عملياً، انتهت عاصفة الحزم بسيطرة التحالف على كامل الساحل اليمني وقبل دقائق من بدء جلسات المباحثات توج التحالف هذه السيطرة بالاستيلاء على جزيرة زقر في أرخبيل حنيش في البحر الأحمر واستكمال السيطرة على الممر البحري الواقع بين مضيق باب المندب والحدود البحرية مع السعودية.. لكن الرياض وحلفاءها لم تتمكن من هزيمة الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح وبات التحالف اليوم على قناعة بأن الحل السياسي هو الطريق لمعالجة الوضع في اليمن ومنع تمدد "داعش" الإرهابي..
منذ أسابيع، كان التحالف يحاول تحقيق انتصار إضافي في تعز بعد الانتصار الذي حققه في جنوب اليمن وفي محافظة مأرب شرق صنعاء لكنه لم يتمكن من تحقيقه وخسر اثنين من أبرز القادة العسكريين الذين أرسلهم الى اليمن، ولا يستطيع التحالف اليوم أن ينكر أنه أنهك وأن استمرار القتال غير مجد، وأن المدنيين في اليمن دفعوا ثمنا أكبر من الحوثيين وأنصار صالح .
شهور من المواجهات والمعارك والقصف.. والنتيجة أوضاع لا تتغير على الأرض ومواقف أكثر تصلباً ولا سبيل، وفق مراقبين كثر، للوصول إلى حل عسكري.. والتقدم والكر في جبهة، يقابله تأخر وفر في جبهة أخرى. والتصريحات لم تتبدل، والمطالب ذاتها من الجانبين.
الطرف الحكومي وممثلو الحوثيين ومؤيدو صالح يلتقون وجها لوجه في برن السويسرية للمرة الأولى منذ بداية الحرب وهناك جدول أعمال متفق عليه وتطورات على الأرض وموقف دولي داعم لخيار السلام.. لكن التفاؤل الكبير بنجاح المباحثات يحتاج وقتاً إضافيا حتى يتحول إلى واقع .
المباحثات التي تعقد بعيدا عن أعين الصحفيين تحقق وفق جدول الأعمال المتفق عليه غايات الطرفين، فهي تمنح الحكومة حق تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بشأن استعادة سلطتها على المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وعلى الجانب الآخر تضمن للحوثيين وصالح البقاء كأطراف سياسية فاعلة في الساحة السياسية إلى جانب تنفيذ مطالبهما المتعلقة بتعديل وثائق مؤتمر الحوار الوطني وتشكيل حكومة جديدة.
وإذا قدر لهذه المباحثات أن تنجح استنادا إلى تجربة تسعة أشهر من القتال، وقناعة إقليمية ودولية بأن الحرب توفر مناخا ملائما للجماعات الإرهابية وتلحق الضرر بملايين اليمنيين، فإنها بذلك ستفتح الباب أمام مسار سياسي انتقالي قد يمتد لأكثر من عامين، أما إن فشلت فستفتح الباب على مصراعيه أمام صراع داخلي قد يكرر التجربة الصومالية.
محمد الأحمد