرة.
العالم على موعد مع بكتيريا جديدة تحمل اسم "سينثيا"، تم تركيبها مختبريا، كوسيلة غير مكلفة مقارنة مع غيرها للتخلص من النفط المسرب في خليج المكسيك في 2010، بناء على قرار شركة "بتريتيش بتروليوم"، المسؤولة عن التسرب، لقدرتها على امتصاص النفط.
فقد باتت "سينثيا" مصدر تهديد حقيقي للكائنات البحرية ولكل من يقترب من الشاطئ إذ تفضل "سينثيا" التهام كل ما هو مُتاح أمامها عن امتصاص النفط.
أعاد هذا الخبر إلى الأذهان صورة الرئيس الأمريكي باراك أوباما يستعرض مهاراته في السباحة في خليج المكسيك في 2010 كي يطمئن الأمريكيين أنه ليس هناك ما يثير المخاوف بعد تسرب النفط في مياه الخليج.
مشكلة الرئيس الأمريكي لا تكمن في البكتيريا بل في أن باراك أوباما الذي التقطت الكاميرات صورا له وهو يسبح في خليج المكسيك، كان في الواقع يسبح في خليج سانت أندريو في فلوريدا حيث لم تتعرض المنطقة لأي تلوث، ما يعني أن الرئيس الأمريكي، حتى قبل اكتشاف الكوارث التي تتسبب بها "سينثيا"، ارتكب جريمة في حق شعبه بتضليله مع سبق الإصرار والترصد.. بعد عام من نيله جائزة "نوبل" للسلام.
فهل ننتظر تقريرا جديدا، أمريكيا هذه المرة، ليخرج علينا "رجل السلام" باراك أوباما بوجهه "الحضاري" مقدما اعتذاره عن جريمته ومعربا عن "حزنه العميق" هو أيضا؟
وهل سيطالب أحدهم بمحاكمة أوباما على غرار المطالبة بمحاكمة بلير؟ لكن المؤكد هو أن محاكمة بلير على جرائمه قد تستمر عشرات السنين، دون أي ضمان بأنه سينال أي عقاب.. وأن العالم سيكون دائما في حالة ترقب اعتذار جديد عن جريمة قديمة.. ينهي فصلا في مسرحية الإرهاب الدولي وينذر بفصل دموي آخر.
علاء عمر