وبدأ الجيش المصري، في وقت مبكر من فجر الجمعة الماضية، ضخ كميات كبيرة من مياه البحر الأبيض المتوسط ، نقلت عبر مواسير مياه، في المنطقة الحدودية المحاذية لمصر، جنوبي مدينة رفح قي قطاع غزة،وسيلة جديدة للقضاء على الأنفاق الممتدة، بطول 14 كيلومترا، عبر الشريط الحدودي المصري مع غزة، وذلك بهدف تدمير أكثر من 1000 نفق، الأمر الذي حول الأنفاق إلى مناطق من البرك الممتدة.
- مصر دمرت قرابة ثلاثة آلاف نفق تهريب حدودى خلال ثلاثة أعوام
القرار المصري بالتوظيف المبتكر للمياه في إغراق أنفاق غزة جاء كورقة أخيرة فرضتها المواجهة الراهنة للجيش مع الجماعات التكفيرية بعدما نجح في تدمير نحو ثلاثة آلاف نفق خلال عمليات امتدت قرابة ثلاثة أعوام ، جربت خلالها مصر وسائل عدة لمواجهة الخطر الذي يتهددها عبر الأنفاق على مر سنوات الحصار الماضية.
- منطقة حدودية عازلة بعمق 1500 مترا
مصر أعلنت في أكتوبر الماضي إقامة منطقة حدودية عازلة بطول الشريط الحدودى الفاصل بين الأراضى المصرية وقطاع غزة، بعمق يزيد عن 1500 متر مرشح للزيادة إلى 3000 متر، لكشف الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي أمام القوات المسؤولة عن تأمين الحدود، وإفشال أي محاولة إرهابية للتسلل عبر الأنفاق.
- جدار مبارك الفولاذي عطلته الثورة
في نهاية عهد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أمر بإنشاء جدار فولاذي عازل على الحدود مع وجود أنبوب يحقن في باطن الأرض لتدمير الأنفاق لكن ثورة يناير لم تمهله، ثم واصل الجيش المصري بعدها منذ عام 2013 موجات متتالية لتطهير سيناء من الجماعات الإرهابية تخللتها عمليات تدمير متتالية للأنفاق.
- الأنبوب المائي الضخم أنجزه سلاح المهندسين العسكريين في عدة أشهر
الخطوة الأخيرة التي انتهجها الجيش المصري لتدمير الأنفاق، التي مثلت صداعا للأجهزة الأمنية المصرية، كانت تتمثل بتركيب أنبوب مائي عملاق قطرة 20 بوصة، على طول الحدود مع قطاع غزة، لغمر التربة بمياه البحر بهدف تدمير الانفاق.. سلاح المهندسين عكف خلال الشهور القليلة الماضية على الوصول لأنسب الحلول، من أجل مكافحة الانفاق، بعد اقامة منطقة عازلة بطول 14 كم على طول حدود مصر مع قطاع غزة.
- "حق الشهيد" أضخم عملية عسكرية في سيناء منذ حرب أكتوبر
الوسيلة الجديدة التي انتهجتها مصر بالتزامن مع عمليتها الشاملة "حق الشهيد" لتطهير سيناء من الإرهاب والجماعات التكفيرية التي خاضت معها حربا مفتوحة ، في أكبر عملية عسكرية للقوات المصرية منذ حرب أكتوبر 1973 ، والتي ساهمت في قتل 526 إرهابيا وضبط 617 مطلوبا ،وتفجير 462 عبوة ناسفة،وتدمير 98 عربة و29 مخزنا للمتفجرات.، وإحراق 585 مقرا للجماعات التكفيرية ، تعد خطوة مكملة للعمليات العسكرية تعظم فائدتها على الأرض وتساعد في تظهير مثلث الإرهاب في منطقة العريش – رفح – الشيخ زويد.
- حماس تستغيث بالقاهرة بعد إغراق الأنفاق
بمجرد إعلان القاهرة مشروعها الجديد تعالت صيحات واستغاثات المسؤولين في حكومة حماس بقطاع غزة، حيث أكد الناطق باسم الحركة، سامي أبو زهري، أن المشروع يشكل خطورة كبيرة على المياه الجوفية وتهديداً لعدد كبير من المنازل على الجهة الفلسطينية، و أن الحركة أجرت اتصالات رسمية مع القاهرة لـوقف هذه الخطوة.
- اتهامات لأبومازن بتحريض القاهرة على استخدام المياه
على الجانب الآخر، وجهت الآلة الإعلامية المناصرة لحركة حماس هجوما شرسا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأذاعت حوارا متلفزا قديما له على إحدى الفضائيات المصرية طالب فيه مصر بإغلاق الأنفاق سواء بإغراقها بالمياه أو ببناء سياج حديدي على الحدود، مؤكدا سعيه الحثيث لتدمير الأنفاق ، ووجهوا له اتهامات بالدعوة لمحاصرة الشعب الفلسطيني.
- إغراق الأنفاق فكرة لخبراء أجانب منذ عام 2009 أجلتها مخاطرها البيئية
إغراق مصر للأنفاق بمياه المتوسط عبر اقامة ممر مائي على بعد 100 متر فقط من الحدود المصرية مع قطاع غزة حيلة مصر الأخيرة وورقتها الرابحة في القضاء على الأنفاق بعد جربت كل الطرق والحيل ، ورغم أن خيار إغراق الأنفاق بمياه المتوسط كانت متاحة للنظام المصري منذ عام 2009 إلا أن مخاطر استخدام المياه المالحة في تلك المنطقة على طبيعة التربة ومخزون المياه الجوفية ، فضلا عن وجود كتل سكنية متاخمة للشريط الحدودي أجلت طويلا هذه الفكرة التي قدمها لمصر خبراء أمريكان ، ومع استمرار معاناة مصر من آثار اختراق أمنها القومي عبر أنفاق غزة التي خرجت عن سيطرتها وأضحت تمثل تهديدا واضحا للأمن القومي المصري أتخذ القرار منذ عدة أشهر ، بالتزامن مع تكليف الفريق أسامه عسكر بقيادة القوة الموحدة للجيش المصري لقيادة العمليات في سيناء ، وتم تكليف سلاح المهندسين العسكريين بإعداد وتنفيذ الفكرة ، ومع اقتراب جاهزيتها ، واستمرار مواجهات الدولة مع الجماعات الارهابية والتكفيرية في سيناء كان قرار العملية الشاملة حق الشهيد قبل نحو إسبوعين من تنفيذ الممر المائي الفاصل الذى حول أنفاق غزة إلى برك مائية ، بسبب الطبيعة الرملية لتربة تلك المنطقة ، ولعل مما سهل اتخاذ قرار الممر المائي إخلاء المنطقة بعمق 1500 متر قابلة للزيادة.
- كل المعالجات المصرية للقضاء على الأنفاق في السابق فشلت
من يتوقف أمام التعامل المصري مع أنفاق غزة يجدها قديما غضت الطرف عنها لتبقى متنفسا للفلسطينيين المحاصرين في غزة ، ووصل الأمر في العقد الأخير من حكم مبارك أن أشيع أن الأمن القومي المصري هو من يدير الأنفاق بتكليف من مبارك لغوث أهل غزة لكن مع تطور الأمر تحولت الأنفاق إلى تهديد أمنى فكرت مصر في أكثر من طريقة منها الحائط الفولاذى الذي لم يكتمل ، والتدمير ، والملاحقة ، والتعنيف القانوني للشركاء المصريين ، تطورت إلى حد إخلاء الشريط الحدودي لكن كل ذلك لم يكن حلا مجديا لإنهاء تحدي الأنفاق للأمن القومي المصري ، الأمر الذي اضطر مصر لقرارها الأخير للإغراق كحل أخير للخلاص من صداع الأنفاق في رأسها ، و للمرة الأولى تعالت صيحات حماس بما يؤكد أن الضربة هذه المرة قاسمة وموجعة وآتت أكلها.
إيهاب نافع