مباشر

شباب العراق يمَّم وجهه شطر مافيات التهريب لغرض الهجرة إلى أوروبا

تابعوا RT على
يشهد مطار النجف الدولي إقبالا كثيفا من قبل شباب المدينة وباقي مدن الفرات الأوسط على الرحلات المتجهة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا .

يأتي ذلك ضمن الهجرة الواسعة الجديدة التي يشهدها العراق منذ بداية شهر آب/أغسطس الماضي والتي جاءت بعد أزمة اقتصادية خانقة يعيشها العراق وفوضى الوضع الأمني والسياسي.

وكان الآلاف من العراقيين خصوصاً من الشباب قد غادروا عبر مطارات البصرة والنجف وبغداد وأربيل إلى الأراضي التركية للتوجه بعدها الى اليونان ومن ثم الى دول أوروبا للاستقرار فيها.

ويقول المندوب في شركة الخطوط الجوية العراقية رياض حسين إن “إقبال الشباب كان كبيراً للحجز على خط نجف – اسطنبول”، مشيراً إلى أن “قرابة 170 مقعداً تحجز يومياً، ما أدى إلى شغل غالبية مقاعد الرحلتين اليوميتين إلى اسطنبول على مدى الأسابيع الأخيرة. هذا بعد تأكيدات من وزير الهجرة جاسم محمد أن وزارته تعمل على حل المشكلات والمعوقات التي تؤدي إلى هجرة المواطنين العراقيين إلى الخارج وأن وزارته قلقلة من تفاقم الظاهرة..

وقال الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب العراقي في بيان أصدره مكتبه "إننا نشعر بالأسى البالغ ونحن نرى البلد يفقد خيرة شبابه وأبرز طاقاته ومصدر قوته عبر تنامي ظاهرة هجرتهم إلى دول أخرى"، مؤكداً أن هؤلاء الشباب وجدوا في الهجرة وترك البلاد حلاً لمشكلاتهم ومتنفساً يجدد الأمل عندهم في مستقبل أفضل.

وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان قد أعلنت غرق 17 عراقياً أثناء هجرتهم غير الشرعية لأوروبا مؤكدة أن أغلب العراقيين الوافدين والمقيمين في تركيا بدأوا يلجأون إلى المهربين والمافيات من أجل التسلل إلى دول الجوار من دون الاكتراث بالمخاطر التي تواجههم أثناء الهجرة عبر البحار، لا سيما أن المهربين يستخدمون زوراق متهالكة أو تحميلها بما يزيد عن قدرة استيعابها.كما أكدت المفوضية العيا لشوؤن اللاجئين أن 195 ألفاً من العراقيين قد تقدموا لها خلال هذا العام.

ويقول غسان العطية مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية إن هجره العراقيين للخارج تعكس المرارة التي يعانونها في بلدهم. ولقد صدق العطية في ذلك، إذ أن شباب الأنبار مثلاً الذين تركوا محافظتهم بعد سقوطها بيد داعش لا يسمح لهم بالدخول إلى بغداد إلا بكفيل وإن من يريد الانتقال في بغداد العاصمة من منطقة الأعظمية، مثلاً الى الكاظمية أو بالعكس لا بد أن يمر بعدة سلطات أمنية بالرغم من فشل كل هذه الإجراءات في منع تفجيرات تكاد تكون يومية في مختلف مناطق بغداد.

بل ان وضع من نزحوا الى كردستان العراق بعد سقوط نينوى بيد داعش في حزيران 2014 وغيرهم هو قرابة مليوني عراقي ليسوا أفضل من ذلك فهم يعشيون أوضاعا مأساوية في الخيم التي توفرت لهم هناك. إضافة إلى أن جيل الشباب من غير النازحين ومن محافظات الجنوب والفرات الاوسط المستقر نسبياً، سواء منهم من تخرج من الجامعة أم لا، لم يعد يجد عملاً أو وظيفة وسط أزمة اقتصادية خانقة تواجه البلد بسبب هبوط أسعار النفط إضافة إلى فوضى سياسية وأمنية وفساد كان قد قرر كثير منهم نهاية تموز الماضي ان ينتفض في حراك شعبي مطالبا بالإصلاح والمصالحة لكنها لم تجد طريقها بعد للواقع العراقي المر.

جدير بالذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي تزخر بدعاية غير مسبوقة تروج للهجرة غير المشروعة فماذا يمكن أن تكون النتيجة أمام شباب محبط وبلا عمل وهو يواجه ظروفا إنسانية مريرة ولا يرى أمامه أي بارقة أمل في مشروع إنقاذ وطني ينتشله من وضعه المأساوي سوى أن يستجيب لهذه الدعوات ويجازف ويقبل المغامرة ويقرر الهجرة وهو يرى ويسمع أن أصدقاء له كثر جازفوا ووصلوا، على الرغم من المخاطر، الى إحدى الدول الأوروبية بعد ان باع أحدهم بيته أو سيارته وكل ما يملك ليتمكن من تحقيق حلم الاستقرار.

ختاماً، يتساءل أستاذ الإعلام العراقي الدكتور لقاء مكي هل ان تكلفة تهريب اللاجئيين من العراق لأوروبا التي انخفضت إلى الربع في ستة أشهر، وأصبح العالم أكثر إنسانية، وهوس اللجوء أصبح كالحمى. كان مجرد صدفة؟ ويختم حديثه قائلا نحن نعيش في غمرة تحول تاريخي كبير، بكل تجلياته تشير إلى تغيير في خريطة المنطقة وثقافتها وحتى علاقة شعوبها بالدين.

عمر عبد الستار

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا